اليمن " .. الهبوط السريع

19 - أكتوبر - 2014 , الأحد 06:19 مسائا
4383 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةعباس الضالعي ⇐ اليمن " .. الهبوط السريع

عباس الضالعي
"



سؤال افتراضي يدور في أذهان اغلب اليمنيين بما فيهم الموجودين ضمن دائرة الفعل الحاضر ، اليمن الى اين؟ اليمن .. ماذا بعد! ، ماذا بعد فشل المرحلة التي افشلها هادي ، وماذا بعد استلام سلطات الدولة من قبل جماعة انصار الله ! ولماذا الهبوط السريع !..

المعروف للجميع ان القرار في اليمن مصادرا لصالح قوى خارجية ، ولا يملك اي طرف خارجي حق السيطرة كليا على الوضع ، ليست ايران او السعودية او الخليج او امريكا او تركيا او بريطانيا او المانيا هم من يسيطرون على الوضع كلا بمفرده او حتى بشكل جماعي توافقي .

داخليا ايضا .. لايوجد طرف سياسي او اي قوة اخرى او مؤسسة رسمية هو من يتحكم بزمام الامر ، لا علي صالح وحزبه وعائلته ولا المشترك ولا الاصلاح وحلفائه ولا جماعة الحوثي ولا حتى الرئيس منتهي الشرعية ولا مؤسسة الجيش والامن .



درجات التأثير مختلفة والكل موجود وحاضر ومساهم بأحداث المشهد الحالي من القوى المحلية ، وكذلك القوى الاجنبية حاضرة ضمن الحراك العام وتختلف درجات تأثيرها ، مع هذا التفاوت في التأثير نجد بعض القوى لها تأثير قوي .

محليا تعتبر جماعة الحوثي هي من تحتل الدرجة الاولى في التأثير ويأتي علي صالح ثانيا ثم الاصلاح وحلفائه ثم المشترك والحراك ويقع الرئيس غير الشرعي في اخر قائمة التأثير ومعه مؤسسة الجيش والامن .

خارجيا، اقليميا ودوليا، يحتل مثلث ( السعودية ، امريكا ، ايران) المرتبة الاولى في التأثير علي المشهد اليمني ، و يأتي من بعده بعض الدول الخليجية والاوربية ، وهذا لايعني ان دول " المثلث " تجمعها مصلحة واحدة في اليمن ، وانما كونها الاكثر تأثيرا في المنطقة ومن ضمن ذلك اليمن .



سياسات معينة وغير محسوبة لدول الاقليم وبدوافع الخوف من تيار الاسلام السياسي الذي دفعت به ثورات الربيع العربي الي واجهة المشهد السياسي والسلطة الجديدة في كل دول الربيع العربي ، ومصدر الخوف الحقيقي لدى دول الاقليم " الخليجية " هو انتقال الربيع الي منطقة الخليج وهذا يعني اقتلاع العائلات الحاكمة ل 40% من الصادرات العالمية للنفط ، هذا الخوف نجح في فتح الخزينة العامة الخليجية لمكافحة " الاخونة " وهو الغطاء لضرب التيار الاسلامي بمختلف فصائله ( الاخوان، السلفيين، التيار الجهادي ، والحركات الشعبية ) وازاحته عن السلطة في دول الربيع العربي واينما وجد في اي دولة في العالم .



القوى الكبرى وجدت نفسها امام فرصة ذهبية لاجتثاث التيارات الاسلامية واضعاف حركة الاسلام وتشويه صورته ، وتجفيف منابعة البشرية والفكرية والمادية ، مستندة الي المخاوف لدى العائلات الخليجية ورغبتها بإستئصال كل ماله علاقة بتيار الاسلام السياسي واستعدادها لتغطية التمويل كاملا ، ودون اي سقف مالي محدد .

ايران ، امريكا .. وجدتا فرصتهما الذهبية للسيطرة والتحكم بالاحداث فيما يخص الوضع في اليمن والاستفادة بالتهور الخليجي لمكافحة جماعة الاخوان المصنفة خليجيا بالعدو الاول لانظمة الحكم العائلية ، امريكا وايران وقوى دولية اخرى تعرف ان هذا التصنيف غير استراتيجي ومخالف لقواعد الديمقراطية و التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الرأي والتعبير ويخالف المواثيق والاعلانات الاممية المتعلقة بالحقوق العامة للانسان .



امريكا تقرأ مستقبل المنطقة سياسيا وامنيا وجغرافيا جيدا وتعرف ان الوضع السياسي الحالي في المنطقة يقترب من الانفجار والتغيير ، وان القوى التي تتحكم وتحكم شعوب المنطقة " دول الخليج " تعيش مرحلتها الاخيرة بسبب شيخوخة تلك الانظمة وشيخوخة العائلات الحاكمة ، وان الشعوب تواقة للتغيير والحرية والديمقراطية .

امريكا والدول الكبرى تدرك حجم ايران السياسي والعسكري والاستراتيجي وتدرك تطلعاتها بتوسيع دائرة نفوذها الجغرافي والعسكري والسياسي ، وان منطقة الخليج هي هدف اساسي لايران لمد نفوذها علي دول المنطقة .

ايران هي المنافس القوي للنفوذ الامريكي في الشرق الاوسط وحتى اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ، وامريكا والغرب يهمها كثيرا امن دولة اسرائيل الذي يجب ان يكون الحزام المحيط بها آمن وضامن لحماية امن اسرائيل .



بالمختصر .. امريكا تضحي بنفوذها بمنطقة الخليج وتسهيل سيطرة ايران عليها مقابل عدم الاقتراب من دول الطوق بدولة اسرائيل ، وهذا واضح من خلال التنسيق بين امريكا وايران في العراق وسوريا ولبنان ، واتفاقهما بضرورة تحطيم العراق وسوريا ولبنان من اجل ضمان امن اسرائيل .

داعش .. تم انشائها لهدف ضرب فكرة الاسلام وسماحته وروحه في التعايش ، داعش تعتبر ظاهريا العدو الاول لامريكا وايران ، وتتواجد نسخ اخرى داعشية في كل دول المنطقة بما فيها اليمن .

اليمن .. بالنسبة لايران وامريكا هي مفتاخ خريطة التوسع الجغرافي ، ومن يريد السيطرة علي دول المنطقة " الخليج " يجب عليه السيطرة علي اليمن اولا ، هذا هو التفسير العملي للاهتمام العالمي باليمن الفقير والمتخلف ، اليمن هو منفذ ونقطة التقاء هامة .



مالذي يحدث ؟ .. ما يحدث هو تطبيق الجزء الرئيسي والعملي للاتفاقات والمخططات الاستراتيجية التي تعمل علي اعادة توزيع جيوسياسية المنطقة وهيكلتها علي اسس جديدة والتي تمثل اليمن المرحلة الاولى والاساسية لهذه المخططات .

القوى الخارجية استغلت فرصة الاختلاف السياسي وضعف الدولة وغياب السلطة واعتبرت هذه العوامل جاذبة للتحرك بتنفيذ الاستراتيجية ، كما ان عامل الخوف الخليجي من تيار الاسلام السياسي مثل حافز قوي لضمان التكلفة المالية ، الاخونة كانت العنوان المغري والمشروع لضخ الاموال الخليجية لضرب العدو اللدود للعائلات الخليجية ، قوى اقليمية دفعت ببعض الاطراف المحلية للتكفل بتوفير الغطاء العام للتمويل والبرامج المصاحبة ، الاختلاف وعدم وجود قيادة قوية والارتعاش الذي يعاني منه الكل كان هو البيئة الحاضنة للتمويل والاعمال اللوجستية .



السعودية لها غاية مشتركة ( عدو) هو التيار الاسلامي وجماعة انصار الله الحوثي الموالية لايران ومحاولة التخلص من الطرفان يعتبر بالنسبة لها انتصار استراتيجي .

علي صالح وفاتورة الاستحقاقات المتعلقة بالثأر من خصومه ، وهادي والسعي لتثبيت حكمه وتمديده ، والحوثي وتطلعاته المستقبلية وتغيير الواقع المحيط به ، هذه اهم المنافذ للدخول الي اليمن لتنفيذ المخطط الاستراتيجي المستقبلي لتحديد شكل المنطقة ، وكلا بحسب همومه وتطلعاته واهدافه ، فالهم الخليجي هو القضاء علي الاخونة ، والهم الامريكي والولي والايراني يتمثل بتوزيع الحصص وتثبيت دور كل طرف بما يلبي مصالحه الاسترا تيجية ..



من اجل هدف السعودية والامارات في القضاء علي الاخونة قدمت المليارات لهدم الحزام الواقي لامن الخليج القومي

من اجل امن اسرائيل تنازلت امريكا لايران للتوسع بالمنطقة .

من اجل الاتتقام لعلي عبدالله صالح ورد اعتباره وشفا غليلة بخصومة حطم اليمن.

من اجل بقاء هادي وحاشيته في الحكم باع وضيع اليمن.

من اجل بقاء الكيان السياسي سليما غضو الطرف عن رئيس يهدم ويبيع اليمن.

من اجل النجاح وضمان جودة المنتج تم وضع الجيش في الحياد .

من اجل رغبات خاصة بالتسلط تم تدمير البلد وتفكيك اجهزة الدولة .



مالذي يحدث في اليمن .. ما يحدث هو تطبيق برنامج اقليمي دولي لاعادة توزيع النفوذ وتثبيت مصالح الاطراف عن طريق العبث بالامن والاستقرار وضرب القوى بعضها ببعض ( رعبة خليجية) والنتيجة ستكون البقاء للاقوى .

السعودية الى الان حصلت على نتيجة " لحس كوع " فبدل ان تقضي على الاخوان فقدت حلفائها بشكل كامل واصبح من كانت تعتبره خصما استراتيجيا ( جماعة الحوثي الموالية لايران ) اصبح موجودا على حدودها كدولة ، واصبح على علاقة ودية مع الخصم الانفعالي ( الاخوان ) وبهذا خرجت السعودية بخسارة كبيرة .

غياب القيادة الوطنية مثل ضربة لليمن ستؤثر عليه لعقود قادمة ، ووجود قائد بمثل هادي وحاشيته هو انتصار للمخططات التدميرية التي تستهدف اليمن ، واستمرار وجوده خلال الفترة القصيرة القادمة سيكون اكبر عامل ينتج التطرف والارهاب بمسميات مختلفة قد تفوق الاشكال الموجودة في سوريا والعراق ، لان من يصرون على بقاء هادي في الحكم هم اصحاب المخططات التدميرية لليمن وبقاءه ستنتج داعش بنسخة متطورة وقواعد جهادية من اجل ارضاء السعودية وحبه في تدمير اليمن ، فشل السعودية في اليمن وتصدر جماعة الحوثي للمشهد الجديد سيدفع بالسعودية لتعزيز التواجد الارهابي بغرض مواجهة الحوثي ، وهذا الهدف السعودي هو هدف ايضا لهادي الذي يسعى لسحب العناصر الجهادية في الجنوب الى الشمال تحت ذريعة جهاد الروافض والمجوس وسيكون التمويل سخيا من السعودية .



بوادر احراق اليمن بدأت وملامحها الاولى تتمثل بسكوت هادي وتشجيعة على توسع الحوثي وتسليم هادي المحافظات له ليتولى هو واجهزته المتآمره على البلد بتجهيز السيارات المفخخة لاشعال نار الفتنة بين الحوثيين والقاعدة التي ستكون المظلة للجهاد ضد الحوثي وغطاء لكل من يرى بأن قتال الحوثي واجب دينيا .

الغايات القذرة والمهمات التدميرية وجدت اليمن ارض خصبة وسبب هذه الخصوبة يتمثل بوجود هادي على رأس السلطة ، هادي الذي عمل ضد الكل وضرب البعض ببعض ويسعى بإيجاد صيغ اخرى لتفتيت البلد ولا يمكن ان يكون هذا الجهد ( الخيانة ) دون مقابل وبدون ثمن ، الثمن تقريبا قد تم دفع الجانب المادي منه ويتم دفع الجانب المعنوي المتمثل بمنحه الشرعية للبقاء في السلطة مهما كانت درجات التدهور والتفتيت .



القوى الدولية والاقليمية تتعامل مع هادي كعامل اساسي لتنفيذ برامجها ، وبالطبع الكل اصبح لديه برامج واجندات نظرا لتحول اليمن الى ساحة صراع دولية واقليمية ، ويأتي هذا مع غياب كامل لاي قوة سياسية يمنية لها قدرة على التأثير وتحريك الشارع بإستثناء جماعة الحوثي التي يعزز الانفلات وغياب السلطة وضعف القيادة الى حالة تأييد شعبي واسعة .



الحقيقة اصبحت واضحة وضوح الشمس وسط النهار بأن هادي يعمل علي تحويل اليمن الي نسخة اخري من سوريا والعراق ، هادي يحضر العوامل والمبررات لنقل المشهد الدامي هناك وهذا ما يجب الانتباه له .

يعطي الضوء الاخضر لجماعة الحوثي بإستلام السلطة ويوعز لمطبخ نجله الاعلامي بتوفير المبرر نظريا بتسريب اخبار وقصص اصلها موجود ومتوفر وجاهز في دهاليز عصاباته .

استحضار الجماعات الارهابية هي احد مبررات بقاء هادي بالحكم .. هادي لا يهمه بضريبة بقائه في السلطة .. حتي ولو كانت كل اليمن .. كل الشعب!!



ما اتوقعه وبعد سيطرة جماعة الحوثي علي المحافظات والسلطات فيها هو المقايضة بالتيار الاسلامي المعتدل وتوجيه ضربة قاسية له مقابل اعتراف خليجي بشرعية الجماعة ، هذا مايجب ان يحسب له من الان ، وعلي جماعة الحوثي ان تدرك ان القضاء عليها لن يكون الا علي ايدي ضحاياها ..

الايام القادمة ستشهد عمليات تمنح جماعة الحوثي البقاء في العاصمة ومبرر السيطرة على باقي المحافظات ، وقد بدأ الاعلام المملوك لنجل الرئيس غير الشرعي بتسريب وفبركة الاحداث التي ستكون مقدمة للاحداث على الارض .

لانقاذ اليمن من هذا الوضع لابد من قيام حركة انقلابية تعمل على اخفاء كل القيادات والقوى التي كانت حاضرة في المشهد خلال الفترة الماضية ، وفرص نجاح الانقلاب اصبحت قوية ، على الحوثي اذا اراد ان يكسب الكل ويتوسع عليه القيام بالمهمة مع شرط التخفيف من عامل التأثير الخارجي ( الايراني والامريكي ) لان هذه الارتباطات هي من دمرت السابقون السابقون ..

لا شك ان اعتماد التحالف العربي على اعتماد سياسة هادي بتقدير الاوضاع الداخلية وتصنيفها وتقديمها للتحالف للتعاطي معها والتعامل معها كأهداف عسكرية وسياسية تعد من الاخطاء التي قد تلحق الخسارة بقوات التحالف من الناحية العسكرية . الرئيس هادي له حساباته »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء