أخطأ ياسين وأصابت كارين

25 - ديسمبر - 2013 , الأربعاء 04:14 مسائا
4101 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةأسامة غالب ⇐ أخطأ ياسين وأصابت كارين

أسامة غالب
غرق مؤتمر الحوار في قضية تحديد عدد الأقاليم، ولو أن الأحزاب السياسية المشاركة تحلت بقليل من الواقعية والعقلانية لما وقعت في هذه الحفرة..



يظل الحكم المحلي هو النظام الأنسب لليمن بشهادة كثيرين، والحكم المحلي كنظام ليس فيه حاجة اسمها واسع أو كامل الصلاحيات، فهذه مصطلحات اخترعها نظام المخلوع الذي قدم صورة مشوهة للحكم المحلي، والعجيب أن البعض يقيس عليها ويحكم بفشل هذه التجربة التي لم تمارس بقواعدها السليمة!!



لم تدرس القوى السياسية الواقع لمعرفة مواطن الخلل القائم، وبحثا عن تغيير وهمي قفزت إلى نظام الأقاليم وروجت له كحل سحري لانتشال البلد من الوضع التعيس الذي تعيشه وبدون دراسة متخصصة فقط اجتهادات شخصية من قيادات حزبية، والناس صدقوا وبدأ المنظرون بالتنظير، ورغم وضوح كثير من الحقائق لا تزال بعض الأحزاب مصرة على الأقاليم!!



هناك من يصر على إقليمين، وأبرز دعاة هذا الطرح هو الحزب الاشتراكي بزعامة أمينه العام د. ياسين سعيد نعمان، وهذا يثير مخاوف الغالبية كونه استدعاء لدولتين في ظل جمهورية بلا هوية مما يعني مقدمة للانفصال، وآخرون يرون أكثر من إقليمين وموارد البلد لا تحتمل ناهيك أن الشمال معقد وتوزيعه في أقاليم ليس سهلا، ولا يعقل أن نحل مشكلة بالجنوب ونخلق مشاكل في الشمال، وبالإمكان إعادة توزيع السلطة التي ليست موجودة أصلا والثروة البسيطة بدون تقسيم الوطن.. وبين هذا وذاك استغل حزب المؤتمر بقيادة صالح الوضع وحاول التمترس خلف الوحدة لإفشال مؤتمر الحوار تماما، ويقدم نفسه كمدافع عن الوحدة في الوقت الذي غدا إعلامه بوقا للأصوات الانفصالية!!



حزب المؤتمر يدرك أن الرئيس هادي يؤجل قرارات كثيرة بانتظار انتهاء مؤتمر الحوار وحفاظا على نجاحه، وهي قرارات من شأنها إحداث مزيد من التغيير المطلوب مما يقسم ظهر بقايا النظام ولهذا يسعى إلى إطالة الفترة الانتقالية تحاشيا لهذه القرارات المعلقة، والمشترك يسهل له هذه المهمة ولا فخر..



قبل أيام قدمت القائمة بأعمال السفير الأمريكي بصنعاء كارين ساساهارا في مؤتمر صحفي نصيحة في غاية الأهمية للقوى المشاركة بالحوار وهي عدم التوقف عند حكاية عدد الأقاليم وترك هذه القضية المعقدة للخبراء، وهي نصيحة سديدة جاءت على لسان هذه المرأة ولو أن القيادة السياسية -باعتبار أن الأمر قد رفع لها ولها كلمة الفصل- التقطتها لاختصرت الطريق.. لماذا لا يتم تشكيل لجنة تضم اقتصاديين وعلماء اجتماع وفنيين ومتخصصين تسند لهم هذه المهمة بعيدا عن أمزجة السياسيين، وهم بدورهم يدرسونها من حيث المساحة والكثافة السكانية والثروات وغيرها ويقولون لنا إن البلد بحاجة إلى كذا أقاليم وكل إقليم حدوده كذا.. حتى لو وصلت إلى 70 إقليما طالما أنها مبنية على دراسة علمية؟!



وهروبا من بعبع "الأخونة" ولقطع الطريق عن الشكوك والأوهام والمزايدات يتم إسنادها لخبراء أجانب ويلتزم الجميع بالنتيجة.. وبالمناسبة حدث في الثمانينيات أن الدولة كانت تريد شق طريق عام في إحدى مديريات تعز، وجاء المهندسون لتخطيط الطريق وكلما عملوا تخطيطا عارضه شيخ، فهذا يريد أن تمشي الطريق على قريته بأي وسيلة وهذا الشيخ ضد مرور الطريق على مزرعة قاته مهما كلفه من ثمن ويريدها من مكان آخر، والمصلحة والضرورة تقتضي مرورها من وسط المزرعة، وهكذا عجنوا المهندسين لأسابيع عجزوا عن وضع مخطط يرضي الكل ويتضمن أدنى المعايير.. وكاد المشروع أن يتطور إلى حرب أهلية بين المشايخ، وبالأخير اهتدى عقلاؤهم لفكرة ممتازة وهي إسناد المهمة لخبير أجنبي لا يعرف ولا يجامل أحدا وما حكم به يقبلوا به..



جاءوا بخبير صيني وشرحوا له أنهم يريدون شق طريق رئيسي للمنطقة يبدأ من هنا وينتهي في تلك النقطة، فقال الصيني يجب أن يسير على هذا النحو ويمر بهذه القرى، ورسم مخططا دقيقا ولأنه لا يجيد اللغة العربية لم يستطع المشايخ التأثير عليه أو حتى تهديده وتم المخطط بنجاح، ويعتبر هذا الطريق من أفضل الطرق تخطيطا في المديرية ولو أنهم استجابوا لرغبة المشايخ لعصدوها عصدا..



كان بمقدور المبعوث الأممي جمال بن عمر أن يقوم بدور الخبير الصيني لكن ثمة أطراف في الحوار تتهمه بالانحياز وأطراف تتهمه بإدارة البلد، ولهذا لا أتوقع أن تحظى مقترحاته بشأن الأقاليم بالقبول..



نحن بحاجة ماسة لخبراء أجانب يدرسون الوضع ويقولون إن اليمن يناسبه كذا إقليم وكل إقليم يضم هذه المحافظات، والشارع سيقتنع بطرحهم طالما أنها عملية مدروسة ومن أجنبي أيضا، وما على الأحزاب إلا الموافقة بدلا من خوض مغامرة غير محسوبة قد تدخل اليمن في نفق مظلم وتكون لعنة التأريخ على هذه الأحزاب التي قادتنا إلى هذا المصير..



ما طرحته كارين هو الحل، ونتمنى من د. ياسين بصفته رأس الحربة في المعركة الدائرة أن يقتدي بخليفة المسلمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما نزل عند رأي امرأة بخصوص صداق النساء وقال عبارته المشهورة "أخطأ عمر وأصابت امرأة".. نتمنى منه باعتباره شخصية وطنية ورمزا يحظى باحترام الجميع ويعول عليه الكثيرون في هذا البلد أن يخرج علينا ويقول "أخطأ ياسين وأصابت كارين" لكي نغلق هذا الفصل المعقد من الحوار ونمضي للأمام، فثمة شبه إجماع أن رأي د. ياسين سيقطع قول كل خطيب وسيشجع الرئيس هادي على اتخاذ القرار الصحيح، ولهذا يشن إعلام المخلوع حملة ضده.



* رئيس تحرير صحيفة

خياران لا ثالث لهما لخروج اليمن من عنق الزجاجة: إما أن يعقل الحوثيون وصالح شوية، أو يهزموا في الميدان، ومن خلال هذين الخيارين نستطيع قراءة مفاوضات جنيف مقدما والتنبؤ بمستقبل اليمن القريب، وهوية الحكام القادمين. الحوثيون لا يستخدمون العقل كثيرا »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء