لا مؤامرة ولا يحزنون !!

27 - أغسطس - 2014 , الأربعاء 03:57 مسائا
3921 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ لا مؤامرة ولا يحزنون !!

محمد علي محسن
لا مؤامرة ولا يحزنون !!
لا مؤامرة ولا يحزنون ؛ فكل ما هو حاصل الآن وفي أكثر من بلد عربي ليس إلَّا استحقاقاً سياسيا كان المفترض حدوثة في حينه وتحديدا مع ثورات وانتفاضات وقعت في اسيا واوروبا وامريكا اللاتينية .
فتؤخر هذه الاستحقاقات السياسية المتسقة مع العصر ومعطياته وقيمه وادواته ومفاهيمه بلا شك كان من تجلياته هذا المشهد المأساوي الكارثي السائد في عموم المنطقة .
شخصيا أعد ثورات الشباب افضل منجز يحقق للامة العربية التي لم تعرف في تاريخها حدثا بهذا المستوى والشمولية ، ومع أنها الحدث الاكبر والابرز والوحيد الدال على حيوية مجتمعاتنا وعلى وجودها الحضاري الانساني التاريخي فلا يبدو من سياق النتائج والتبعات السلبية الحاصلة الآن في الجمهوريات الثائرة على حكامها المستبدين الفاسدين ما يشيء ويؤكد بان العهد الثوري الجديد قد تكون وتشكل أو انه الآن في طور متقدم يتقاطع كليا او جزئيا مع حقبة الانظمة العائلية .
فيقينا ان ثورات كهذه لهي مدعاة للدهشة والاعجاب والالهام ، فلأول مرة ومنذ عقود ، بل قولوا قرونا ، يحرز المواطن العربي نتيجة ايجابية مشرفة جعلته محط احترام وتقدير المجتمعات الانسانية الحرة الثائرة السباقة في مضمار كفاحها الطويل والشاق لأجل قيم الحرية والعدالة والمساواة والكرامة .
فالحال اننا إزاء ارث مثقل بالمشكلات والازمات السياسية والمجتمعية والدينية والفكرية والثقافية والبنيوية التي لطالما تأجلت وترحلت ومن عقود وقرون دونما حل او معالجة حقيقية وجذرية ولو لليسير والطارئ منها .
فكثيرا وغالبا ما اعتمدت الانظمة السالفة اسلوب القمع والقتل والتنكيل والترويع والاقصاء والتهميش وسواها من ادوات الانظمة البوليسية .
النتيجة بالطبع ما تراه في الحاضر من تعدد في الجبهات المناوئة وفي الفصائل المحاربة وفي الشعارات والمسميات المختلفة التي ما فتأت تلقي بظلها على مجمل العملية السياسية المفترض بها ان تكون خالصة للعهد الجديد المنبثق عن ثورات ما سمي مجازا بالربيع العربي .
فما " داعش " وجبهة النصرة ، وانصار الشريعة ، والقاعدة إلا لوثة فكرية وذهنية نشأت في عقولنا وفي حياتنا وتحت سمعنا وابصارنا وبدعم ورعاية انظمتنا القمعية الفاسدة .
فالثورات هنا ليست سوى كمن يزيل الرماد عن جمر خامدة غاشية .فهذه الطائفة تطل براسها، وتلكم القبيلة تكشر عن انيابها ، وذاك المذهب ، وتلك الجهة والمنطقة ، وهنالك انظمة قديمة مازالت ماثلة بقوتها وجبروتها ورجالها وهنالك انظمة مازالت حائرة مرتبكة ما بين انتمائها للماضي أو الحاضر .
لنؤخذ اليمن انموذجا لبلدان الربيع ، فلدينا انصار شريعة وتنظيم قاعدة في الجنوب ، كما ولدينا حوثية وسلفية وهابية في الشمال ، زد لذلك لدينا فصائل حراك في الجنوب ، يقابلها فصائل ثورية في الشمال .
نظام سابق مازال شريكا مؤثرا وفاعلا في مجمل العملية السياسية بدءا بمناصفته في الحكومة ، مرورا بتمثيله في مؤتمر الحوار وحتى غالبيته في البرلمان والشورى ، هذا إذا لم نقل بتواجده الكثيف بدءا من رأس السلطة وانتهاء بعاقل الحارة .
كأن اسقاط اربعة حكام طغاة ومستبدين وفي سنة واحدة ليس إلَّا مؤامرة خارجية امريكية صهيونية هدفها تفتيت وتمزيق شعوب المنطقة وعلى هذه الشاكلة المؤلمة المشاهدة اليوم وفي أكثر من بلد عربي .
نعم لكأن المشكلات والازمات الراهنة ليست سوى نتيجة لهذه الثورات الشبابية الشعبية ! ولكأن حالنا قبل هذه الثورات كان مختلفا نقيضا يستوجب منا عظ اصابع الندم ! لكأن اوطاننا خالية تماما من أية انقسامات مجتمعية دينية وطائفية وجهوية وقبلية ! .
الصحيح هو ان معظم مشكلاتنا وازماتنا كانت قائمة وموجودة قبل احتلال امريكا للعراق أو حصار اسرائيل لغزة ، قبل بروز مفهوم الشرق الاوسط الجديد في زمن الرئيس الامريكي الارعن جورج دبليو بوش أو في عهد خلفه الرئيس باراك اوباما ، قبل هزيمة حرب الايام الستة في يونيو 67م أو بعدها ، في ظل وجود الزعماء صدام ومعمر وحسني وصالح وبن علي وبشار أو بعيد سقوطهم أثر موجات الاحداث المتتالية العاصفة بكل ارجاء المنطقة .
والصحيح – ايضا – ان المنطقة كلها واقعة تحت تأثير ماضيها المحرك لمجمل حاضرها . الحل من وجهة نظري كامن في قدرة مجتمعاتنا على احداث التغيير الذي يلبي طموحها المنشود ، هذا الحل محوره الاساس الدولة الديمقراطية العادلة الجامعة لكل مكوناتها وفئاتها المجتمعية ، غايته المواطنة المتساوية الخالية من كافة اشكال التمايز المقيت الطبقي والطائفي والمذهبي والجهوي والقبلي .
ختاما .. تعددت المسميات وبقت الصورة واحدة كاشفة لقبح لطالما ظل مخفيا ومتواريا عن الانظار والحلول . واقع مأساوي وكارثي ؛ لكنه بكل تأكيد يجلي حقيقة الاستبداد السياسي الذي رزحت لوطأته شعوبنا قرونا من التاريخ .
وعلى ذلك فإن ثورات الشباب تمثل فاتحة لخلاص من الهيمنة المستبدة الممانعة لكافة اشكال الحداثة والتطور الانساني والتاريخي ، فكل ما هو قائم الآن وعلى سوءته وكارثيته ليس إلا تعبيرا واقعيا لصورتنا المنسية المهملة المكبوتة في اعماقنا وذهننا وتفكيرنا حقبا زمنية .
ما يجري الآن وربما غدا اعده ثمنا للحرية والديمقراطية والحداثة ، فمعظم اوطاننا بقت اشبه بسجون كبيرة لمجتمعاتها ، فلم تكن ثورات الشباب إلا كمن يفتح ورم سرطاني غائر مزمن سرعان ما لقي استجابة كيما ينتشر في كامل الجسد المنهك المريض بفعل الاهمال الطويل او نتيجة اعتماده على المسكنات للألم ودونما محاولة تذكر لمعالجة أو استئصال لشأفة دائه العضال .
محمد علي محسن

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء