علام الاستغراب يا سادة ؟!.

24 - أبريل - 2017 , الإثنين 05:20 مسائا
4241 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ علام الاستغراب يا سادة ؟!.

محمد علي محسن
علام الاستغراب يا سادة ؟!.

سألني احدهم : ماذا يحدث في محافظات الجنوب بعد تحررها من القوى الانقلابية ؟ وأين اختفت القوى الجنوبية التي يمكنها ضبط إيقاع الحالة المنفلتة المستهترة ؟!.
فقلت له : ما يحدث يا صديقي هو نتيجة طبيعية ومتوقعة لذاك الجنون الثوري القائل : اتركوا الشارع الجنوبي كي يعبر عن ذاته وكي يخلق قادته من أوساطه .
وما تراه ونراه ، هو نتيجة لتلك السنون الكفاحية التي ترك فيها الشارع يعبر عن آلامه وأحلامه ، ودونما ضابط او وعي او حصافة او قل قادة سياسيين يتحلون بالموضوعية والنضج .
نعم ، فنضال الجنوبيين ، كان يستلزمه فكرا وخطابا ونخبا توجه وتقود وترشد الجماهير التواقة للحرية والكرامة والانعتاق من أقبح نظام عائلي عسكري جهوي متخلف .
لكن تلك الانتفاضة الشعبية العارمة السباقة لكل الانتفاضات العربية التالية ، للأسف ، لم يصاحبها وطوال مسيرتها الا الخطاب الساخط الغاضب المستفز المنفلت .

صحيح ان الخطاب المرتفع نسبيا عما هو مألوف ، أعطاها زخما وحضورا إعلاميا وسياسيا ، لكنه ومن حيث لا يدري أفقدها رويدا رويدا بريقها الواصل وهجه الى دياجير وأمكنة عدة تجاوزت مساحة الجنوب .
فمثل اي انتفاضة او ثورة ، الجماهير الغاضبة - ايضا - كبرت وتضخمت أشبه بكرة ثلج ، وكلما زاد دورانها زاد حجمها وضررها وضحاياها .

وفي وسط هذه المعمعة والانبهار برزت قيادات يمكن القول انها في الأغلب لم تكن تحلم انها ستكون حاملة لراية تعد اكبر من حجمها وتفكيرها .
كما وتصدرت الأفكار الشوفينية الراديكالية الضيقة المشهد العام . ربما لم تدرك وقتها تلك القيادات الطارئة انها وبتلك الشعارات المتطرفة الملهبة لحماسة البسطاء ، ﺍﻧﻤﺎ تقضي على فرصها ، وتزيد من رصيد خصمها .
فلا يكفي مجتمع ما التوشح بعدالة القضية ، فما من قضية تنتصر دونما امتلاك أصحابها لأدوات إثبات وإقناع ، ودونما يكون لهؤلاء خطابا دال ومعبر عن روح الفكرة وعدالة القضية .

اذكر وقتها انني انتقدت النخب السياسية وفي سلسلة تناولات صحافية ، أعربت فيها عن خشيتي من ترك الشارع الجنوبي يمور غضبا وانفعالا وبغضا وانفلاتا .
طبعا ، النخب الحزبية عندما تخلت عن مواكبة حالة الغليان المتصاعدة في الجنوب ، خاصة بعد ان فتحت له أبواب النضال السلمي ، بعيد انتخابات الرئاسة في سبتمبر ٢٠٠٦م ،كان لها حسابها ومنطقها ، على اعتبار ان تماهيها مع شارع منفلت وعفوي في سلوكه وفعله ، سيكون له عواقبه القانونية والنظامية على تلك الأحزاب المعارضة للنظام .
اليوم فقط ، تتكشف الحالة التي لم تكن بحسبان ايا من النخب والقيادات الحزبية المتماهية ضمنيا وإعلاميا وخطابيا مع قضية الجنوب ابان سنوات الغليان والغضب .
هذه الحالة الغريبة برزت قبل الحرب ، لكنها وبعد تحرير المحافظات باتت شاخصة للعيان ولدرجة تسببت بكثير من الإرباك والحيرة والقلق والخذلان .
ما نراه الان في محافظات الجنوب الجزء الأكبر يمثل نتيجة لحالة الفراغ الناشئة بفعل تواري النخب السياسية والفكرية والحزبية ، وبفعل تكريس ثقافة الصوت الواحد غير قابل بالآخر .

فحين ترك الشارع الجنوبي يمضي وبلا ضابط او رؤية سياسية ناضجة وواضحة ، كان ولابد من ان يفرز هذا الشارع قيادات تشبهه وتماثل سخطه وغضبه .
فعلام الاستغراب والاندهاش يا سادة ؟ فما يحدث جنوبا هو نتاج لتلك الحالة الغريبة الشاذة التي دفعت بقادة المقاومة وحاملي سلاحها الى واجهة السياسة والى معركة التنمية وبناء الدولة الحديثة .
مفارقة عجيبة ، وأرجو ان لا يفهم من كلامي ان فيه تحاملا على احد ، فعلى العكس من ذلك اجدني مشفقا على حال تلك القيادات واتباعها .

فهؤلاء ومن وجهة نظري تم إقحامهم في معركة تختلف كليا عن معارك خاضوها ، وفوق ذا وذاك حملوا قضية سياسية هي اكبر وأثقل من ان يحملونها .

محمد علي محسن

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء