عاشقة البحر ( نص شعري للدكتور / محمد مسعد )

24 - يناير - 2018 , الأربعاء 04:45 مسائا (GMT)
عاشقة البحر

رأيتُكِ في ساحلِ البحرِ

تجرينَ حافيةَ القدميَنْ..

وحاسرةَ الرأسِ

مكشوفةَ الكتفيَنْ..

وترمينَ نفسَكِ في الريحِ

خافقةً بذراعيكِ

مثلَ فراشاتِ

زهرِ الحقولِ الرقيقةْ..

فتلوي الرياحُ

بأثوابكِ الناعماتِ إلى الخلفِ

تبرزكِ في المتاهِ رشيقةْ..

ويبرز نهداكِ رمانتينْ..

وبطنُك ضامرةٌ كالرغيفْ..

وريحُ السواحلِ

تنفخُ شعرَكِ في الجوِّ

مثلَ الدُّخَانِ الخفيفْ..

وعيناكِ لؤلؤتانِ

وحدُّكُ سيفْ..

كأنكِ حوريةُ البحرِ

هلْ أنتِ طيفْ..

أنتِ تفاصيلُ سرِّ الزمانِ

شتاءً وصيفْ..

ظهرتِ على ساحلِ البحر

خلف الضبابْ..

كأنك سابحةٌ في حنايا السحابْ..

كأنكِ عاشقةٌ رُسِمَتْ

في غلافِ كتابْ..

في غلافِ روايةِ حبٍّ عتيقةْ..

ونورٌ ترامى بقعر الشعابْ..

رأيتك تجرينْ..

لا.. بل تكرينَ

نحو جنود التتار الذين تراءوا لكِ

قادمينَ

على قمم الموج مستهترينْ..

وقد كنت لا تأبهينَ بهمْ..

كنت لا تأبهينَ بمن قبلهمْ..

فالذين ينامون مستهترينَ

على سررِ الرملِ

ما حركوا فيكِ شَعْرَ الجبينْ..

وحينَ تعبتِ منَ السّيْرِ

في ساحلِ البحرِ

حدَّثك الموجُ

أن تغطسي فيه سرّاً

غطستِ..

همسَ الموجُ في أذنيك اخلعي

فخلعتِ..

فضاجعكِ الموجُ،

مثلَ المجانين كنتما في اليمِّ لكنَّكِ

ما شبعتِ..

رمى بك في الشطِّ مستهتراً

فصحوتِ..

جثوتِ

على قدميه لتعتذري منه

لكنه ظل يركلك بهدوء حزينْ..

يزحزحُك نحو شطِ الجنونْ..

أخذتِ تخطينَ قصةَ

هذا الهوى عندَ أقدامِهِ

وهو يطمس ما تكتبينْ..

وما تكتبينَ

سيبقى بذاكرةِ الرملِ مستوطناً..

فللرمل ذاكرةٌ لا تلينْ..

ومهما طغى الموجُ، عاشقةَ البحرِ،

فالرملُ أقوى وأحنى

وأكثرُ لينْ..

ورائحةُ الطينِ أزكى

ألا تعلمينْ؟!

ومن يحضنُ البحرَ غيرُهُ، عاشقةَ البحرِ،

من سوفَ يحضنُكِ

حينما تذبلينْ..

حين لا تجدين سواهُ من الحاضنينْ..

تمسكي بالطين، عاشقةَ البحرِ،

فالطينُ خاتمةُ الحاضنينْ..

والبحرُ يغدرُ بالعالمينْ..

ويرمي بهم عند أقدامه للكلابِ

كما تعلمينْ..

فليس لهم من يواري الرفاةَ

سوى حضن طينْ..

محمد مسعد
جميع الحقوق محفوظة لموقع الضالع نيوز © 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com