ذكرى 25 يناير.. هل أكلت الثورة أبناءها؟

25 - يناير - 2017 , الأربعاء 08:35 مسائا
3321 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةعربي ودولي ⇐ ذكرى 25 يناير.. هل أكلت الثورة أبناءها؟

الضالع نيوز/جيل


"إنني الغضب.. إنني غضب الشعب.. ولذلك ينصت الشعب إلى كلماتي ويؤمن بي"، كانت هذه كلمات، جون بول مارا، واحد من أهم قادة الثورة الفرنسية، وهو الثوري شديد التأثير في الجماهير باعث الحماسة بخطاباته الرنانة، ولتوّه كان هو ومن معه من "اليعاقبة" قد انتهوا من حلفاء الثورة "الجيرونديين" وقتلوا وأعدموا منهم الآلاف، وسرعان ما قُتل مارا نفسه عام 1793 على يد فتاة من "الجيروند" تبعه رجل آخر لا يقل أهمية عن جون مارا وهو جورج جاك دانتون، الذي قال عبارته الشهيرة وهو على مقصلة الإعدام "إن الثورة تأكل أبناءها"، لتدخل الثورة الفرنسية في طور التراجع وعودة البرجوازية بعد أن أكلت أبناءها وقتلوا بعضهم بعضًا، ما دفع نابليون بونابرت لإحداث انقلابه العسكري ووضع حدًا للثورة وعنفوانها وإقامة نظام ديكتاتوري توسعي.

مشهد فريد من العاصمة الفاضلة
من باريس القديمة إلى قاهرة الألفية الثانية، في ميدان التحرير كان المشهد فريدًا، وكانت القوى السياسية المصرية بمختلف طوائفها قد توحدت في ميدان التحرير واتفقت على إطاحة نظام مبارك، اختفت الأيديولوجيات والشعارات وتراص الجميع صفوفًا على مسرح الثورة المفعم بالطاقة الهائلة التي سرت في عروق المصريين، كانت أهازيج النصر تختلط بهتافات الغضب لتوقد روحًا وطنية عابرة للحدث.

عاشت العاصمة المصرية ثمانية عشر يومًا كمدينة فاضلة، ومع اختفاء قوات الشرطة والأجهزة الأمنية، قام الشعب بإحداث اللجان الشعبية التي حفظت النظام والأمن في البلاد، لتضيف إلى مشهد التحرير مشهداً آخر لا يقل روعةً ورقيًّا.

لكل حدث نهاية
شيء من الخوف والتساؤل كان يتسلل إلى النفوس كلما لاحت لحظات النصر القريب، فماذا بعد تحقيق مطالب الثورة والإطاحة بنظام مبارك؟! وكان الشقاق قد بدأ فعليا وإن كان غير مؤثر عندما بدأت اجتماعات خفية تحدث بين بعض قادة الأحزاب الموجودين في الميدان مع رجل المخابرات اللواء عمر سليمان، وهو ما أحدث غضبا عظيما في نفوس الثوار، مخافة أن يتم احتواء الثورة أو التنازل عن شيء من مطالبها، تجاوز الجميع الحدث وقتيًا إلا أن بذور الخلاف قد استقرت في النفوس.

الخروج من الميدان
في الـ 12 من فبراير/شباط لعام 2011 بعد يوم واحد من خلع مبارك عن حكمه، بدأ الكثير من الرفقاء مغادرة الميدان، وبدا أن الثورة تتجه نحو المسار السياسي والدخول في السراديب الضيقة والجلوس على الموائد المستديرة، لتكون أساس المعارك والخلافات بين رفقاء الأمس، إذ اختفت الشعارات الملهمة نحو الوحدة وتحقيق مكتسبات الثورة، وأخرجت الأجندات الخاصة من أدراج المكاتب.

بروز الأيديولوجيات والانقسامات
لعب المجلس العسكري الحاكم لمصر بعد الثورة على إبراز روح التمايز بين الصفوف الثورية، مع خروج أيديولوجيات جديدة لم تكن ظاهرة على مسرح العملية السياسية في مصر، ما بين يسارية ووسط ويمينية، وانضوى آلاف الشباب في تلك الأيديولوجيات في بوتقة الجماعات والأحزاب، وظل آخرون على النهج الثوري محاولين الخروج من المسار المحدد الذي أريد للثورة أن تسلكه.

احتواء الثورة في الانتخابات والاستفتاءات
استفتاء (نعم ولا) وهو أول استحقاق انتخابي عقب ثورة يناير وجرى الاستفتاء على تعديل الدستور المصري يوم 19 مارس/آذار 2011، وقد مثل هذا الاستحقاق أول شرخ حقيقي في صف الجسد الثوري، وتصاعدت من خلاله لغة الخلاف المتنامية بين جميع التيارات والأحزاب السياسية المشاركة في هذه العملية. تلى الاستفتاء عدد من الاستحقاقات الأخرى خلال الأعوام التالية كانتخابات مجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية والاستفتاء على الدستور، وبعدما وصل الاحتقان بين جميع أطياف المجتمع إلى ذروته تدخل الجيش ليهدم هذه الاستحقاقات الخمسة وينقضّ على الحكم ويضرب ثورة يناير وصنّاعها في مقتل.

أحداث محمد محمود
أكلت يوم أكل الثور الأبيض.. هذه الحكمة البالغة المتداولة في أدبيات العرب تنطبق تمامًا على أحداث محمد محمود التي اندلعت في 19 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 وعدّها بعض الكتاب والمؤرخين الموجة الثانية لثورة الخامس والعشرين من يناير، وهي التي قامت القوات الحكومية من الجيش والشرطة بشن حرب إبادة جماعية ضد الثوار في ميدان التحرير وراح ضحيته المئات من القتلى وآلاف المصابين، لتكون أول بداية محاسبة ثوار يناير وبدء الحرب الانتقامية من أجهزة الدولة المصرية القديمة ضدهم، ولكن الحدث الأبرز تمثل في عدم مشاركة قطاعات من الأحزاب والجماعات وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين بصفتها أكبر الجماعات التنظيمية القائمة على الساحة المشاركة في ثورة يناير في هذا الحدث والإحجام عن التفاعل معه، وإن أبدوا شجبهم وإدانتهم لعمليات القتل.

الأمر الذي أدى إلى إعمال لغة الغضب والتخوين بين رفقاء الثورة، والاتهام المباشر ببيع دماء الشهداء والانحراف عن مسار ثورة يناير إلى مسار آخر يتوافق مع المجلس العسكري الحاكم وسياسته، لتنتهي الحادثة ولم يعد الميدان كما كان، ولم يعد الصف الثوري إلى لحمته أبدًا بعد ذلك، وبدأ الجنرالات والدولة العميقة عمليات التصفية للثوار تباعًا.

مذبحة الألتراس
واحدة من أضخم المذابح التي ارتكبت في أعقاب ثورة يناير، وواحدة من أبشع الحوادث في تاريخ الرياضة العالمية، عندما قُتل 74 شخصا من رابطة مشجعي ألتراس النادي الأهلي في استاد بورسعيد يوم 1 فبراير/ شباط 2012، وكان مشجعو الألتراس من أكثر الثوريين حماسة وقوة، ولهم دور مشهود يوم موقعة الجمل، وكانوا دائمي الهتاف والمعارضة ضد المجلس العسكري والداخلية المصرية، كانت الحادثة غامضة من حيث الطرف الفاعل، واتهم ما يعرف بـ "الطرف الثالث" ذلك المصطلح الذي ظهر على الساحة ليواري عددًا من الأفعال الغامضة المتعلقة بالقتل والشغب وتهديد السلم المجتمعي، وجاء وقوع المذبحة في ظل وجود مجلس شعب منتخب ليمثل بعدًا آخر، وعُدّ اختبارًا حاسمًا لهذا المجلس الذي فشل في تقديم أي حلول أو مكاشفات تتعلق بالأمر، لتطوى المأساة كغيرها من مآسي تلك الفترة وتترك جرحًا آخر شديدًا في الجسد الثوري.

آخر أيام الإخوان
حرصت جماعة الإخوان المسلمين منذ الخروج من ميدان التحرير على سلوك مسار إصلاحي كامل، وعدم الدخول في صدامات مباشرة مع المجلس العسكري، واللعب على تحقيق مكاسب انتخابية، الأمر الذي أدى إلى خلاف عميق بينها وبين باقي قطاعات الثورة من الرافضين لنهج الجماعة، وكان تهديد الجماعة للدولة العميقة من جهة أخرى يمثل مساحة ضغط مختلف عليها، ما أدى في النهاية إلى فقدانها جزءاً ضخماً من حلفاء الثورة ورفقاء الأمس مع تفرد المجلس العسكري وتجهزه الكامل للانقضاض عليها، وكانت جماعة الإخوان بصفتها الحزب الحاكم تمثل أكبر قطاع شعبي شارك في ثورة يناير من حيث الأفراد وقوة التنظيم، فكان سقوطها سقوطاً مدوياً تسبب في كم هائل من الخسائر البشرية والسياسية.

الانقلاب العسكري الفصل الأخير في المرحلة
الثالث من يوليو/ تموز 2013 مثّل الفصل الأخير في تلك المرحلة من الثورة، الجيش يقوم بعزل الرئيس ووقف العمل بالدستور.. الجماعة التي مثلت أكبر فصائل الثورة تدخل بين رحى العسكر ومطرقته وسندانه، المواجهة المؤجلة التي كان يخشاها الجميع بدأت فصولها أخيرًا، لا بديل عن المنهج الثوري والانتفاضة ضد العسكر بعد عامين ونصف من العمل الإصلاحي للجماعة، ولكن الجيش كما قال السيسي من قبل "آلة للقتل" وبدأت مرحلة جديدة من التصفية والقتل الممنهج، كان في مقدمتها رجال وشباب الجماعة ومعهم قطاع عريض من الشعب الرافض للتحرك العسكري. لتكون النهاية دراماتيكية أشبه بالعديد من الثورات كالثورة الفرنسية والثورة الرومانية (المعروفة بأضحوكة الثورات).

الضالع نيوز _ الجزيرة نت أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد -مساء أمس الأحد- تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، كما قرر تولي السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه بنفسه، وتولي رئاسة النيابة العامة لتحريك المتابعة القضائية ضد من تحوم حولهم شبهات فساد. تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات