الفيدرالية.. الإتجاه الإجباري لليمنيين «المخاوف والضمانات» ( تقرير )

08 - يناير - 2014 , الأربعاء 09:50 مسائا
3395 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةاخبار وتقارير ⇐ الفيدرالية.. الإتجاه الإجباري لليمنيين «المخاوف والضمانات» ( تقرير )

الضالع نيوز - عدنان هاشم

تبدو الأطراف السياسية في اليمن بحاجة ماسة للاعتراف بالمطالب الوطنية واحترامها؛ قبل البحث في طرق تنفيذها والبدء الفعلي بذلك؛ خلصت الأطراف السياسية أن الدولة اليمنية ستذهب نحو شكل للدولة جديد للتخلص من الأزمات بعد نقاشات وحوارات منذ 18مارس/آذار 2013م؛ هذا الشكل يتمثل بنظام للدولة فيدرالي يقوم على أساس الأقاليم؛ لم تحدد عددها ويبدو خيار أكثر من إقليمين هو الخيار المطروح من الأكثرية السياسية.

ومن الواضح أن الخيارات البديلة تبدو مستعصية فخيار الدولة المركزية مرفوض؛ فالنظام السابق لليمن قد أعطى صورة ابتزازية انتهازية كارثية عن هذا النموذج من شكل الدولة ويتضح أن الشارع لا يرغب بالفعل في مثل هذا النظام الذي يحول الدولة إلى ملكية عائلية تمارس الدكتاتورية الجمهورية في أبهى صورها وتوغل في دماء اليمنيين، نظام ما إن يخرج من أزمة حتى يدخل البلد في أزمة أخرى؛ فمنذ 22 مايو/آيار 1990 والبلد تمر بأزمات كبرى متلاحقة لم تشهد الدولة فيها أي استقرار؛ فبعد التوقيع حدث جدل المرحلة الإنتقالية بين (90-1993م)؛ ثم حرب صيف 1994م وثلاث سنوات كانت لمحاولة معالجة أثار الحرب وفي الحقيقة كانت هذه المحاولات إيغال في تكريس العقل السلطوي التشطيري الذي سبب الأزمات لليمن حتى اليوم؛ فيما اندلعت سياسة إنفراد الحزب الواحد بعد انتخابات ابريل/نيسان 1997م.

وتلى ذلك بداية مشروع التوريث عام 2001م؛ وبعدها الحروب الست في صعدة على جماعة الحوثي المتمردة؛ وظهر احتقان الأزمات السياسية في انتخابات الرئاسة 2006 ؛ وعادت الحروب من جديد والإنقلاب على الاتفاقات السياسية منذ 2007 وحتى 2010م. ونتيجة سياسة الأزمات اندلعت الثورة الشعبية وأسقطت ذلك النظام الإستبدادي الذي يحاول اليوم وقف عجلة التغيير والضرب على أوتار حساسة كالوحدة الوطنية من أجل عودة نظامه الشمولي القروسطي.

وفي الواقع ليست الدول الفدرالية هي لدول قررت أن تتوحد فهناك العديد من الدول التي فشلت في إدارة شؤونها في الدولة المركزية ولجأت إلى خيار النظام الفيدرالي؛ لوقف سياسة الأزمات المتلاحقة لتلك الدول(ماليزيا-البرازيل- بلجيكا-سويسرا- أسبانيا)؛ ومن الخاطئ أيضاً القول أنها لاتكون إلا لدولة مترامية الأطراف وكبيرة المساحة فدولة سويسرا مساحتها 41كم2 وسكانها 8 ملايين نسمة مقسمة إلى 26 كنتون واستطاعت إدارة شؤونها بعد أن كانت عبارة عن مجموعات متناحرة؛ والفيدرالية ليست فقط للعرقيات والقوميات والطوائف والأديان بل هي حل إداري دستوري قانوني للأزمات الكبرى التي تعصف بالبلدان الراغبة بالإستقرار.

لا بد من الإشارة إلى أن 40% من سكان العالم يعيشون في دول فيدرالية (أي ما يزيد عن 30 دولة..)، وهذا العدد يتزايد يوما عن يوم مع تحول دول جديدة إلى النظام الفيدرالي.

ولعل النظام الفيدرالي هو الأنسب للدولة التي تعاني من الأزمات المتلاحقة –مثل اليمن- لسببين:

الأول: إن حصلت الأزمة في إقليم معين بين مكوناته لا تتأثر بقية الدولة في مجال التنمية الإقتصادية ويتم التعامل مع الأزمة بشكل منفرد ويمنع توسعها.

الثاني: تجعل من الفرقاء السياسيين المتصارعين في الستر والعلن إمكانية الوصول للسلطة في الأقاليم بعد أن كان محصوراً على حكومة واحدة في المركز؛ وبذلك تخف حدة الصراع وتنتج ديمقراطية تشاركيه.

فالنظام الفيدرالي تعايش الوحدة في التنوع على أرض واحدة جنبا إلى جنب، ودون أزمات كبرى، أي يهدف إلى تحقيق وحدة البلاد على أساس الخيارات الحرة للمواطنين!!.

أشكال الفيدرالية

ويطرح سؤال في غاية الأهمية: أي نظام للفيدرالية هو الأنسب؟

الفيدرالية نتاج تاريخي، وتتمثل في عدة تطبيقات متنوعة يتم تأسيسها من الأوضاع القائمة في البلدان التي تتبناها. وبالتالي لا يوجد نموذج جاهز محدد المعالم للنظام الفيدرالي، بل هناك نماذج تنسجم مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية السائدة في هذه البلدان، أي أنه يمكن لكل بلد أن يبدع نموذجه الخاص به من الفيدرالية.

فعلى سبيل المثال بلجيكا 1993م أبتكرت نظام خاص عندما تحولت من نظام الدولة البسيطة إلى الفيدرالية هو حكومة "الجماعة" اللغوية communauté، فبالإضافة إلى تقسيم بلجيكا إلى ثلاث حكومات إقليمية هي: الفلاندر في الشمال والوالون في الجنوب، وبروكسيل العاصمة، ومن أجل توفير خدمات (كالتربية والخدمات الاجتماعية والثقافة والصحة) إلى سكان المنطقتين وبروكسيل المزدوجة اللغة، عملت بلجيكا على ابتكار حكومات "الجماعة" فنشأت حكومة الجماعة الفرنكوفونية وحكومة الجماعة الفلامنكية وحكومة الجماعة الألمانية في منطقة الوالون الشرقية. وبالتالي تتكون بلجيكا من ست ولايات فيدرالية: ثلاث إقليمية وثلاث للجماعات اللغوية.

يأتي سؤال في اليمن لا يوجد لدينا لغات ولا إثنيات فالغرض من الفيدرالية هو التقسيم؟!!!.

الإجابة: ربما أن توحد التناسق الشعبي مدعاة توحد حتى مع وجود الأقاليم أكثر من كونه دعاوى تشطير؛ فنظام الأقاليم سيكون إداري وليس جهوي، إثني، لغوي، فستكون مهمة حكومات الأقاليم هي الإقتراب أكثر من الشعب والعمل على التنمية وزيادة الديمقراطية؛ ولم يحدث أن شعوب تعيش بذات الدين واللغة والتراث ويستطيع أي فصيل سياسي الإنفصال بجزء من الدولة.

لذلك لن يتحدث الباحث عن شكل مناسب لليمن وماذا يكون وسيترك الأمر للعقل اليمني وتفاعلهم حوله ليتمكن الدستوريون والقانونيون من إعتماد شكل مناسب للدولة يتناسب و الحالة الإجتماعية والإقتصادية والجغرافية لليمن بما يضمن تكافؤها وتناسبها (1).

أقل الحلول سوءاً

فشكل الدولة الفيدرالي يمثل أقل الحلول سوءا، أفضل البدائل الموجودة، فهي الخيار الثاني للجميع بالنسبة للدول التي تعاني الأزمات؛ ونقطة تتوسط كل الآراء؛ وتحافظ على البلد موحداً؛ ومخاطر التشطير أقل بكثير مقابل استمرار شكل الدولة البسيطة.

دواعي تشكل الأنظمة الفدرالية تعود الى الرغبة في تحقيق مصالح لا يمكن الوصول إليها عبر طريق آخر كالأمن والازدهار الاقتصادي ودفعا لاحتمال حدوث انفصال قد تقوم به الأقليات ̒ ̒

وتتميز الفيدرالية بقرب الحكومات من المواطنين، وتجعل أمر التنمية ملحاً على تلك الحكومات، و تلعب دوراً هاماً في إستدامة السلام الشامل إذ أثبتت الدراسات السياسية إن الوحدات الاتحادية أقل نزعة لشن الحروب على الحكومات المركزية ، فما يطرأ من مظالم على الصعيد المحلي يُلقى تبعاته على المسؤولين المحليين وليس على الحكومة المركزية مما يستدعي التعامل معها على مستوى المحليات. وقديماً أكد الكاتب البريطاني جون ستيوارت ميل ضرورة توفر ثلاثة شروط للفدرالية: (1) توفر قدر كافٍ من التعاطف المتبادل فيما يتعلق بالعرق واللغة والدين وعلى رأس ذلك المؤسسات السياسية كعوامل داعمة لشعور الأفراد بوحدة المصالح السياسية ، (2) عدم تمتع أية وحدة إدارية أو جغرافية بقوة زائدة تحملها للاستقلال الكامل عن الإتحاد أو للانفصال عنه ، (3) توفر قدر ما من المساواة بين الوحدات الجغرافية المختلفة لمنع تسلط إحداها ، أو أكثر ، على الأخريات.

الإنفصال

قد يرد أحدهم بالقول وما الضامن من عدم قيام فصيل سياسي أو جماعة سياسية بالانفصال بعد أن تأخذ الحكم بطريقة ديمقراطية في الإقليم؟!!

الإجابة: هنا يأتي دور الدستور الفيدرالي الذي يحدد بصورة أكثر وضوحاً وصرامة لثنيّ كل المخاوف؛ فالدستور الفيدرالي هو الذي يحدد كيفية الانفصال وتقرير والمصير لأي عرقية أو قومية في الدساتير الفيدرالية؛ وفي العادة يحتوي الدستور الفيدرالي على شروط يستحيل تنفيذها للانفصال؛ فبعض الدساتير تحدد الاستفتاء العام المباشر لكل الشعب حول إقليم معين ويحدث تقرير المصير بعد أربع سنوات من تقديمه ويجب أن تكون نسبه الموافقة على الحق بتقرير المصير أكثر من 90% من مجموع شعب الدولة لا الإقليم بحد ذاته.

الدستور مهم لأنه الضمانة الوحيدة لشكل النظام الفيدرالي ،و هو بالنسبة للأقاليم المؤتلفة في الكيان الفدرالي بنفس أهمية الدستور بالنسبة لمواطني الدولة الموحدة. لا يمكن تغيير الدستور الفيدرالي عادة بالضد من رغبة سكان أحد الأقاليم المشاركة في الدولة الفيدرالية. ويجري تغيير الدستور عادة من قبل البرلمان الاتحادي بالأكثرية المطلقة. ويجب أن تترشح موافقة الأقاليم من خلال رغبات الأكثرية من السكان (الاستفتاء في كل من سويسرا و أستراليا ) أو من خلال التصويت في البرلمان الاتحادي ( الولايات المتحدة ، المكسيك و فنزويلا ).

ويطرح سؤال آخر ما الفارق بين الدولة البسيطة والمركبة(النظام الفيدرالي)؟

يُطلق على الدولة الفيدرالية إسم (الدولة المركبة) وأما الدولة أحادية الحكومة فيطلق عليها إسم (الدولة البسيطة) ولكن كل من الدولة البسيطة (الأحادية) والدولة المركبة (الفيدرالية) متعددة الحكومات عبارة عن دولة وطنية واحدة بأمة وطنية واحدة وشخصية دولية واحدة وجنسية واحدة لكن الإختلاف فقط هو في النظام الداخلي الذي يحكم هذه الوحدة الوطنية (2).

ضمانات حفظ الدولة

ما الضمانات التي تحقق النظام وتبعد مخاطر الإنفصال؟

1.وجود دستور مكتوب يتضمن الآتي: (3)

‌أ.حماية حقوق الأفراد والحكومات المحلية من خلال تضمين هذه الحقوق في الدستور بوصفها جزءاً من الصفقة الفدرالية، وأن يمتلك المركز القوة للتدخل في الوحدات الفردية (حكومات الأقاليم) لحماية الحقوق الدستورية وكل ما يتعلق بها من إجراءات، وذلك بمنح المحاكم الفدرالية والسلطات القضائية تفويضاً بإلغاء القوانين والأفعال أو المعاقبة عليها, ويتوجب على الدستور – أيضاً – أن يمنح المحكمة الدستورية الفدرالية تفويضاً بترجمة وتفسير الأحكام الخاصة بها ودعمها وحل الخلافات بين الحكومات قضائياً، وحماية الحقوق الدستورية للأفراد والجماعات.

‌ب.حق الوحدات المكونة للاتحاد في الاشتراك بتعديل الدستور الفدرالي وأن يكون لها الحق في تغيير الدستور الخاص بها من جانب واحد (وبما لا يتعارض مع الدستور الفدرالي)؛ وفي الحالة اليمنية يبدو أن يكون لكل أقليم دستور خاص غريباً فالقيم المستقاة من الدستور ستكون واحده لأن الجميع متوحد فيها ولايوجد لدينا أياً من القوميات والعرقيات والأديان.

‌ج.وجود تمثيل متساوي وقوي للوحدات الصغرى في المؤسسة الفدرالية والحكومة اللامركزية.

‌د.منح الحكومات المحلية بعض الاستقلالية في إدارة شؤونها الاقتصادية.

‌ه.توزيع القوة أو السلطة بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية مع حماية الحكومات المحلية من تطفل الحكومة الاتحادية.

2.وجود مؤسسات مجتمع مدني نابضة بالحياة ،وقد أحسن (دايموند) في التأكيد على هذه المؤسسات لما تشكله من قوة ضاغطة باتجاهين:الأول باتجاه الحكومة الاتحادية لمنعها من الانحراف عن المسار السياسي الصحيح وحثها على مزيد من اللامركزية، والآخر باتجاه الحكومات المحلية لمنعها من استغلال سلطاتها بشكل يتنافى مع الدستور الاتحادي ومع حقوق وحريات مواطنيها، فضلاً عن الدور الفاعل لهذه المؤسسات في رفع مستوى الوعي العام للأفراد والجماعات.

من جانبه أكد (جورج اندرسون) على أهمية هذه الضمانات وأضاف إليها ضمانات أخرى تتمثل بـ(4):

1.الضمانات الثقافية التي تتضمن:

‌أ.احترام سيادة القانون.

‌ب.احترام حقوق الأقليات.

‌ج.احترام عنصر الهوية المشتركة.

2.وجود توازن بين الوحدات المكونة للاتحاد لمنع الاستقواء في علاقاتها بعضها بالبعض الآخر.

ويمكن أن نضيف إلى ما تقدم الضمانات الآتية (5)

1.وجود نخبة سياسية مؤمنة بالفدرالية وتعمل على ترسيخها دستوريا وشعبياً.

2.وجود عدة وحدات فرعية للاتحاد الفدرالي وأن لا يكون مقتصراً على وحدتين فقط( ).

إن الضمانات أعلاه تشكل أساس نجاح تطبيق الفدرالية، وبدونها يغدو فشل النظام الفدرالي أمر محتوما لا مفر منه.

ولعل السؤال الأكثر أهمية كيف يفشل النظام الفيدرالي؟

اذا كانت تجارب بعض الدوّل الفيدرالية قد انتهت الى فشل بنائها الاتحادي-رغم ندرتها-, فان ذلك لم يحصل بسبب الفيدرالية ذاتها, بقدر ما هو نتيجة منطقية لاخفاق المزاوجة بين عنصري الدولة الاساسيين وهما شكل الدولة (تقسيم مساحتها ونوعية العلاقة بين اجزائها), وشكل الحكم فيها (اسلوب ادارة السلطة)، إذ لايمكن أن نذهب إلى الفيدرالية ومازال العقل التشطيري يتحكم بالسلطة ويعبث بها.


* الاصلاح نت
....................................

الضالع نيوز/متابعات أغلقت مليشيا الحوثي العشرات من مساجد النساء في محافظة إب، وسط البلاد، ضمن انتهاكات واسعة تطال المساجد ودور العبادة بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها المسلحة. وقال سكان محليون، إن مليشيا الحوثي، أغلقت مصليات النساء في أغلب مساجد مدينة إب ومدنها الثانوية في يريم والقاعدة والعدين تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات