فك الارتباط في أسابيع: ليش هو.. بُن؟

21 - أكتوبر - 2014 , الثلاثاء 03:44 مسائا
3636 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةنـاصـر يـحـيى ⇐ فك الارتباط في أسابيع: ليش هو.. بُن؟

نـاصـر يـحـيى
[1]



أثاروا الدنيا ضجيجا أن الوحدة فشلت لأنها قامت ارتجالية، مسلوقة، ودون إعداد حقيقي وسليم (رغم 18 عاما من الإعداد الرسمي لها)، وجعلوا ذلك أحد مستندات الدعوة لفك الارتباط والانفصال، واليوم يكررون ما يقولون إنه غلطة وعاطفة عمياء بالدعوة إلى الانفصال السريع ومعه تهديدات بطرد المواطنين الشماليين الموظفين خلال أسابيع.. ولكيلا لا ننسى فمن بين هؤلاء خرج الذين قتلوا وأحرقوا وطردوا إخوانهم من البسطاء (الشماليين) الذين كانوا يعملون في المحافظات الجنوبية (الذين كانوا يسمونهم بروليتاريا رثة وشغيلة بمختلف اللهجات!).. تقليدا لعمليات الطرد والقتل والحرق التي عملها الصهاينة في الأربعينيات لتخويف الفلسطينيين ودفعهم للهروب من بلادهم!



من قبح السوء الذي وصلنا إليه أن يجاهر البعض باسم القضية الجنوبية بمطالبة أبناء شعبه بالخروج من وطنهم، ولو كان متزنا وتمهل قليلا لتذكر أن قادة كبارا في صنعاء وغيرها هم من أبناء المحافظات الجنوبية: رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ونصف وزراء الحكومة ومثلهم في قيادات الجيش والأمن ومؤسسات التشريع والقضاء والاقتصاد الوطني، ومعهم مئات الآلاف من المواطنين الجنوبيين؛ يعيشون في أمان، ويتولون مسؤوليات خطيرة وأعمالا في مختلف أجهزة الدولة الرئيسية، ولا يجدون من يقول لهم: (اخرجوا من بلادنا!) فضلا عن أن يهددوهم أو يحددون لهم موعدا لإبراء الذمة من دمائهم! وكثير من هؤلاء ما كان يحلم بوظيفة مهمة أو بامتلاك منزل لو كان ظل يعيش في الدولة الجنوبية التي يراد إحياؤها من الرميم وكأنها دولة عمر بن الخطاب، وكأنها ليست الدولة التي شردت نصف مليون جنوبي على الأقل في مختلف أنحاء العالم؛ حتى يمكن القول إن نازحي الجنوب خلال ربع قرن كانوا يحتلون المرتبة الثانية عددا بعد اللاجئين الفلسطينيين في الوطن العربي!



[2]



كان من سوء حظ الوحدة أنها قامت على أيدي أسوأ مجموعة من السياسيين الذين حكموا البلاد، واليوم يبدو أن الانفصال إن نجح فسيقوم على أيدي أسوأ مجموعة من السياسيين والعسكر الذين يكفيهم سوءا أنهم بنوا مشروعهم على أكبر عدد من الأكاذيب السياسية والتاريخية والاجتماعية التي زيفوا بها وعي الناس استغلالا لمعاناتهم المعيشية! وإذا كان رؤساء كل مشروع هم دليل عليه فليبشر المواطنون في الجنوب على أيدي هؤلاء المتصدرين للقضية الجنوبية ومشروع الانفصال بما هو أسوأ وأنكأ مما حدث لهم خلال عهد النظام الشيوعي السابق؛ فهذا على سوئه فقد كان في قيادته شخصيات صاحبة مشروع اجتماعي وسياسي وطني وقومي وأممي (بصرف النظر عن صواب منطلقاته وفشل تطبيقاته).. أما هؤلاء فأبشروا بذئاب بشرية، حاقدة، وجائعة للسلطة ومستعدة لفعل أي شيء لتعود إليها بأي طريقة، ولن تسمح لأحد من معارضيها حتى الذين سيلتحقون بها في هذه الظروف أن ينافسوها على الغنائم! فهل تظنون أنهم يحملون في أعماقهم نفوسا إنسانية وقلوبا بشرية تعرف الحق وتخضع له وهم الذين لا يعرفون تفسيرا للقضية الجنوبية إلا أنها قضيتهم هم يوم خسارتهم للسلطة.. ولا يطالبون إلا بحقوقهم ومنازلهم فقط، ويتجاهلون مآسي الشعب على أيديهم التي تسببوا بها يوم كانوا في قمة السلطة.. فهم الجنوب والجنوب هم.. ومن يعارضهم يعارض الجنوب!



من المفارقات أن من بين قيادات الحراك وكوادره من عاشوا في الشمال يوم ضاق عليهم الجنوب في ظل دولته الظالمة المتجبرة، ويوم كان يعني لهم الدم والقتل والسحل والحبس فلم يجدوا أرضا تستقبلهم إلا الشمال.. بل إن السياسيين والعسكريين منهم ؛الذين يتصدر بعضهم الحراك اليوم؛ كانوا أسعد حظا من مئات الآلاف من المواطنين الجنوبيين البسطاء الذين لم يجدوا حكومة في الشمال تستقبلهم كالآخرين وتضمن لهم حياة أفضل حتى من الشماليين كما فعلت مع قادة الحراك!



اعطونا مثلا عن مواطن جنوبي بسيط هرب من الجنوب إلى الشمال، واستقبل كالزوار الأجانب، ووجد عناية ورعاية رسمية مثل باعوم أو هادي أو محمد أحمد ناصر، أو محمد أحمد علي وغيرهم من عسكريي الزمرة ومناضليها، أو القيادات التي شاركت في الانفصال ثم تابت وعادت وحدوية وتسلمت مناصب رفيعة في الدولة وحزب المؤتمر حتى الآن.. حتى الرئيس السابق علي ناصر كان حظه يفوق معظم السياسيين والعسكريين الجنوبيين من غير الاشتراكيين (باستثناء الأصنج حتى 1981وباسندوة حتى 2009).. كان الزمرة قرابة 30 ألف نازح من الكوادر العسكرية والمدنية الحزبية، وكثير منهم تبعتهم عائلاتهم، ومنهم من ما يزالون حتى الآن في أمان في صنعاء وغيرها، ومنهم واحد وصل إلى رئاسة الجمهورية، وثان يتولى وزارة الدفاع، وقبل يومين وجه بتوظيف 500 حوثي في عمران وهو شيء لا يملكه كل مشائخ اليمن ولا حتى الرئيس السابق علي صالح في هذه الظروف!

[3]



سيقول أحدهم إن تهديدات الطرد غير مسؤولة ولا تعبر عن إنسانية الحراك.. معاكم حتى الباب؛ فهل سمعتم بيانا حراكيا يندد بذلك أو يكذبه.. حتى الجنوبي الساكن في شارع الستين الغربي في أمان الله (بينما الشماليون في حالة خوف ورعب!) لم نسمع له تنديدا ولا استنكارا! ولا قرأنا لناشط حراكي سلمي قديم أو جديد استنكارا لذلك التهديد الهمجي الذي يؤكد أن القوم ما يزالون يعيشون أجواء الأيام السبع المجيدة، وسوف يكررون مآسيها ومآسي يونيو ويناير ومجازرها ودمويتها!



هؤلاء الذين يريدون فرض الانفصال في ستة أسابيع عليهم أولا أن يجهزوا مخيمات اللاجئين لعشرات آلاف الأسر التي نزحت من الجنوب إبان حكمهم، وقد تجد نفسها مضطرة للعودة إلى الجنوب ولم يعد لديها مكان تعيش فيه؛ لأن دراويش الدولة الجنوبية صادروا منازلهم واستولوا عليها بحجج مختلفة .. وكذلك عليهم أن يرتبوا مع صنعاء بهادي أو بدونه ومع الأمم المتحدة تفاصيل حقوقهم وأوضاعهم الوظيفية والإنسانية! وماذا سيكون مصير آلاف الأسر المختلطة.. هل يذهبون إلى الجنوب أو الشمال أم يبقون حيث هم وتتشكل في كل شطر: منطقة يمنيي 2014على غرار فلسطيني 48 أو الخط الأخضر؟



ثم أين سيكون مقام الرئيس هادي؟ هل سيكون رئيسا ولو انتقاليا في الجنوب حتى يتم إجراء الانتخابات؟ أم سيكون عليه أن يعود مواطنا عاديا أو ربما يفضل السفر إلى الإمارات أو السعودية؟ وقبل ذلك فمع من ستتم مفاوضات فك الارتباط التي دعا إليها البيان الحراكي: مع هادي وبحاح ومحمد أحمد ناصر أو مع الحوثيين وربما علي صالح؟ وماذا سيحدث لو رفضوا الفك والانفصال؟



ألم نقل لكم إنه ليس .. بُن! .. فحتى الاستفتاء يحتاج إلى عقول وليس مجانين يحملون السلاح.. وعلى هؤلاء أن يوطنوا أنفسهم أن النتيجة لن تكون بالضرورة (نعم) فليس كل الجنوبيين مؤيدين للانفصال، وعليهم أن يعوا أن من حق من يرفض الانفصال أن يمارس حقه في التبشير بموقفه دون خوف أو تهديد أو شتائم كما يحدث الآن بدءا من العمالة وانتهاء بالخيانة ومرورا بأنه شمالي وليس جنوبيا!



الاستفتاء على أي قضية ؛ولو كانت أقل اهمية من الانفصال أو الوحدة؛ يحتاج إلى ظروف مناسبة: سياسيا وأمنيا واجتماعيا، واشتراطات وضمانات قانونية؛ حتى يتم في أجواء صحية، ويعبر الجميع عن رأيهم بحرية، ويتقبل الجميع النتيجة مهما كانت مخالفة لمواقفهم (مش بعدين نسمع كلام عن تزوير وتلاعب!)، ولا بد من تحديد نسبة النتيجة المرجحة، وهل تكون أغلبية مطلقة مثلا (50+1) أو نسبة أعلى مثل(60% او 75%).. فالموضوع ليست خلافا سياسيا أو اقتصاديا على جرعة بل قضية وجودية فيها من التعقيدات ما لا يفهمه المتطرفون طوال حياتهم!



وعلى أصحاب شعار (الانفصال واجب علينا واجب) أن يعوا أن الجنوب أكبر منهم كلهم.. وهو ليس هؤلاء الذين يتقافزون هنا وهناك.. فهناك مئات الآلاف من الجنوبيين خارج الجنوب من حقهم أن يشاركوا في الاستفتاء (إن تم) وقبل ذلك لا بد من تنفيذ إحصاء عددي لهم حتى يتمكنوا من المشاركة!

ألم نقل لكم: إنه ليس.. بُن!



[4]



لا تصدقوا حكايات التصالح والتسامح التي تتردد في الإعلام الحراكي فهذه على طريقة (صليت لك تقرب!)؛ فهناك من الثأرات، والأحقاد، والتكالب على القيادة والزعامة ما ينذر بداحس والغبراء و13 يناير، ومكتب سياسي جديد.. أما عن أزمة الثقة بين مجاميعهم والأحقاد المناطقية والقبلية بينهم فحدث ولا حرج فهؤلاء هم الذين قتلوا رفاقهم القادة المؤسسين غدرا في السجون وغرف الاجتماعات ومؤسسات الدولة والمعسكرات وهم يهتفون بشعارات الثورة والوحدة!



واليوم والغنيمة تبدو قريبة المنال فسوف يزدادون غيا وعنادا وطمعا، وهل هناك أسوأ من قيادات شاخت في الفشل والإجرام خمسين سنة وها هي تريد العودة إلى منصة الزعامة من جديد وكأن شيئا لم يكن، وتستبيح في سبيل ذلك كل المقدسات الوطنية والقومية والإسلامية تحت مبرر الغيرة على القضية الجنوبية التي كانوا هم أول من لوث يديه بدماء أبنائها وحقوقهم وأمنهم، وشردوهم في كل مكان، وأذاقوهم صنوف العذاب والقهر التنكيل!

وخلاصة الكلام: الحية لا تلد عصافير!

نقلا عن المصدر اونلاين

[1] أعلم أن نشر الآراء والأخبار والتوقعات الصحفية عندنا في اليمن –كما هو حال بلدان عديدة أبرزها: مصر- عملية من عمليات مناطق السوق الحرة: ليس عليها جمارك، ولا ضرائب، ولا واجبات، ولا رقابة حقيقية على الجودة! لكن أن يصل الأمر إلى الحديث »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات