ليبرالية سعودية وشيوعي سابق !!

03 - أبريل - 2014 , الخميس 07:51 مسائا
4006 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ ليبرالية سعودية وشيوعي سابق !!

محمد علي محسن
في هذه البلاد ثمة أفكار ليبرالية يعوزها الدولة أولاً وتالياً الناظم المجسد لهذه الليبرالية وفي واقع مجتمعي مُثقَل بمخاوفه وهواجسه وحتى استرابته وتخلُّفه إن لم نَقُل برفضه وممانعته لكل اشكال التعاطي مع المفاهيم الوافدة إليه من الخارج.

فقليلاً ونادراً ما يتم التعامل مع هذه المفاهيم العابرة للحدود باعتبارها ضرورات حضارية يصعب إغفالها أو رفضها ؛ فما من مفهوم حداثي عصري إلا وتمّت مواجهته زمناً وبمبررات وأحجية اثبتت التجربة فشلها وعجزها عن مقاومة هذه المفاهيم الحضارية الإنسانية الآخذة الآن في التوسع والانتشار رغم أنف السيادة والاستبداد والجهل والتخلف.

ما أفهمه هو أن الليبرالية مذهب فلسفي يعني في الاساس الحرية المطلقة التي لا تحدها حدود أو تمنعها سدود إلَّا ما كان فيها تجاوز الآخرين على قاعدة " تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين " 1.

وفقاً لعبد الرحيم صمايل السلمي مؤلف كتاب " الليبرالية .. نشأتها وتطورها ومجالاتها " فإن هذه الليبرالية جوهرها الأساس " الحرية " المبدأ والمُنتهَى ، الباعث والهدف ، الاصل والنتيجة في حياة الانسان ، كما وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تقطع في شيء سوى وصف النشاط البشري الحر وشرح أوجهه والتعليق عليه.

" نشأت في المتغيرات الاجتماعية التي عصفت بأوروبا بدءاً من القرن السادس عشر كردّة فعل إزاء تسلط الكنيسة والاقطاع في العصور الوسطى ؛ لكنها لم ترتقِ الى نظريةٍ في السياسة والاقتصاد والاجتماع سوى في عصر النهضة الاوربية وتحديداً في أوائل القرن التاسع عشر حين صارت الليبرالية فلسفة سياسية وإن بصور وقوالب مختلفة الأشكال " .

فالليبرالية في المُجمَل " نظرية الحرية " ففي بريطانيا تُستعمَل الكلمة بالمعنى الاقتصادي بينما في إيطاليا تستعمل بالمعنى السياسي والديني " 2 . فما هو مؤكد بأن هذه الليبرالية كمصطلح يتم تعريفه بحسب الوظيفة التي يؤديها, فهناك ليبرالية اقتصادية وليبرالية سياسية وثالثة دينية.

فكما تم اختزال هذه الليبرالية في جملتين هما " دعه يعمل " كدلالة على الحرية الاقتصادية و" دعه يمر " كدلالة على الحرية السياسية التي يُعد جون لوك من أوائل فلاسفتها الليبراليين. وللزيادة في الفائدة فالليبرالية مفهوم شمولي جوهره إرادة الانسان وحريته في تحقيق هذه الإرادة ، فيما هذه الليبرالية نوعان كلاسيكية ومعاصرة.

الأولى: لا تتدخل الدولة في الحريات بل الواجب عليها حمايتها ليحقق الفرد حريته الخاصة بالطريقة التي يريد دون وصاية عليه . أما الأخرى المعاصرة فترى ضرورة تدخُّل الدولة لتنظيم الحريات ولإزالة العقبات التي تكون سبباً في عدم التمتع بتلك الحريات.

إذن هي حرية الفرد في التعبير عن أفكاره ومعتقداته وفي سياق عام ناظم وكافل للحرية الفردية ضمن إطار مجتمعي تحكمه وتنظمه منظومة شاملة من القيم والمبادئ والتقاليد الليبرالية التي لم تكن نتاج لحظة أو قرار سياسي وإنما هي نتاج حِقبة تاريخية من الممارسة والتطبيق لقيم ووسائل هذه الليبرالية المشاهدة اليوم في أوروبا وأمريكا وأستراليا وحتى القارة الأسيوية التي تأثرت بعض دولها وخاصة اليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند وسنغافورة التي فتحت بلدانها وتعامل ساستها مع هذه الليبرالية وأدواتها وخلال ظرفية لا تتعدى بضعة عقود .

النخب الحزبية لم يرتق أداؤها بعد لمستوى الايديولوجية الفكرية الناظمة لتوجُّه التنظيم السياسي المنضوية تحت عباءته ؛ فكيف سيكون حالها مع لليبرالية كفكرة ونهج متحرر من الولاء العصبي الايديولوجي السياسي التنظيمي النفعي .

نعم مازال الوقت مبكرا كي نسترسل في جدل بيزنطي حول مسألة يردها الباحثين الى ديمقراطية اثينا في القرن الخامس قبل الميلاد والى حركة الاصلاح البروتستانتية .

قرأت مؤخراً كتاباً للباحث والمؤرخ العراقي رشيد الخيُّون والذي عنونه بـ" عمائم سُود في قصر آل سُعود " والكتاب عبارة عن انطباعات ومشاهدات شخصية مِن نجد والحجاز, دوّنها صاحبها بأسلوب ممتع وشيق, اقتفى أدب الرحلات إثر زيارته الاولى للسعودية للمشاركة في مهرجان الجنادرية 2010م .

فرغم أن السعودية لا يوجد بها أحزاب معارضة أو حاكمة فضلا عن تخلُّف نظامها مقاربة بتعددية دول الجوار إلا أن الشيوعي القديم المعارض للرجعية والامبريالية من العراق ومن ثم من اليمن الديمقراطي ومن عاصمتها عدن المنفي إليها ورفاقه في الحزب الشيوعي العراقي لم يُخفِ إعجابه ودهشته بوجود حراك ليبرالي سعودي قوامه نخبة من المفكرين والكتاب والاعلاميين الحاضرين بقوة في وسائل الاعلام وفي المنتديات وفي النقاشات والحواريات الجدلية وفي نظام حُكم يتماهى تدريجياً مع واقع العصر وإن على استرابة وخشية من القادم المجهول.

ومن والافكار الليبرالية الكاسرة لرتابة الجمود السلفي المذهبي المتخشب عند صراعاته وخلافاته الفقهية الممتد جذرها للقرن الاول والسابع الهجري والى الوقت الحاضر الذي مازالت المملكة ودول المنطقة عامة في خضم جدل عقيم لا يبدو انه سينتهي على المدى القريب ما بقيت مجتمعاتنا اسيرة لثاراتها وصراعاتها وخلافاتها القديمة ، وما بقيت ايضا هذه الاوطان منغلقة ممانعة لكل اشكال التطبيع والتلاقح الحضاري الانساني .

وما بقيت مجتمعاتها ممزقة واهنة غير قادرة على التعاطي الخلَّاق والايجابي والفاعل مع محيطها العولمي الحضاري الذي هي جزءاً منه وعليها أن ترتقي بنفسها الى مصاف هذه الحضارة الانسانية العلمية الاقتصادية الليبرالية التكنولوجية وإلا فإنها ستبقى شعوباً متخلفة ضعيفة مستهلكة غارقة في صراعاتها العنيفة وفي خلافاتها المذهبية الطائفية الشعوبية الفقهية القاتلة لنهضتها وتطورها واستقرارها.

1,2 : " الليبرالية نشأتها وتطورها ومجالاتها : عبد الرحيم السلمي

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء