بن شملان ..حديقة الورد!!

01 - يناير - 2014 , الأربعاء 09:01 مسائا
3733 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد العمراني ⇐ بن شملان ..حديقة الورد!!

محمد العمراني
ذلك رجل ينبت للّغة ريش حين تأتي على وصفه ، وتمر أمامك حدائق الربيع وأنت تتصفح سيرته المنسية .
ليس له أتباع يعلقون صورته ، ولا حزب يكتب سيرته الذاتية كما يحلو له .

جاء هكذا على حين غفلة ، ركب الموج وسافر في قلب اليم ، و كان الآخرون على الشواطئ ينتظرون مركبه الشجاع حين يضيع في الخضم .

قال للناس سأكون رئيسكم ، أما هم فكانو يعيرونه ببياض شعر رأسه .
سقط في الانتخابات ، سقط يوسف الأحلام ، سقط مثل شرفة انهارت بكل أزهارها ، صفق المغفلون لسقوط حديقة الورد ، إلا أنها كانت قد مدت جذورها في الأخيلة ، فأثمرت ربيعا وغضبا وثورة .
لا نعلم الآن أيّك كان الأبهى ، حضورك الذي شغل المكان ، أم الغياب الذي يملأ الأخيلة والزمان ، حياتك أم الموت ، إذ أنك تحضر في موتك كما كنت في حياتك .

استنجد بنا وهو المحلق في الأعالي ، خذلناه كما نفعل دائما ، وهانحن بعد موته نبحث كيف نرثي أنفسنا التي خذلناها بخذلانه .

كيف يمكن أن تتحدث عن رجل جاء في زمن الشتات ، ومثل ساحر قدير بدأ يعزف سيمفونية الحرية والشجاعة والأمل ، ترك القوم الأحقاد وثملوا بروعة بالعزف ، عزف اليمن الذي صار لاحقا أغنية ومظاهرة ومسيرة وقلبا ينبض بحب الوطن في ساحات الثورة ، وكان الكهل السبعيني هو أول من قاد جمع العازفين .

في 2006 كان بن شملان يتحدث عن إشكالية اللغة التي تتعثر في التسمية ، قال إن الحزب الحاكم بعد كل هذه السنين لا يقبل بوجود معارضة ، " هذا هو السر " ، كيف إذن تعطونها اسم ديموقراطية ، كيف يمكن تسمية "انتخابات " وما معنى " برلمان " أو "هيئة تشريعية " ، كان يعلم كما يقول نيتشة إن " التسمية سلطة " ، وبداية التصحيح أن نسمى الأشياء بمسمياتها التي خلقت لوصفها .

قال بوضوح إن أي إصلاحات اقتصادية أو غيرها لا يمكن أن تتم دون إصلاح سياسي أولا .
قبل أن يتحدث أحد قال بن شملان كل شيء ، في ذات العام تحدث في أبين عن مشكلة الأراضي وطرق النهب المنظم لها ، وعن الذين طردوا من أعمالهم في الجنوب كان يردد " هؤلاء الأخوة الذين جلسوا في بيوتهم واخرجوا من أعمالهم من دون حق ، لابد أن يعودوا إلى أعمالهم ..هنالك عدم مساواة في التعامل أبدا في هذه الدولة ..وهذه الأخطاء يجب أن تصحح ،ويجب أن يكون لها حد ، ويجب أن نوقفها تماما.
أعلن بن شملان نفسه رئيسا من أجل اليمن ، أما هم ولأنهم لا يرون اليمن إلا فردا واحدا ، فقالو عنه " رئيس من أجل حميد " ، كما قالو عن الثورة حديث الإفك ذاته ، و في حين كان بن شملان يحمل مشروع الوطن كما كانت الثورة من بعده ، كانو هم يرون كل تلك الملايين البشرية والجغرافيا والحماس صورة وحيدة حصروها بمسمى حضر وحده في خيالهم ـ أو هم أرادوه كذلك - ، يتقنون هم صناعة البيادق ، ولهذا صار الناس كلهم في نظرهم أحجارا و بيادق .

لن يجد بن شملان من ينصب له نصب تذكار في ساحة عامة ، لكن المخيلة العامة تحفر الأسماء التي تحبها عميقا في الذاكرة ، ولذلك يتوهجون ألقا فيما تتحول النصب الفارغة إلى أضرحة للغبار .

لم يسمو باسمك شارعا ولا مدرسة ، لم يبنو موقعا الكترونيا شديد الابداع لسرد قصتك ، لم يؤلفو عنك كتابا معتبرا ، كل هذا الغياب الكبير لرجل كسر اسطورة الثقوب السوداء وخرج منها كما دخل محلقا ومضيئا .

ها نحن بعد هذا الغياب ، أو بعد هذا التغييب ، نتذكرك ونحيط اسمك بإكليل ورد .

وها أنا - أحد الذين أغرتهم وطنبتك - نصبت لك تذكارا في مخيلتي ، سميته نصب " اليمني الشجاع " وعلقت عليه وسام الحرية ، أزوره كلما أشتاق أن أعرف شيئا عن البطولة .

جاء بن شملان في زمن الصمت ، وبدأ يكتب لهذا الوطن عناوين العبور ، رحل الرجل العجوز وبقيت العناوين مكتوبة كما كانت .

مدينة يقتلها الخذلان محمد عمراني لم نكن نعلم أن مهمة منظمات المجتمع الدولي تتوقف فقط عند إحصاء القتلى والمصابين الذين تقتلهم أطراف الصراع . لدينا عشرات المنظمات ترفع تقاريرها عن #‏تعز لكن هذه التقارير المطبوعة بالألوان الفاخرة تتحول إلى »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء