فؤاد مسعد
في ستينيات القرن الماضي كتب الروائي اليمني محمد عبدالولي روايته “صنعاء مدينة مفتوحة”، و كانت المدينة يومها مفتوحة لصراعات لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، و كان قد مر على فتحها المأساوي عشرون عاما، حين أباح الإمام/ أحمد حميد الدين صنعاء لقبائله التي ناصرته في إسقاط الثورة الدستورية عام 1948م، و لم يجد مكافأة لهم أفضل من إصدار أمر ملكي باستباحة صنعاء بما و من فيها.
قتلوا قرابة خمسة آلاف شخص، كما و نهبوا كل شيء في صنعاء معززين بأمر “أمير المؤمنين”، و كانوا بذلك يعاقبون المدينة و أهلها على إعلان الأحرار القيام بثورة ضد الحكم الإمامي السلالي.
ظلت صنعاء مدينة مفتوحة على عوامل خراب باتت كامنة فيها، و أخرى مرابطة حولها، تحت لافتة البحث عن سلطة أو العمل على استعادتها، و تحت هذه الراية شهدت صنعاء ملاحم دامية، و لاتزال المخاوف باقية من تكرارها كلما لاح مؤشر جديد للصراع القديم المتجدد.
اليوم صنعاء محاصرة من جديد، بأبناء القبائل الذين اقتحموها ذات مساء منتصف القرن الماضي، لأن أمرا مشابه صدر لهم من زعيم جماعة “الحوثيين” سليل الأسرة التي أعلنت استباحة صنعاء في المرة الأولى، و بعد قرابة ثلاثة أعوام من اندلاع ثورة شعبية عارمة أسقطت الرئيس صالح و معظم أركان حكمه سيئة الصيت و السمعة.
تحاصر اليوم صنعاء و تبدأ الميليشيات المسلحة تحرشها بأطراف المدينة الخائفة المحاطة بكل صور الفجيعة و أشباح الخراب.
مع تشديد المسلحين حصارهم على صنعاء يتجدد الخوف من تكرار حصار قديم وقع قرابة شهرين في العام 1968م، كما و يخشى أبناء صنعاء من تكرار جريمة اقتحام و استباحة صنعاء كما فعل آباؤهم من قبل في 1948م.