واحدة خفيفة عقل !!

15 - أكتوبر - 2014 , الأربعاء 06:46 مسائا
3799 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ واحدة خفيفة عقل !!

محمد علي محسن
أعترف وأقر أنني احببت مجنونة. هل قدر لا حدكم الاقتران بفاتنة خفيفة عقل ؟ أنا الوحيد الذي أهدر من عمره زمنا ليكتشف في النهاية وهمه المبدد على قارعة المحبوبة الساحرة الآخذة لإلباب العشاق المتيمين بها .

قيل بان الحب اعمى ، والحق ان الحب جنون جامح لا تدري أين مبتدأه او منتهاه ؟ فقبل ان يؤوب عقلي من اجازة طويلة كنت قد اقتفيت قلبي الولع الشبق المتيم بعشق حسناء لا وجود لها سوى في قصص الخيال وفي اساطير الخرافة .

نعم تبعت فؤادي الى دار الحبيب . قصة هذه المحبوبة تشبه قصة أي حاكم عربي ولع بسلطانه ولحد الهوس المجنون ، فبرغم يقيني ان الحب الذي مستهله نظرة شزره ماكرة أو ابتسامة جذلة مصطنعة أو كلمة مخاتلة خادعة سيكون منتهاه مأساة سريعة؛ لكنني ومع ذلك ذهبت خلف كذبة الحب من اول نظرة نافذة للأعماق .. اول كلمة عذبة ساحرة .. اول لقاء مصادفة بلا موعد .

نعم احببت ولكن برجلي ومنذ اول خطوة دلفت بها الى ذاك الدار العتيق المهاب المسيج بجدران كئيبة رثة صارخة بالوحشة والانين والخوف ،إذاك لم اكترث ما إذا كنت بالفعل اقتفي قلبي الهائم المترع محبة بحسناء الدار أم خلف سراب وبقدمي وكيان آدمي فاقد الروح والاحساس ؟

فمثلما قلت لكم بشغفي لهذه الكائنة المخلوقة من جنون عشاقها ، تبعتها ذات نهار قائض وبجسد نزف عرقه ونشف ريقه بحثا عن دار المحبوبة الغنجة خفيفة العقل . اذهلتني ، اعجبتني ،اخافتني ، ادهشتني ، أسرتني ، فكل ما فيها مثار دهشة واعجاب . تشبه لؤلؤة زاهية نضرة في حجرة صدفة رثة .

هي كذلك حين تشاهدها عيون السابلة فرحة جذلة انيقة وسط مدينة حزينة كئيبة مسكونة بهياكل اشباح ودم معفور واموات وانين ابدان هزيلة مذعورة نصف ميتة متشبثة ببقايا خفق على حواف مقبرة فاغرة رموسها .

جميلة ، جذابة ، عذبة ، آسرة ، لكنها حمقة.. رعنة .. مفتونة بنفسها ولدرجة تجعلها تقتل محبيها واحد بعد الاخر ودون يرفل لها جفن ندامة او يساورها ضمير .

لا اعلم كيف لكائنات بشرية في ريق ألقها وفتوتها عشق كائنا عجيبا وغريبا وهرما وفوق ذلك فاقدلحاسة الشم والبصر والذوق واللمس وحتى السمع الذي يبقي يقظا الى أخر نفس في الإنسان.

يوم تمحوها ايام ، واعوام تنحت اخاديدها في بدني ، وتجاعيدغظنه توشم ناصية وحواف سديم محياي ، فيما صاحبكم العاشق الولهان في انتظار عروسته الجميلة وهي خارجها من دارها كل صباح فيمضي وراءها ككلب طائع جائع لاهث عن عظمة يلهي بها صيحات معدته القارصة او بقايا سمكة نافقة تتفضل بها سيدته عليه .

كنت اعلم انني لست مغفلا كما ولست غبيا ابله كيما انفق سنون عنفواني بحثا عن كائن هلامي فقاعي يتمدد ويتضخم احيانا حتى تظنه فضاء فسيحا حاجبا لنور الحقيقة المطلقة .

وتارة يتكور ويتقزَّم حتى تراه فأرا شاردا أو عنكبوتا جبانا في مخبأة.. حرباء فزعة مبدلة جلدها الى ألف لون في لحظة واحدة، سوداء ، صفراء ، فاقعة ، رمادية ، غامقة ، وخلطة الوان شبيهة بزي فرق الكوماندوز .

كما وكنت اعلم بقصة اصدقائي المحبين الذين ولعوا بها وهاموا فكان جزاهم يماثل عقاب سنمار ، فما من هؤلاء الذين غوتهم محبوبتهم الفاتنة إلا ونال نصيبة من هذه المخلوقة الغريبة التي قيل بانها هجينا من دمامة وغطرسة ابليس وجمال وتواضع ملاك ،فما من احد دلف دارها إلا وفقد عقله او روحه او كرامته .

واحدة خفيفة عقل وزادت لخفة عقلها نرجسة وسادية وهكذا دواليك من العُقد النفسية ، خفة عقل زايد امراض دفينة جعلتها لا تكترث بشيء غير ذاتها المريضة المفتونة المهووسة المذعورة .

ذات يوم وبينما احشائي تتمزق وجعا وجسدي يتفصد عرقا من شدة الاعياء لم تعر صرخاتي وتوسلاتي أي اهمية إذ بقت في غرفتها وأمام المرآة وعلى سريرها غير عابئة بأنيني الفاطر لصخر الجدار . كأن صرخات وجعي موسيقى راب اعتادت سماعها اثناء تأنقها بمساحيق كوافيرها اليومية المعتادة .

في مرة تالية رافقتها الى مأتم صديق قتلته دون تدري أنها من انتزع فؤاده ورماه للقطط ،وفور وصولها اخذت تطلق ضحكات مستفزة وقحة لمن يعتلج صدره الحزن ، بل وأكثر من ذلك إذ مدت يدها لحقيبتها واخرجت كاميرا تصويررقمية طالبة من معزية متشحة بالحزن والنشيج لأن تلتقط لها صورة بثوبها الابيض العرائسي وتسريحتهاووسط مأتم طاغ سواده .

راحت المسكينة الكظيمة تلتقط لها صورا وفي مواضع عدة ولاماكن مثيرة في جسدها ودونما كلل او دراية ربما بانها وخلال دقائق قد احالت المأتم الى ملهى ليلي راقص .

انانية .. بخيلة .. جشعة .. فظة .. دميمة .. جاحدة .. ومع كل صفاتها هذه قدر لها سحر الكثير من عشاقها المتيمين . عشاق كُثر أغراهم ثوبها الانيق ،وفتنهم ظاهر وجهها البادي للعيان ، المخفي قبحه بمساحيق بيضاء وحمراء وزرقاء وارجوانية وسوداء ، واغواهم عزفها الغنج وموال صوتها وجاذبية رقصها ووووالخ .

اشياء آسرة لأفئدةالملايين الغاوين، الهائمين، التائهين ، المخدوعين، العاشقين ، الراقصين المغازلين ،المحبين ، اللاهثين، الحائرين ، المنتظرين اطلالة محبوبتهم كل صباح فيما هي مفتونة بوجهها وردائها . ولوعة متيمة بالمال وبمراقصة اصحابه ومعاشرتهم ليلا ونهارا .على استعداد دائب لمداعبة الكذب ودفن الصدق في مراب دارها ،ومثلما هو فعلها مع الصدق بمقدورها خنق محب صادق وقتله والتعزير به دونما يراودها شعور بذنب او اثم .

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات