سورية و"الأمم المتحدة" في مفترق الطرق

24 - سبتمبر - 2013 , الثلاثاء 03:52 مسائا
4188 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةعبد العزيز العويشق ⇐ سورية و"الأمم المتحدة" في مفترق الطرق

عبد العزيز العويشق
الأسبوع القادم هو أهم اختبار لمجلس الأمن، فإن لم يتمكن من اتخاذ قرار حازم وحاسم في أمر الأسلحة الكيماوية، فليس ثمة أمل بأن يكون للمجلس أي دور مستقبلي في إنهاء الأزمة السورية.
أكتب هذا الأسبوع من نيويورك، حيث يناقش مجلس الأمن كيفية القضاء على الأسلحة الكيماوية في سورية، ويأتي ذلك في أعقاب تقرير مفتشي الأمم المتحدة، الذي أكد استخدام غاز السارين في الهجوم الذي وقع على معاقل المقاومة في الغوطة، إحدى ضواحي دمشق، صباح 21 أغسطس 2013.

وإذا فشل المجلس في اتخاذ قرار حاسم في قضية واضحة ومصيرية كهذه، حيث استخدم النظام الأسلحة الكيماوية المحرمة ضد المدنيين، مما تسبب في قتل فوق (400) طفل و(1000) من النساء والرجال، اختنقوا بالغاز وهم نائمون، فإن ذلك الفشل سيكون نقطة تحول في تاريخ المجلس والأمم المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في تصريحاته يوم الخميس (19 سبتمبر): "الآن وقت الاختبار، حيث يجب أن يكون مجلس الأمن مستعدًّا لاتخاذ قرار الأسبوع المقبل." وهو بذلك يسعى إلى إظهار أهمية السرعة في اتخاذ قرار سريع وحازم لتنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي في جنيف الأسبوع الماضي بشأن أسلحة الأسد الكيماوية. حيث توصلا السبت الماضي (14 سبتبمر) إلى "اتفاق إطاري" لإزالة وتدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية في سورية.

وسرعان ما توصل الروس والأميركيون إلى ذلك الاتفاق، دبّ الخلاف بينهما حول ما ينبغي اتخاذه من خطوات لتنفيذه. إذ قالت الولايات المتحدة، إن الخطوة اللاحقة تتمثل في قيام مجلس الأمن باتخاذ قرار مُلزم لتنفيذ ما اتفق عليه، أي بأن يُلزم المجلس النظام السوري بتقديم كشف كامل بما لديه من أسلحة كيماوية خلال أسبوع، ومن ثم تدميرها خلال بضعة أشهر. ومن المهم كذلك أن يكون القرار مبيناًّ على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يعني إمكانية استخدام القوة لتنفيذه. وفي المقابل، يرى الروس أن يكون أي قرار لمجلس الأمن مبنياًّ على الفصل السادس، أي أن تكون متابعة التنفيذ من خلال السبُل السياسية والدبلوماسية.
ولكن حتى الآن لم يظهر اهتمام ملحوظ من قبل الدول الكبرى بمعاقبة المسؤولين عن هجمات 21 أغسطس. ولهذا أصدرت إحدى منظمات حقوق الإنسان (هيومان رايتس واتش) بياناً الثلاثاء الماضي (17 سبتمبر) تطالب فيه بأن يتضمن قرار مجلس الأمن المتوقع صدوره نصاً بإحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات الدولية. وأضافت المنظمة: "إن مجرد احتجاز الأسلحة الكيماوية دون محاكمة المسؤولين عن استخدامها هو إهانة للضحايا، وإن إحالة النظام السوري إلى المحكمة الدولية بداية ضرورية لتحقيق العدالة لعشرات الآلاف من المدنيين الذين قتلوا في سورية." وحسب رأي بعض الخبراء، فإن قرار مجلس الأمن ضروري لكي يمكن إحالة الموضوع إلى المحكمة الدولية، لأن سورية لم توقع على نظامها.

وقد اعترضت منظمات حقوقية أخرى، كما اعترضت المقاومة السورية، على الطريقة التي تعالج فيها المسألة السورية، باختزالها في مشكلة الأسلحة الكيماوية، فنظام الأسد مسؤول عن قتل أكثر من (100,000) مدني بالأسلحة التقليدية، مقارنة بـ(1400) في الهجوم الكيماوي في الغوطة.
وقدمت الدنمارك الخميس الماضي أيضاً رسالة إلى مجلس الأمن، نيابة عن الائتلاف السوري للمعارضة والثورة، لأن الائتلاف ما زال غير معترف به كدولة من قبل الأمم المتحدة. وبناءً على تقرير المفتشين الدوليين بشأن الأسلحة الكيماوية، تحث الرسالة مجلس الأمن على سرعة السيطرة على تلك الأسلحة وتدميرها، وعلى إحالة الموضوع إلى محكمة الجنايات الدولية.
وتتفاءل الولايات المتحدة وغيرها بأن قرار مجلس الأمن سيكون حاسماً في الموضوع، وأنه سيسهم في حقن الدماء في سورية، وربما كان معيناً لقوى المعارضة كذلك.
ولكن الكثيرين قلقون بأن نتيجة القرار ستكون عكسية، فالإطار الأميركي الروسي الذي اتفق عليه في جنيف، إن تم تبنيه كما هو من قبل مجلس الأمن، قد يدعم النظام ويطيل مدته، بإضفاء الشرعية عليه بطريقة غير مباشرة كشريك دولي في تنفيذ قرار المجلس، مما يتيح له فرصة أكبر للقضاء على المعارضة. وهذا القلق متحقق حتماً فيما إذا كان القرار ليس مربوطاً بالفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ففي تلك الحالة لن يشعر النظام بأن لمخالفة القرار تبعات عاجلة أو قوية.

وأحد أسباب هذا التشاؤم هو الطريقة المترددة التي عالج فيها الرئيس أوباما الموضوع، حين هدد في البداية باستخدام القوة لمعاقبة الأسد، وأبدى استعداده لضرب سورية دون أخذ رأي الكونجرس أو الأمم المتحدة، ثم أحال الموضوع إلى الكونجرس، ثم طلب من الكونجرس عدم التصويت على طلبه، ثم وافق على إحالة الموضوع إلى المفاوضات مع روسيا، ثم إلى مجلس الأمن.
وقد فسر النظام السوري هذا التردد والتقلب بأنه علامة ضعف، بل هزيمة أميركية حسب دعاية النظام. وإذا كان النظام السوري يصدق هذه الدعاية فعلاً، فربما زاد من بطشه بالشعب السوري في الأسابيع القادمة.
ومما يزيد القلق كذلك فشل الأمم المتحدة في الماضي، ومجلس الأمن تحديداً، في اتخاذ قرارات توقف نزيف الدماء في سورية وتردع النظام. فعلى مدى الأشهر الثلاثين الماضية، قُتل في سورية أكثر من مئة ألف من المدنيين، وشرد من شعبها أكثر من سبعة ملايين، بين لاجئ خارج سورية ونازح داخلها، دون أن يتمكن المجلس من الاتفاق لإصدار قرار لردع النظام.
ولا شك أن روسيا هي الملوم الأول في فشل مجلس الأمن، ولكن تردد وضعف أعضائه الأربعة عشر الآخرين هو الذي مكّن روسيا من الاستمرار في إفشال جهود المجلس والمجتمع الدولي.

وربما كان الأسبوع القادم هو أهم اختبار لمجلس الأمن، فإن لم يتمكن من اتخاذ قرار حازم وحاسم في أمر الأسلحة الكيماوية، فليس ثمة أمل بأن يكون للمجلس أي دور مستقبلي في إنهاء الأزمة السورية.
أما إذا تمكن المجلس من إرسال رسالة موحدة وقوية حول الأسلحة النووية، فإن النظام السوري قد يبدأ بالاهتمام، خاصة إذا كان القرار الذي يصدر ينص على عقوبات رادعة وفورية (دون الرجوع إلى مجلس الأمن مرة أخرى)، إن أخل النظام بالتزاماته. أما إذا كان القرار ضعيفاً ويتطلب مزيداً من المفاوضات لتنفيذه، فإن النظام سيُطلق العنان لقواته لاستكمال مشروعه في القضاء على أية معارضة في سورية وإعادة سيطرته الكاملة على الشعب السوري.
نقلاً عن "الوطن" السعودية

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات