عصام القيسي

إن الدور الذي قام به الأمير حمد آل ثاني أمير قطر السابق والدور الذي تقوم به قطر من بعده أيضاً يشبه إلى حد كبير الدور الذي كان يقوم به الأمير الفلورنسي لورينزو ميديشي، قبل حوالي 500 سنة في إيطاليا.



لقد عرف لورينزو ميديشي بكونه راعياً للفون والآداب، وأميراً للنهضة الإيطالية، ولا أبالغ إذا قلت إن حمد آل ثاني كان يسير على نفس الدرب لولا أن التحديات أمامه أكبر.



إن أوجه الشبه بين الرجلين (حمد / لورينزو) وبين الدولتين (قطر / فلورنسا) ملفت حقاً: فكلاهما أمير لدولة صغيرة المساحة، تكاد تكون مساحة مدينة. وكلتا المدينتين تقعان في الشمال من شبه جزيرة (الجزيرة العربية / الجزيرة الإيطالية). وكلاهما ينتمي لأسرة غنية أنفقت على الفنون والآداب والإعلام بسخاء. وأبرز ما يميز عصريهما ازدهار التجارة والبناء، وانتعاش المصارف ورجال الأعمال. وبعد توليهما السلطة خلفاً لوالديهما قاما بإعادة تشكيل مؤسسات الدولة بالكامل على أسس أحدث وأفضل. واستطاع كلاهما إخماد العداوات بين الأسر النبيلة المشاركة في الحكم، وحل مشكلاتها. وتعرض كلاهما لمحاولات انقلابية من إمارات مجاورة (سحب سفراء وماشابه ذلك!).



إن قطر التي أسسها الأمير النبيل حمد قد أضافت إلى الحياة العربية وإلى المجرى الإنساني ما لا تتخيله العقول المسطحة والأنفس المكتظة بالغيض على مشاريعها التافهة.



سيقول التاريخ كلمته في هذا حق الأمير وفي حق هذه الدولة التي تحاول جهدها إخراج العرب من ظلمات الجهل والاستبداد إلى نور الحياة، مهما كانت الذرائع التي يتذرع بها الخصوم في نقد الظاهرة القطرية، فإنها ذرائع السياسة التي لا تمتلك قطر غير مسايرتها في كثير من الأحيان لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهداف نبيلة.