بمنتهى البساطة

19 - ديسمبر - 2013 , الخميس 11:58 صباحا
3776 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمروان الغفوري ⇐ بمنتهى البساطة

مروان الغفوري
ببساطة يا بهوات بمنتهى البساطة يا إصلاحيون، يا حوثيون، يا جنوبيون، يا مؤتمريون، يا أفندية اليسار، يا مثقفينا القوميين، يا أعزائي اللامنتمين، أيها التائهين في المابين.. ببساطة: إما أن نعيش في تنوع خلاق يخلق الخير العام للجميع أو سنعيش خارج التاريخ، برابرة على حدود الحضارة لا نصنع شرائح الترانزستور بل عبدالمطلب والوحيشي.. لا نملك ترف العك البيزنطي، ولا الجدل الأفلاطوني المحض ببساطة، إن فشلنا في إنجاز دولة قادرة على الحياة فلن نكون قادرين على الحياة نحن نتصارع ليس لأننا نختلف حول النموذج الأفضل للدولة، كما يخيل لنا، بل لأننا نعيش خارج الدولة. الدولة القادرة على الحياة، الجديرة بإنتاج الخير العام، هي اختراع جماعي يشارك فيه السلفي والحوثي وشاعر قصيدة النثر. دعوني أقتبس من مايكوفيسكي: إن قطرة عرق الفلاح لا تقل أهمية عن قطرة حبر الشاعر. ببساطة متناهية، لا توجد قوى تقدمية وأخرى تقليدية يوجد مجتمع يقع برمته خارج سياق الحضارة وأنساقها المعرفية والأخلاقية والتكنولوجية. ببساطة متناهية، الحوثيون ليسو شياطين، هم فقط يتحركون في فراغ كبير، وينصبون المتاريس يتبادلون الشعور بالفزع مع خصومهم وجيرانهم في هذا السديم الإصلاحيون ليسو أبطالاً ولا أشرار هم فقط يحاولون حراسة الجمهورية التي لم تر النور، ضد خصوم لم يروا الجمهورية يوماً ما الحراك الجنوبي ليس ثورة، ولا فوضى هو اختراع نبيل تعرض للسرقة والتزييف في الطريق، ومثل كل الظواهر اليمنية أصبح خليطاً من الحق والشر والخيال هذا البلد ملك للأكثر فقراً، فهم الذين لن يتمكنوا من الفرار عندما يتفكك المركب علي صالح، الحوثي، البيض، الحفري، الاحمر، محسن، اليدومي، وهادي.. لديهم باب "كوريغان" السري.. فعندما كان المرضى يحتشدون أمام عيادة الدكتور كوريغان كان يهرب من باب سري، ولا يجدون له أثراً.. ببساطة، بمنتهى البساطة.. أما أن نخترع الدولة أو ننصب المتاريس إما التنوع الخلاق أو الحرب الهوبزية إما المستقبل، أو رياح الماضي شخصياً لا أنتمي لجهة، ولا لحزب، ولا لقبيلة ولا أكترث لتوزيعات إنسان ما قبل الدولة الحديثة لدي معادلة بسيطة أقيس بها المشهد: عندما تقول لي إمي أنها تشعر بالذعر أدرك جيداً أن ثمة فائضاً من الخوف في البلد يصل حتى تخوم القرى.. ببساطة متناهية، نحن نختلف لنعيش، لنتبادل الخبز والقصائد وهم يختلفون ليحكموا، ليصبحوا سلاطين تاريخيين، يمارسون الجنس في علب الساونا. لكننا لم نختلف فقط، بل خضنا حروباً ضد أعداء مجهولين هم نحن. لم تنتج حروبنا سوى مزيد من الوهم، والاستيهام، والعدمية المحضة. يدلاً عن أن ننجز الدولة والمجتمع الحديث فإننا سورنا قبائلنا بالمتاريس. يخرج المواطن في المكلا، يحدث ذاته عن مدرسة حديثة، وجامعة جيدة السمعة، وجهاز بوليس ضارب. بعد دقائق يرفع صور البيض، الرجل الذي عاش طيلة حياته في التاريخ. وبدلاً عن أن يطالب بدولة حديثة تنجز الخير العام، يذهب في المغارة بحثاً عن سلطان جديد يخون البلد كما فعل ألف مرة.. الحوثيون فقراء، مساكين، بلا صحة ولا تعليم، ولا مدخرات لكن الحوثي يعيش كواحد من ملوك ما قبل التاريخ.. يدافع الإصلاحي الفقير عن الملياردير الأحمر ثم ينام مكروباً لا يملك قرشين للغد يدافع المؤتمريون عن صالح، وهم لا يملكون تكلفة لقاح الكبد بي لأبنائهم.. نحن ننصب المتاريس ولا يوجد أعداء سوانا. أما اللوردات فلا يبدو أنهم منتبهون لوجودنا من الأساس. بمنتهى البساطة، هذا البلد لن يكون سوى للجميع، بالعدل والقسطاس أو لن يكون لأحد وعندما نسقط جميعاً في المنحدر فلن ينفعنا، إذن، أننا في العذاب مشتركون. م. غ

كتبت توكل كرمان مقالة في واشنطون بوست ضد الحرب في اليمن ختمتها بجملة: كفاية تعني كفاية. قالت إن هذه الجملة هي ما ينبغي أن تسمعه السعودية من العالم الحر. في نقاشي معها البارحة قلت لها إني أتفق مع جزء كبير مما جاء في مقالتها، غير أن الأسئلة الصعبة لا »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء