"طائفة البقايا"تمول منشورات الانتقام

12 - أبريل - 2014 , السبت 02:59 مسائا
4901 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةفــؤاد مســـعــد ⇐ "طائفة البقايا"تمول منشورات الانتقام

فــؤاد مســـعــد
بلغ عدد الصحف اليمنية قرابة أربعمائة صحيفة، منها اثنان و ثلاثون رسمية و ضعفها حزبية و نحو خمسين صحيفة تتبع المنظمات و البقية صحف أهلية,
و هذا يشمل الصحف المرخصة طبعا و المسجلة لدى وزارة الإعلام، صاحبة هذا الإحصاء، أما الصحف غير المسجلة فهذا موضوع آخر،
و ماذا لو قامت وزارة الإعلام بإحصاء المواقع الإليكترونية؟
لا أظنها قادرة على ذلك، لأن هذه المواقع تتناسل و تتوالد ليس بشكل يومي، و لكن أسرع من اليومي، و ما أكثر ما أصبح المتابع اليمني على نشأة مواقع و أمسى على تأسيس مواقع أخرى.
و مع أن وزارة الإعلام أشارت إلى أن عددا من الصحف المشمولة بهذه الإحصائية صارت متوقفة عن الصدور، و من بينها صحف حكومية، و هو ما يشير إلى مشكلة تعاني منها كثير من الصحف، تتمثل في التوقف الاضطراري أو الاختياري، الأمر الذي يجعل بعضها تبدو كما لو كانت موسمية لا تظهر إلا في الأعياد و المناسبات الوطنية مستفيدة من إعلانات التهاني و الاحتفال بأعياد الوحدة و الثورة و الديمقراطية و ما أكثرها في بلادنا.
لكن الأمر ليس متوقفا هنا، إن الموضوع الذي لفت انتباهنا أن هذا الكم الهائل من الصحف يأتي الإفصاح عنه في وقت يعيش الاعلام اليمني أسوأ حالاته من الفوضى و العبثية و العشوائية و الارتجالية.
أصبح لدينا صحفيون يملكون صحفا و مواقع إخبارية دون أن يكون لهم رصيد مهني سابق، ما يعني أنهم دخلوا الصحافة من بوابة "رئيس التحرير"، تماما كما تنبأ أديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، في حديث له قبل سنوات عن حرية الصحافة و مسئوليتها،
الحديث عن الفوضى الإعلامية في اليمن هذه الأيام يتزامن مع إحياء مواطني "رواندا" ذكرى مرور عشرين عاما على المذابح التي شهدتها البلاد في أتون صراعات عرقية قتلت أكثر من ثمانمائة شخص في أقل من مائة يوم منتصف العام 1994م.

ما علاقة الإعلام اليمني بمأساة رواندا؟
يبدو من ظاهر الأمر أن لا شيء يربط بين الطرفين، الإعلام في اليمن و المذابح في رواندا، لكن قليلا ممن تابعوا ما واجهه الروانديون في تلك المحنة يتمكنوا من الربط إذا ما وقعوا على شيء مما يبثه الإعلام اليوم،
و للتوضيح أكثر نقول إن مراقبين للأحداث من داخل رواندا و خارجها يحملون الإعلام جزءا كبيرا من المسئولية عن تلك المجازر الرهيبة التي لم يشهد لها العالم مثيلا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية قبل نصف قرن.
المراقبون يقولون إن وسائل إعلام مملوكة لمتطرفين ظلت تبث الحقد و الكراهية بين الطرفين الموجودين في رواندا، و هما "الهوتو- الأكثرية"، و التوتسي- الأقلية"،
و للتدليل على خطورة دور الإعلام و تأثيره و مساهمته في شحن العداء و التحريض على ارتكاب جرائم بشعة، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا أول أحكامها في العام 1998م، و أدانت فيه مسئولين عن المذابح التي ارتكبت بحق مئات الآلاف من المدنيين، من المخططين و القادة و المنظمين لعمليات الإبادة، و بين المدانين الإعلام المتطرف الذي اعتبرته المحكمة مسئولا مسئولية مباشرة عن الجريمة من خلال قيامه بالتحريض.
لقد كان للإعلام دور في الدفع بالمقتدرين لإبادة الضعفاء، بمختلف أشكال الإبادة و بطرق بشعة تأنف الوحوش عن فعلها. خاصة و أن الأمر لم يقف عند القتل وإحراق الجثث، بل تعرضت النساء للاغتصاب و كان القتلة يداهمون الكنائس و المدارس و النوادي لقتل جميع من فيها بوحشية.
و يتذكر من عاصروا تلك المجازر أن صحيفة كان يسيطر عليها متطرفو "الهوتو" ظلت منذ سنوات تحرض على قتل التوتسي بكل أشكال الكراهية و التحريض.
و في العام 1990 نشرت الصحيفة ذاتها ما أسمتها "وصايا الهيتو العشر" و تتضمن: أن من يتزوج من التوتسي يعتبر خائن، و كل من يقبل أي صورة من التعامل مع التوتسيين يعتبر خائنا، و هكذا.
هل ما يزال السؤال قائما: و ما علاقة إعلام اليمنيين بمذابح رواندا؟
إن كان الموضوع كذلك فالرابط لا يخفى على أي عاقل،
ما الذي يقدمه الإعلام اليمني – معظمه إن لم نقل كله غير التحريض و التضليل؟
الصحافة التي تتعمد نشر أخبار كاذبة لا تفعل ذلك لأن أحدا خدعها أو ضللها بمعلومات مغلوطة و غير صحيحة، و لكن لأن القائمين عليها يريدون تصفية حسابهم مع أشخاص و جهات و تيارات بهذه الطريقة،
اكذب عليه و الناس سيصدقون!
هذه الاستراتيجية هي التي تجعل عشرات من الأشخاص المغمورين إعلاميين بارزين و رؤساء تحرير صحف!!
يعني أنه لن يحصل على تمويل مناسب ما لم يجعل سياسة الصحيفة قائمة على الكذب و الخداع و التحريض، و إلا لماذا تأسست هذه الصحيفة أو ذاك الموقع؟
بل أن مواقع و صحف أنشئت لاستهداف أطراف بعينها،
صحف و صحفيون و مواقع يدركون أن كل ما يقومون به ليس سوى تضليل و دجل و ابتزاز، و مع ذلك هم محسوبون في قائمة الإعلام اليمني أرقاما لها أهمية.
كنت في السابق حين ترى صحفيا ربما تسأله السؤال الطبيعي و التلقائي: في أي صحيفة تعمل؟
أما اليوم فهذا السؤال لم يعد له ذات المدلول، بل عليك أن تسأله: كم صحيفة تملك؟ و كم لديك مواقع اخبارية؟
اليوم صرنا نسمع عن بلطجي يملك قناة فضائية و آخر لديه عشرة مواقع و خمس صحف،
و هكذا كلما زاد المرتزقة عنده فتح لهم دكانا يعمل باسم "صحيفة".
صحيفة يومية لا تلبث ان تكتشف بعد ساعة من قراءة عناوينها أن غالبيتها أخبار كاذبة و ملفقة و الهدف منها هو الإثارة و التحريض، لأن المالك و الممول يريد الانتقام من اليمنيين بهذه الطريقة.
و الحقيقة المرة أن لصوص النظام الساقط قرروا أن ينتقموا من اليمنيين بإذكاء الصراعات فيما بينهم، إما على أساس مناطقي أو على أساس مذهبي أو في سياق خلافات و نزاعات خاصة و ما أكثرها.
الصحف المهووسة بالتحريض المناطقي لها ما يملأ فراغها من الشحن العاطفي على اساس الجغرافيا التي تجعل من بعض الأشخاص ملائكة أخيار و من غيرهم شياطين أشرار، لا لشيء إلا بسبب لعنة الجغرافيا،
و الصحف التي تتعامل وفق السلالة و الطائفة لديها من الكتبة و الأدعياء و المأجورين ما يكفي للدفع بالبلد نحو الاحتقان و صولا للاقتتال، ليس لأن هناك مشكلة واقعية فرضت نفسها، و لكن لأن بعضهم قرر أن يحاسب الشعب اليمني على جريمة لم يرتكبها أثناء نشوب الحرب في موقعة الجمل!
و ثمة من يريد من اليمنيين أن يدفعوا ثمن تأييدهم للثورة الشعبية، و كأنه يقول لهم: ذوقوا عاقبة ثورتكم قتلا و صراعات و انفلات أمني و تدهور معيشي و تردي اقتصادي.
و لأن الشيء بالشيء يذكر، ستجد في منشورات هذه الطائفة "طائفة البقايا"، ما يثير السخرية من سقوطها و الاشمئزاز من طريقتها في تناول الأحداث الكبرى، كأن تكتب على يوميتهم على صدرها "القاعدة تترقب وصول ممولها إلى عدن"،
القاعدة هنا كما لو كانت مجموعة من الأطفال جالسين في صالة الاستقبال في مطار عدن منتظرين "بابا نويل".
و في كل الحالات يكون الضحية هو الأمن العام و استقرار المجتمع و دماء الأبرياء التي تسفك ظلما و عدوانا في أكثر من مكان على امتداد خارطة الوطن.

صحيفة خليج عدن

توفي أمس الاثنين الشاعر والناقد والثائر اليمني المعروف/ عبدالعزيز المقالح، عن عمر ناهز 85 سنة، أحد أبرز الأسماء اليمنية حضوراً في المشهد الإبداعي شعراً ونثراً، فضلاً عن كونه واحداً من ثوار اليمن الذين قاموا بالثورة ضد الحكم الإمامي في سبتمبر 1962، »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء