وداعا ايها الوطن

08 - مارس - 2018 , الخميس 05:00 مسائا
4095 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةد.محمد مسعد العودي ⇐ وداعا ايها الوطن

د.محمد مسعد العودي
وداعاداً أيها الوطن

حوار مع ذاتي.. حينما لم أجد من أحاوره

النص هو وطني هو الحلم الذي أصنعه أنا وأعيش فيه أنا

هو حلم، ولن أصحو منه، الوطن ليس الذي تلد فيه، يا محمد.. الوطن هو الذي تسكنه، وتعيش فيه بأمن، وحرية، وسعادة، وطمأنينة.. الوطن المليء بالقتل والخوف، والسجون، وتكميم الأفواه، ليس وطنك، بل هو سجنك.. الوطن الذي يقهر فيه الإنسانُ الإنسانَ الرحيل عنه،  خيرٌ من البقاء فيه، والبحث عن وطن آخر يصبح في حكم الواجب.. الوطن اختيار، والإنسان حر في اختيار الوطن الذي يشعر فيه بكرامةٍ وأمنٍ وطمأنينة، وحين لا يجد الأنسان وطناً ينسجم مع تطلعاته، يصنع وطنه في عالم النص المكتوب، فيعيشه، وعلينا أن نحمد الله لأننا نعيش هذا الحلم بحواسنا لا بمخيلتنا كما يفعل السراد.. نحن ساردان يا محمد من نوع آخر، وسيأتي يوم ننقل فيه هذا الحلم للناس، وقد لا يصدقونه، لكنهم مطَّرون لتقبله، والعيش فيه ومعه.. جماله سيجبرهم على ذلك، وهم بأمس الحاجة ليعيشوا في النص، فواقعهم وصل بهم حدًّاً من العبث، والكذب، والتزوير ما يدفعهم ليعيشوا عالمنا مرةً، أخرى ومراتٍ عديدة

ـ بمقدورنا أن نغير أوطاننا

ـ الجماعات بمقدورها أن تغير، وتصنع وطناً أجمل، من هذا الذي نحن فيه بمِنَّة العقل التي وهبها الله للإنسان، لكننا أفراد، في وسطٍ غريبٍ عنَّا، وقدرة الفرد على التغيير محدودة، حين لا يجد الوسط الملائم لأفكاره، ويصبح متهماً بالزندقة والكفر، وأحياناً بالفساد وأحياناً يتهم بالعمالة، لا من قبل المتسلطين، ولكن من قبل الشعب الذي يناضل من أجل تغيير حياته للأفضل، ودعوته للحق والإيمان والتقى والحرية والسلام والعيش الكريم

ـ لعل الصراع على السلطة هو السبب.. كلُّ واحدٍ من بني البشر يريد أن يكون حاكماً تبجِّله الجماهير، وتجله، وسواه محكوماً خاضعاً لسلطته، فإذا أردت أن تدعو للتغيير ستجد أنصاراً، وكلما تطورَتْ دعوتك وأنصارها سيظهر لك من يحرِّض عليك الشعب، ويتهمك بالفساد، ويدعي الأفضلية عليك، ويشق الصف لأنه طمع بالسلطة التي تتمتع بها، وبدأ يحسدك على حب الناس لك، وعلى الامتيازات التي تحصل عليها، هكذا نتمزق دائماً.. عالم البشر يحتاج تغيير من الخارج لعلنا، نجد هنا أنصاراً بقوى خارقة نستجلبها معنا من عالم النص لنغير العالم نحو العدل، والخير، والحرية، والرشاد، بإقامة دكتاتورية العدل والحرية.. العالم يحتاج حرية، تفرضها عليه كائنات دكتاتورية تأتيه من عالم آخر،

ـ نعم هو ذلك لكن الدكتاتورية العادلة مرهونة ببقاء الحاكم العادل، وعادة ما لا يستمر الدكتاتور العادل  طويلاً.. الحل أننا وجدنا العالم البديل لعالم الرعب والقلق وانتظار المأساة.. إنه في عالم النص الذي نكتبه نحن كما نريد.. أنا لا أريد أن أنتظر مجهولاً مرعباً يصيبني، أو يصيب أحداً من أحبائي.. لقد وصلنا العالم المنشود وصلنا المدينة الفاضلة، إنه عالم النص، نأكل من ثماره دون عنا.. إننا في الفردوس "وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة" نغتسل بمائه الطاهر ونتنفس هواءه النقي ما حاجتنا للعودة إلى عالم الزيف والكذب

ـ شوقنا للوطن فطري مهما يكن فهو الوطن

ـ لم يكن فطرياً قط، بل ثقافة واكتساب.. وطن البشر جميعاً الأرض والحدود الفاصلة بين البلدان صنعتها أنانية الإنسان، هل تدري يا محمد عندما نقول لفلان إنه وطني ماذا يعني هذا

ـ ماذا يعني

ـ يعني أنه متعصب أناني وكلما كان الرجل وطنيَّا أكثر كان أنانيَّا ومتعصباً إلى أبعد حدود التعصب.. نحن بشر ليس لنا إلا أصل واحد وليس لنا إلا عالم واحد.. التعصب سببه أنانية الإنسان التي بإمكانه أن يتخلى عنها بالثقافة العالية.. الذي يقول أنا صنعاني متعصب لكن الذي يقول أنا يمني أحسن منه، لكنه ما زال متعصباً، لأن الذي يقول أنا عربي خير منه ولكنه يظل متعصباً لأن الذي يقول أنا مسلم خير منه بكثير فالأول يتعصب للقومية والثاني يتجاوزها ليتعصب للقيم الإسلامية لكن الذي يقول أنا إنساني أقف مع القيم العليا للإنسانية من أي اتجاه جاءت فهو أحسن منهم جميعا لأنه يتعصب للقيم فهو في حقيقة الأمر لا يتعصب وإنما يدافع عن الحق وقد تجاوز التعصب.. فنحن في واقع متعصب حتى في مستوى القيم التي لا جدال فيها وقد أنزلها للبشرية الخبير العليم، فإذا قلت أنا مسلم قالوا: كفرت.. مسلم ماذا؟ سني أم شيعي سلفي أم إخواني جارودي أم زيدي أم أثنا عشري.. قال لي يوماً أحد المتعصبين ما هو منهجك.. قلت له: مسلم.. قال: نعم مسلم لكن ماذا سلفي أم إخواني.. فضحكت قال لم تضحك.. قلت له: يا أخي مسلم ألا يكفي أن أكون مسلما.. قال لا لايكفي.. فقد يكون المسلم كافرا ههههههه في الأخير يا محمد أنا فرد وأنت فرد وعلينا أن نبحث عن الوطن الذي نؤمن به، وقد وجدناه وأعمارنا قصيرة ليس بمقدورنا خلالها فعل شيء نشهده.. هذا هو عالمنا المنشود

ـ لكن الوطن فيه أهلي وأحبتي

ـ هذا إحساس فقط بإمكانك أن تحسه في عالم النص البديل للوطن المزيف

ـ وهل هناك شيء خارج الإحساس

ـ لا .. لكن الإحساس القابل للتغير لمَ لا نغيره انسجاماً مع حياتنا الجديدة؟

ـ الذين يغيرون الواقع لينسجم مع أحاسيسهم خير من الذين يغيرون أحاسيسهم انسجاماً مع الواقع

ـ كلٌّ يعمل ما يراه خيراً له، ولا يمكن أن تلتقي أفكار البشر على مفهوم واحد مطلقاً.. وعلي أن أعيش ما بقي لي من عمر في وطني الجديد الذي لا يزاحمني عليه أحد إنه نصي.

محمد مسعد. 2/3/2018م

إن ثمة كائنات لاتعيش إلا في الماء، وثمة كائنات لاتعيش إلا في اليابسة، وثمة كائنات تعيش في الجو وثمة كائنات تعيش في الماء واليابسة، فالأولى تسمى بالكائنات المائية والثانية بالكائنات البرية والثالثة بالكائنات الهوائية، والرابعة بالكائنات البرمائية.. »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات