عبدالملك الشيباني ..رحيل مؤلم!

19 - ديسمبر - 2013 , الخميس 05:05 مسائا
4662 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةنصر المسعدي ⇐ عبدالملك الشيباني ..رحيل مؤلم!

نصر المسعدي
نصر المسعدي



يا لها من لحظة عصيبة أن يفقد الوطن في ظرف صعب كهذا الذي نعيشه اليوم.. واحدا من أبرز رجالاته وعلما من أعلامة ، الكاتب والمؤرخ الاستاذ "عبد الملك الشيباني" .. - رحمة الله عليه - هذا الرحل الذي رحل عنا اليوم ونحن لا زالنا بأمس الحاجة لمثل هذه الأقلام والعقول وفي هذه المرحلة بالذات.
يبدوا أننا نعيش زمن الصدمات المتلاحقة .. نجوم وأعلام وطنية تتهاوى واحدا تلو الآخر .. فما نكاد نستفيق من توديع هامة وطنية .. حتى نفاجأ بفاجعة أكبر وأشد إيلاما .. وبرحيل المفكر الشيباني .. تفقد اليمن هامة شامخة من الصعب تعويضها على المدى البعيد .. وإن كان عزائنا في الراحل أن ترك جيلا عريضا على امتداد الوطن كله – سيعوض الخسارة ويقلل من فداحة الرحيل المؤلم لهامة وطنية حفلت حياته بالتضحيات والنضال الفكري والسياسي .
وعبد الملك الشيباني .. ليس شخصا عاديا.. يمكن أن يقول الناس فيه كلمتهم ويعددون مناقبه بعد رحيله كما جرت العادة عند كل وداع لحبيب أو قريب ، كما لم يكن مربيا فاضلا تخرج على يديه المئات من كوادر الحركة الاسلامية اليمنية فحسب ، بل كان روزنامة في التاريخ والتربية والتاريخ وفن التربية.
عرفت الشيباني في مرحلة مبكرة من العمر لأول مرة في تعز ولم أزل حينها في المرحلة المتوسطة ( الاعدادية ) كنت قد قصدت الحالمة ضمن رحلة شبابية زارت المدينة من المناطق الوسطى ، محاضرته لنا أفراد الرحلة بإحدى قاعات معهد تعز العلمي ، لا تزال محفورة بالذاكرة برغم السنوات ومشاغل الحياة وتقلباتها ، خرجنا منها بانطباع غير مجري حياتي وكثير من الزملاء عمن كان يطلق عليهم حيتها بالاخونجيين ( المطاوعة ) وانفتاحهم على المجتمع بعكس ما كانت لدينا من تصورات عن تجاه هؤلاء المتزمتين ونظرتهم للحياة بحكم الدعايات المغرضة للقوى اليسارية وقوة تأثيرها آنذاك .
كثيرة هي اللقاءات التي أعقبت ذلك وجمعتني بالمؤرخ الشيباني في أكثر من مناسبة ومكان وجميعها لقاءات تربوية طبعا ، كما أن كتاباته المختلفة في صحيفة الصحوة ونوافذ والنور وقبلها صحيفة الاصلاح الصادرة من تعز جعلتنا أكثر قربا من الرجل وإدراك طبيعة شخصيته الفذة .
لا يستطيع المرء التعريج على تعز الثورة والوعي والثقافة والمدنية دونما يجول في خاطرة عبد الملك الشيباني الداعية والمفكر والمؤرخ ، فالرحل له بصمات واضحة في كل جوانب الحياة ، ورحل بعد أن ترك خلفه عدد من الكتب والمؤلفات التي تربى عليها الكثير وله جهود وإسهامات فكرية كبيرة وجريئة .
كان شخصا وديعا متواضعا يأسرك بابتسامته التي لا تفارقه ، لا تخلو دروسه ومحاضراته من الدعابة والنكتة ، ولعل ذلك ما يشدني للربط بينه والمربي الفاضل الاستاذ محمد مثنى الربية - رحمه الله - باعتبارهما ينتميان لمدرسة فكرية واحدة وتجمعهما صفات تربوية مشتركة وذلك لما امتلكه الربية من سمات شخصية جمعت بين فن الدعوة والتربية والأدب واستطاعت بديناميكيتها وما تحلت به من خصال القيادة والشجاعة أن يزرع في بيئة مقفرة جدباء وأن يجني ثمار حصاده .
أن يتركنا نجم ساطع في زمن كهذا .. تتلاطم فيه سفينة الوطن أمواج الفتن وعواصف المحن العاتية من كل جانب .. زمن المكر والابتزاز السياسي الرخيص . والتمترس خلف القضايا الوطنية لتحقيق مكاسب حزبية على حساب الوطن وأمنه واستقراره ..
يتركنا بوقت تنهش معاول الهدم جدار حلم اليمنيين بوطن كبير وتدمير أركان مشروع حلمهم الجميل في يمن آمن ومزدهر بناه الشعب بدماء وأشلاء أبنائه ، ومحاولة عرقلة وإعاقة مخرجات مؤتمر الحوار وهو في آخر لحظاته .
ها أنت يا استاذ عبد الملك ترحل عنا فجأة وبلا مقدمات .. في هذا الشتاء القارس .. وتتركنا بلا دفئ حنان قائد ومربي . بدونك نفقد سلطان التجربة والخبرة والمعرفة الانسانية .. وليت هذا الشتاء ظل قارسا علينا فحسب ، بل تحول إلى زمهريرا يلهب ظهر شعبنا بسياطه اللاسعة ، أو هكذا أرادت أن تجعل منه أدوات الظلم والاستبداد لإعادة انتاج نفسها بانقلاب لم يكتب له النجاح .
أرادوه شتاء يسكب بداخلنا.. أمطاره الممزوجة بالدموع والآهات .. ويقتلنا بلياليه المظلمة المحمّلة بصواعق تفجيرات الموت والإرهاب...شتاء يسلب منا الأفراح والأشواق والضحكات ويغتال في نفوسنا الأمل والتطلع نحو المستقبل.. ولكن هيهات لهم ذلك .. فإرادة الشعب من أرادة الله .. وسيظل ورد الربيع مزهرا رغم قسوة البرد .
وبرغم قسوة الرحيل وألم الفاجعة وفداحتها بغياب منارة من منارات الهدى لا نملك سوى الترحم على روحك الطاهرة . وأن نحيا أمل الوصول لمشروعنا الوطني في بناء الدولة المدنية الحديثة وتحقيق أحلامنا الوردية التي طالما عشنا خيالاتها في المنام وكنت أيها الراحل واحدا ممن رسم ملامح هذا المشروع في قلوبنا كلوحة سيريالية فائقة الروعة والجمال طيلة فترة نضالك السلمي .
كما لا نملك سوى أن رفع أيدينا إلى السماء للدعاء لك بالغفران والرحمة وأن يتقبلك المولى عز وجل في الصالحين مع النييين والصديقين والشهداء .. آمين يا رب العالمين .

يتعرض اللواء 83 مدفعية وبإستمرار لحملات تشويه وإساءات ممنهجة لم يتعرض لها أي لواء قبله أو بعده؛ برغم ما حققه من صمود وانتصارات قياسية بإمكانات وجهود ذاتية متواضعة مقارنة مع ما يملكه غيره من الألوية والوحدات العسكرية، مضافاً إليها الدعم والإسناد »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء