الوحش وقشة الامل الاخير

08 - سبتمبر - 2017 , الجمعة 08:25 مسائا (GMT)
الوحش وقشة الأمل الأخير
إنها عقدة اللون الوحيد , دفن الرمل الزبى , لم نوقع الوحش واوقعنا في حفرته , يرسل إلينا مستبدا بعد آخر ويمطرنا بالمثالب والهزال , نبدأ الحديث عن فكرة الاصطفاف وتوحيد الجهود لتبني قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية تعني شعبنا أو قل تمثل بالنسبة له ضرورة تاريخية , بمرارة ننتج الأداة وحين نشرع في العمل يبدأ الخلط المجنون ونفخخ المساعي بطريقة تفشل الغاية والواجب الوطني النبيل , الخلط والتفخيخ مبعثه رغبة الاستبداد الكامنة إن لم يكن ببيلوجية مجتمعنا ففي لا وعيه الفردي والجمعي , النخبة في طليعة الموبوئين لأن الوحش يغرس فيها انيابه بعنفية أشد فيوقض الخساسة والخبث بدرجة تكبر كثيرا حالهما عند العامة . مع الرغبة الملحة للوحش يتلاشى الاهتمام بتلك القضايا المشتركة وتبدأ حالة من ذهان الضم والإلحاق تسيطر على السلوك وتدمر تلك الأدوات التي بدأ الاصطفاف بتخليقها لتنتشل الشعب من عذاباته , حالة من الإصرار في القضاء على التنوع , تصبح القضية البارزة عند اطياف الاصطفاف إما أن تكون نسخة مني ومن جهتك لا بد وأن أكون نسخة منك , وبين فكي هذا النزوع المرضي تفلت من ايدينا الفرص ونجهز على الغاية التي حملت أحلام الشعب وشكلت غاية الاصطفاف المهدور بداء( لا بد وأن تكون أنا ) , مع السقوط إلى هوة رغبة الاستبداد وتنميط خلق الله ليصبحوا نسخا من بعضها يبدأ سوء الظن والارتياب وفساد الطوايا إلى الحد الذي تسقط معه الثقة نهائيا ; يتبخر الهدف وتتلاشي الثقة فتستحال قضايا الشعب الملحة بين عوام المجتمع صورة من صور الوجع والمأساة وقلة الحيلة والانتظار المضني وعند نخبه ظاهرة من التهريج والفجاجة والاستهلاك العبثي والدسيسة والانحطاط , الانحطاط الذي يمد الوحش بمزيدا من الغذاء الدسم فالوحش إنما يتسمن وتنبت مخالبه وتكشر أنيابه في بيئة الانحطاط وسوء الظن وفساد الطوية , هذه الثمرة المرة نتيجة عجزنا وعدم أهليتنا للإيمان بصوابية أن ننجز تطلعات شعبنا بالاستناد الى تنوعنا الذي يعد مصدر قوتنا الكفيل بانجازها لو احسنا إدارته , لا لا , هذا ما نحن عاجزون عنه تماما !!, إننا لا نجيد إلا تلبية رغبة التوحش والهمجية , نستميت لإعادة تنميط الألوان بما يفضي للقضاء على التنوع لا إعادة انتاجها بما يجعلها اكثر زهاءا وزهوا !!! ثنائية التنميط أو الإلتهام القاتلة . يا أخي يكفيك أن اتفقت معك على فضيلة تحرير شعبنا من الظلم والقهر وانتشاله من الجوع والمرض , يكفي ان اتفقت معك أن نمر أنا وأنت لا أنا أو أنت . إننا ضحية الوحش اللعين , ضحية هذا الوسواس القهري المنبعث من اعماق الذهنية المعطوبة , الروح المتعصبة الهشة , وسواس يثقل اللاوعي المجتمعي الشعبي والنخبوي ويدفعه بعنف للاعتقاد برذيلة أن أدفنك أو العكس , مرض غريب يصحر الأذهان والأرواح ويقضي على احلام الشعوب المدنفة به حد التمزق , كثير من الشعوب عانت هذا القيد الفولاذي ( الوحش ) وحين غيرت ما بأنفسها , حين أقرت بالتنوع الحامل لحاجة الشعب في التغيير حطمته وتحقق مدلول الآية القرآنية " لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " , تنصدم بهذا الداء ليس على مستوى التجمعات السياسية فقط وإنما على مستوى الفرد أيضا , يااا لطيف !!!!!, حتى على مستوى التجربة الفردية العابرة التي قادت إليها المصادفة يبرز الوحش من بنية اللاوعي ويدمر حتى تلك المساحة الانسانية البازغة لتوها بينك وبينه , يحاصرها توحش الشمولية بالهجير حتى إذا جعلها هشيما نفخ فيها نار الكراهية والدسيسة والارتياب , المساحات الانسانية يجب أن تكون بمنأى عن اتفاقنا أو اختلافانا في وجهات نظرنا السياسية إذا ما أردنا الاحتفاظ بأدنى ما يميزنا كبشر , فالمساحات الإنسانية هي سر سمو عنصرنا البشري وجوهر فضيلته فلا نسمح للوحش بتدميرها , الضم والإلحاق , مثلي ... أو تغرب شمسك ويضيع اسمك ورسمك . وااااا أسفاه حراكنا وثوراننا كبيران ولا ينجزان إلا النزر القليل والعلة بما هو عليه العقل والروح من سقم وخسة , سقم تصدره رذيلة التنميط أو الالتهام . المسألة ببساطة سمو وتحضر في التفكير وأنسنة للغاية وإلا ظلت تجاربنا سلسلة من الدوران في آنية مفرغة الفضيلة ولا تنبت الانجاز . باختصار شديد ... كل التجارب النضالية التي لم تتحرر من نزعة اللون الأوحد دفعت أحلامها في الحياة الانسانية الكريمة ثمنا لهذا الغي . ما دمت اتفقت معك على حقك وحقي المتساويين في الحرية والحياة الكريمة والعدالة كنت أسودا أو أبيضا , ما دمت مستعدا لأن أحبك كإنسان بعيدا عما سواه فلست مضطرا للتوقف عند لوني واستبدادي لخلع جلدي , ما دمت مصطفا الى جانبك كلفة ومصيرا للثورة في وجه ظالمي شعبنا فلست ولست بحاجة لأن نكون نسخا متوحشة مكرورة من بعضها , جمال الألوان يتحقق بأضدادها لأن الإنسجام الجمالي والوظيفي يقتضي بعضها البعض ... والحسن يظهر حسنه الضد . , ولولا سواد الليل ما انبلج الفجرو . إنك يا صحابي الغارق معي في مخلفات التاريخ تصر على انتزاع جلدي , سلخه بدلا من أن نسبح سويا باتجاه القشة , لم تعد القشة تطفو أصلا , لقد استقرت في قعر بركة الاستبداد الموحلة , اغرقها الوحش اللعين وانشب فيها أضافره يوم توقفنا عن بعض الملامح , غرقت قشة الأمل الأخير .


مقال خاص بموقع الضالع نيوز
جميع الحقوق محفوظة لموقع الضالع نيوز © 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com