خطورة اللعب في المناطق الرمادية !!

13 - أغسطس - 2016 , السبت 03:10 مسائا
3803 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ خطورة اللعب في المناطق الرمادية !!

محمد علي محسن
خطورة اللعب في المناطق الرمادية !!
محمد علي محسن
دول التحالف العربي وتحديدا السعودية والإمارات تدخلت عسكريا في اليمن بدافع الحمية العصبية والعفوية - وايضا- الهلع من هاجس قديم جديد يتمثل في بؤرة شيعية فارسية في عتبات البيت الخليجي الخلفية .
بؤرة وعلى غرار ما هو موجود في العراق وسوريا وجنوب لبنان والبحرين وحتى بحيرة الخليج العربي ذاتها والتي باتت بؤرة صراع منذ عقود وتحديدا عقب سيطرة ايران على ثلاث جزر إماراتية " طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى " وما تبعها من محاولات وصلت لحد فرض مسمى " الخليج الفارسي " على شركات اتصالات عالمية مثل " جوجل " وغيرها .
السلطة الشرعية وعودتها الى حكم البلاد بلا شك يتطلب القضاء على مليشيات التمرد والانقلاب ، وهذا الهدف السياسي باعتباره غاية التدخل العسكري في اليمن لا يبدو انه أخذ على محمل الجد من دول التحالف والا لرأينا الصورة مغايرة تماماً لما هو حاصل ميدانيا .
فالحرب ، اي حرب ، هي في المحصلة نتاج اخفاق الدبلوماسية السياسية ، بمعنى اخر ان ما فشلت في تحقيقه الدبلوماسية تحققه الحرب ومن خلال آلتها الحربية المدمرة والمكلفة للغاية .
المسألة لا تحتاج اكثر من النظر الى مجريات الأﺣﺪﺍﺙ الحاصلة خلال عام ونيف من الحرب ، فلا الحسم العسكري تم او ان الحل السياسي أنجز .
لا حظوا مثلا كيف ان محافظات جنوبية تحررت من المليشيات الانقلابية لتغرق في مسلسل الجماعات الإرهابية ؟ وكيف ان عملية تحرير تعز تعثرت أسوة بتحرير العاصمة صنعاء .
ولحسابات ضيقة وغير دقيقة باتت محافظات شمالية عالقة بين مليشيات عابثة مهيمنة وبين جيش وطني ومقاومة على تخوم صنعاء وبانتظار انطلاقة معركة التحرير مثلما سمعنا مرارا وتكرارا .
نعم ، تحالفت الدول العربية خلف السعودية وكعادة العرب عندما يخوضون معركة مع عدو خارجي او داخلي ، فلا توجد لديهم هدف واضح المعالم كيما يكون هناك منتهى لهذه المعركة او تلك .
اعتقد انه وما لم تقم دول التحالف التي هي هنا السعودية والإمارات بدرجة اولى بتصحيح الأخطاء الفادحة ، حتما ستجد ذاتها في نهاية المطاف في مستنقع يماثل المستنقع الأفغاني بالنسبة للروس الذين ذهبوا مطلع الثمانينات لنجدة حليفهم الرئيس محمد نجيب الله ليجدوا انفسهم في شرك حرب استنزفت منهم الكثير ماديا وبشريا لتجبر في النهاية على الانسحاب تاركة نجيب الله وأفغانستان عموما لجماعات وفصائل متطرفة متناحرة الى اللحظة الراهنة .
الاحتمال الاخر هو ان التحالف سيتخلى عن اليمن تاركا إياها تواجه مصيرها أسوة بالعراق ، مع الفارق في طبيعة التدخل العسكري الامريكي الذي على ﺍﻻﻗﻞ حقق هدفه وأطاح بالرئيس صدام ونظامه ، بينما تدخل التحالف العربي في اليمن لم يحقق شيئا في المحصلة رغم الإنفاق المهول على المعركة العسكرية التي بدأت يوم ٢٦ آذار مارس ٢٠١٥م فما هو في الواقع لا يشيء بان قوات التحالف الضخمة حسمت أمرها وقضت على مليشيات مسلحة انقلبت على سلطة تمثل على ﺍﻻﻗﻞ مشروعية وحظيت بدعم إقليمي وعربي ودولي ، ما لم تتوافر لتدخلات خارجية اخرى .
في المعارك المصيرية لا يحبذ المناورة او التكتيك العبثي المهدر للوقت والجهد ، وانما يستلزمها رؤية واضحة وقوة مدركة لطبيعة الهدف وماهية الوسيلة الناجعة والسريعة للوصول اليه ..
اللعب في الأوراق بمحاولة خلطها لربما مثل اداة ناجعة في التكتيكات السياسية اما عسكريا وعندما تلعب في المناطق الرمادية المبهمة او توجه قوتك الى خيارات غامضة ومتناثرة وغير منسجمة او متسقة مع الأهداف العسكرية المحددة سلفا فذاك يعني خسارة المعركة ، بمعنى اخر هزيمة عسكرية ، والهزيمة العسكرية بكل تأكيد تعد هزيمة سياسية وفي كافة المفاهيم الفلسفية والسياسية .
وهذا ما لا نرجوه او نتمناه وندعو الأشقاء الذين هبوا لنجدة إخوانهم في اليمن الا يقعون في شرك الاستنزاف طويل الأمد .
ربما عدم امتلاك دول الخليج تجربة الدول الاستعمارية التي تمكنها من ادارة الصراع العسكري او حتى السياسي في اليمن سببا ايضا فيما يحدث ، وهذا القول فيه جانب من الصواب ، فإدارة الأزمات في أية بؤرة ملتهبة في العالم يتطلب خبرة من اي نوع والا لكانت النتيجة كارثية وتماثل حال الأمريكيين الذين امتلكوا الترسانة الحربية في معارك العراق وأفغانستان وايضاً اثناء تدخلهم في حرب البلقان إبان عهد الرئيس بيل كلينتون ، لكنهم فشلوا في مواجهات الأزمات الناشئة نتيجة لجهلهم بأدوات السيطرة على تلك الاوضاع .
وعلى هذا الاساس يتوجب عليهم اذا ما أرادوا
الانتصار في المعركة ان ينحازوا اولا للأهداف العسكرية المنشودة والا يتوقفون او يغرقون في معارك ثانوية لا تفضي لغير المزيد من الاستنزاف ، فواقع الحال وبعيد عام ونصف لا يشيء بثمة انتصار حقيقي على الارض ، فلا محافظات الجنوب صارت محررة قولا وفعلا كي تزاول منها الحكومة الشرعية كامل نشاطها او ان محافظات الشمال على وشك ان تتحرر من هيمنة المليشيات .
فهذا الإيغال في المعارك الثانوية اعتقد انه تسبب في صناعة حالة فريدة ، هذه الحالة احد أوجهها انها بقت عالقة ما بين الحسم العسكري والمشاورات السياسية الماراثونية .
وبين الاثنين سلطة شرعية مازالت في الرياض وقوات محتشدة في محيط العاصمة صنعاء مسنودة بطائرات تحالف لا يتوقف هديرها في الفضاء ، وبالمقابل مليشيات انقلابية مسيطرة في الواقع على مؤسسات الدولة في صنعاء وتتحكم بكل مفاصل البلاد من مال وقوة واتصالات ووظيفة وموارد وحتى أسئلة امتحانات التعليم .

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات