تناقص الإنتاج النفطي... الكارثة المسكوت عنها

16 - يناير - 2014 , الخميس 07:50 مسائا
3813 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةعبدالناصر المودع ⇐ تناقص الإنتاج النفطي... الكارثة المسكوت عنها

عبدالناصر المودع
تعاني اليمن من كومة هائلة من المشاكل المزمنة، ويوما بعد أخر تُضاف مشاكل جديدة إلى هذه الكومة. وتشكل هذه المشاكل في مجموعها حلقة مفرغة شريرة، تكون فيها كل مشكلة سببا ونتيجة للمشاكل الأخرى. ولسوء حظ اليمن؛ فليس هناك في الأفق ما يشير إلى أن هذه الحلقة ستتقلص أو حتى تبقى على ما هي عليه.

ورغم أن هناك انتباه إلى بعض المشاكل، كالدعوات الانفصالية في الجنوب، والعنف في محافظة صعده، وجوارها، وعمليات القاعدة، وغيرها؛ إلا أن هناك مشكلة لا تقل عن تلك المشاكل خطورة، إن لم نقل بأنها المشكلة الأخطر منها جميعا، والمتمثلة في تناقص الإنتاج النفطي في اليمن، والتي لا تجد أي اهتمام رسمي أو شعبي.

وقبل الدخول في تفاصيل هذه المشكلة، التي يمكن وصفها بالكارثة، سنوضح في الجدول التالي أهم المعلومات عن النفط في اليمن من خلال الجدول التالي:
النفط في اليمن

معدل النقص في إنتاج النفط منذ عام 2002 يتراوح ما بين 10:5% سنويا

معدل الإنتاج من النفط الخام في عام 2002 450 ألف برميل في اليوم

معدل الإنتاج من النفط الخام في عام 2013 190 ألف برميل في اليوم

نسبة النقص في الإنتاج عام 2013 مقارنة بعام 2002 58%

حصة الحكومة اليمنية من إنتاج النفط الخام في عام 2002 270 ألف برميل في اليوم

حصة الحكومة اليمنية من إنتاج النفط الخام في عام 2013 120 ألف برميل في اليوم

نسبة النقص في حصة الحكومة في 2013 مقارنة بعام 2002 55%

حجم المشتقات النفطية التي وفرتها الدولة للاستهلاك المحلي في 2013 110 ألف برميل في اليوم

حجم الاحتياج الفعلي من النفط للاستهلاك المحلي في 2013 130 ألف برميل في اليوم

نسبة انخفاض حصة الحكومة من إنتاج النفط في عام 2013 مقارنة بعام 2012 20%

القدرة التكريرية للمصافي المحلية تغطي ما يقدر بـ 60% من الاستهلاك المحلي

قيمة العائدات الحكومية من صادرات النفط الخام لعام 2013 2700 مليون دولار

قيمة الواردات من المشتقات النفطية لعام 2013 3000 مليون دولار

الفارق بين قيمة صادرات النفط الخام والواردات من المشتقات النفطية في 2013 300 مليون دولار (عجز صافي)

دخل الحكومة من مبيعات الغاز في عام 2013 في حدود 400 مليون دولار

نسبة الصادرات النفطية والغازية في عام 2013 في حدود 90% من إجمالي قيمة الصادرات

نسبة الدخل المباشر، وغير المباشر للحكومة من النفط والغاز يقدر بـ 70% من الإيرادات العامة

معدل الزيادة في الاستهلاك المحلي من المشتقات النفطية 5% سنويا

حجم الاحتياطي من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي نهاية 2013 5400 مليون دولار

• المعلومات الواردة في هذا الجدول مستقاة من البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة والبنك المركزي ووزارة النفط والمؤسسات التابعة لها.

بالنظر إلى الجدول السابق يمكن الخروج بالنتائج التالية، على افتراض عدم حدوث مشاكل أمنية أو سياسية، وهو أمر مستبعد تماما، ولهذا فإن هذه النتائج تعتبر متفائلة قياسا بالحالة المتوقعة:

1- أن انخفاض الإنتاج مستمر، ومن المتوقع أن يتوقف الإنتاج النفطي بشكل شبه كامل خلال 6 سنوات، في حال لم تحدث اكتشافات جديدة خلال هذه الفترة.

2- منذ منتصف 2013 أصبحت قيمة صادرات النفط الخام أقل من واردات المشتقات النفطية، ومن المحتمل أن تزداد قيمة الواردات بشكل مستمر خلال الفترة المقبلة. وبلغة الأرقام فإن من المحتمل أن تكون قيمة صادرات النفط الخام في عام 2014 بما يقارب 2400 مليون دولار، فيما يتوقع أن تكون قيمة الواردات من المشتقات النفطية لنفس العام بحدود 3200 مليون دولار، وهذا يعني عجز بـ 800 مليون دولار.

3- خلال الفترة الماضية، كانت الحكومة اليمنية تقوم بتخفيض كمية الاستيراد لمواجهة العجز في فاتورة الواردات النفطية، وهو ما كان يؤدي إلى أزمة في المشتقات النفطية خاصة مادة الديزل، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بإجراءات مماثلة في الفترة المقبلة. ولهذا؛ يتوقع أن تشهد اليمن أزمات متصاعدة في توفر المشتقات النفطية، وخلال سنتين، يتوقع أن يكون المعروض من المشتقات النفطية بأقل من نصف كمية الطلب. وهو ما يعني توقف، وتراجع للكثير من القطاعات الاقتصادية، التي تعتمد على المشتقات النفطية.

4- دخول محطة مارب الغازية الثانية للخدمة ستوفر لليمن ما يعادل 10 ألف برميل من النفط يوميا، غير أن أي توقف لمحطات مارب نتيجة الأعمال التخريبية أو غيرها، سيؤدي إلى انقطاع الكهربا فيما يزيد عن 80% من الشبكة العامة.

5- من المتوقع أن يزادا العجز المالي للحكومة اليمنية خلال السنوات المقبلة، بسبب تراجع الإنتاج النفطي، وليس بعيدا ذلك اليوم الذي تضطر الحكومة فيه إما إلى عدم القدرة على دفع مرتبات الموظفين وتقديم الخدمات الأساسية، أو اللجوء إلى طبع أوراق نقدية بدون غطاء كافي. وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير، وانهيار في سعر العملة المحلية.

6- من المتوقع أن تزداد عائدات الحكومة من الغاز في المستقبل، غير أن هذه الزيادة لن تزيد قيمتها في أحسن الأحوال عن 500 مليون دولار في السنة، تضاف للمبلغ الحالي والمقدر بـ 400 مليون دولار. ومع ذلك فإن هذه الزيادة لن تغير كثيرا من المعادلة الاقتصادية.

7- الأرقام التي ذكرناها في الجدول السابق هي أقرب إلى الصحة، وليس صحيحا ما يروج له عن وجود لكميات كبيرة من إنتاج النفط يذهب لناهبين، ومسئولين، فسوق النفط العالمية لا تسمح بحدوث أمر من هذا القبيل. فآلية شراء وبيع النفط في هذه الأسواق، إلى جانب بيانات الشركات المنتجة، تجعل من المستحيل إخفاء كميات من الإنتاج، كما يعتقد البعض.

8- تضافرت عدد من العوامل في تناقص إنتاج النفط في اليمن، بعضها يتعلق بنقص فعلي في احتياطات النفط، والبعض الأخر مرتبط بسوء الإدارة، وتردي الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن. ومن المتوقع وفقا للمعطيات الراهنة أن تتدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن مستقبلا؛ الأمر الذي يعني بأن النتائج التي ذكرناها تعد أفضل بكثير مما سيحدث بالفعل.

9- استمرار عمليات تفجير أنابيب النفط، والصراع على من يحق له الاستفادة من خدمات النفط، والعمل في شركاتها – كما يتم الآن في حضرموت – سيؤدي إلى التعجيل بحدوث الكارثة. ومن المحتمل أن يتراجع الإنتاج بشكل حاد، وقد يتوقف بشكل كامل في بعض الحقول، حين تسود الفوضى التي تلوح مؤشراتها فيما يسمى هبات حضرموت.

10- يتم الترويج لبعض المعلومات غير الصحيحة عن وجود كميات ضخمة من النفط في الجوف، ولا يعرف من يقف وراء هذه الأساطير، والأوهام. والحقيقة العلمية، أنه لا وجود مؤكد للنفط بالحجم الذي يتم تداوله، أو حتى بمستويات نفط مارب أو شبوه في محافظة الجوف، أو غيرها من المحافظات اليمنية. وما يؤكد ذلك؛ غياب الإنتاج النفطي في هذه المناطق خلال العهد السابق والحالي، حيث أن المنطق البسيط يقول بأن النظام السابق كان سيقوم بإنتاج النفط فيها، والذي كان سيمده بالقوة والنفوذ الذي كان يسعى لها، وينطبق نفس الأمر على العهد الحالي.

كثير من الدول المتخلفة كاليمن؛ تظل المشاكل تتفاقم ولا يتم الانتباه لها حتى تحدث الكارثة. ولهذا فإن الهدف من هذا المقال هو قرع جرس إنذار للجمهور، وللمسئولين؛ عله يجد أذان صاغية تعمل على القيام بخطوات فعليه لمواجهة هذه الكارثة قبل وقوعها. ومع شكي بحدوث أمر من هذا القبيل؛ فإن على الناس أن يستعدوا لأزمات بترولية أشد مما كان عليه الحال في 2011.

في نكتة سوداء تروى خلال عملية نهب صنعاء عن أحد سكانها، والذي كان مشهورا بالنظام والتهذيب، بأنه طالب من كانوا ينهبون منزله بشكل عشوائي، بأن ينهبوا بنظام، وفي اليمن، التي تعيش حرب قبيحة، ما أحوجنا لأن نطلب من المتحاربين بأن يحاربوا ولو بقليل من النظام »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات