تبا لقتلتك يا محمد يا هاشمي

29 - يونيو - 2014 , الأحد 07:44 مسائا
4379 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ تبا لقتلتك يا محمد يا هاشمي

تبا لقتلتك يا محمد يا هاشمي !!
قُتل صديقي وزميلي وابن مدينتي محمد الهاشمي . قُتل الرجل الذي يقابل اساءتك ومزحك أيا كان نوعه بابتسامة وسعة صدر قلما تعثر عليها في زمن كهذا الضائق بدعابة مرحة وبفكرة مخالفة كتلك التي اختمرت في ذهن الهاشمي وكانت سببا على ما يبدو في اغتياله ظهر الاحد وبرصاصة قاتل خصيم للفكرة كما وعاجز عن مواجهتها بلغة المنطق والعقل .
الهاشمي اعده ضحية بيئة مجتمعية غير قابلة بالتعدد الفكري والمذهبي والديني وحتى الاختلاف الحزبي السياسي الذي مازال اسيرا لثقافة الصوت الواحد والرأي الواحد والقناة الواحدة والصحيفة الواحدة والمذهب الواحد .
ضف لهذه البيئة المتصلبة عند معتقداتها الاحادية الشمولية غير متسامحة مع الاخر المختلف حزبيا او فكريا او فقهيا او مذهبيا فالهاشمي – ايضا – ضحية دعوة طارئة دخيلة متكأة على رابطة عصبية وفي جغرافية ليست معضلتها طائفية او عصبية مثلما هي الحالة في شمال الشمال المنتفض مذ سنوات كيما يسترد شيئا مما ظنه وقتا حقا مسلوبا ويجب استرداده من حاكم بات قاب قوسين من توريثه لجمهورية .
نعم جمهورية طالما تبخترت بوصفها نظاما بديلا لحكم وراثي اسري وإذا بها تؤول الى عائلة حاكمة بعثت ما كان مخفيا ومطمورا في صدور من اقصتهم الجمهورية وخاض حروبا ومازال كيما يستعيد مجدا ومكانة تليده تم مصادرتها والغائها في كنف نظام عائلي قبلي عصبوي ليس له من النظام الجمهوري وحكم الشعب غير المسمى والشكل .
كثيرا ما اقلني محمد بسيارته من والى مجمع المحافظة ، كما وكثيرا ما استوقفني ضاحكا كيما يحدثني عن مقالة كتبتها او فكرة او قفشة ساخرة هازئة او سواها من المسائل التي كانت محل نقاش مستفيض وساخن احيانا .
ما من مرة يحتدم فيها الجدل في مسألة ما إلا ورأيت وجه محمد ضاحكا مقهقها ودونما ضيق او غضب مما يسمعه من كلام يصل احيانا الى الاساءة بالطعن بصدقية الفكرة والاسترابة والشك الذي يخالطه المزح البغيض نحو حامل الفكرة المغايرة .
كان ينفح مخالفه ضحكة عريضة نظير غضبه واساءته لرأيه ،فالراحل ليس من النوع الذي يبغضك ويحقد عليك ولمجرد انك لست معه . كان قياديا في المؤتمر ورأس اول صحيفة حملت اسم فرع التنظيم بالضالع ، وخلال فترة ما بعد حرب 94م وحتى ثورات الشباب العربي لم يحدث يوما وان قابلك بإساءة او مزايدة رغم سخونة الاوضاع التي عاشتها المحافظة .
قبل بضعة اعوام كان قد انتقل الى مجمع المحافظة وتحديدا في مكتب السياحة اللصيق بمكتب الاعلام فمن وقت تسنمه مسؤولية فرع وزارة السياحة بالضالع ومحمد الهاشمي قريبا حميما يشاطرنا الغبن والشكوى والامل والفرحة والنكتة وحتى المصيبة إذا ما اقتحمتنا بغتة فبكل تأكيد محمد تجده في مقدمة الناعيين او الساعيين لحل المشكلة وتداركها .
فضلا عن نبله وطيب معشره لمست فيه قدرة عجيبة على اصلاح ذات البين وفي كل مكان يتواجد فيه ، فسوى كان هذا الخلاف بين جيرانه أو اهله أو بين زملائه أو رؤسائه أو مرؤوسيه فإنه ممن يبادر دوما للحل والتوفيق بين الفرقاء على ما في المسألة من مشقة وعناء وايضا من أذى لفظي وقح ومستفز والذي يقابله ببرود اعصاب وبابتسامة وصبر وخُلق رفيع واصيل .
في آخر مرة حدثني منزعجا مما طاله من قذع وتكفير وتهديد وترهيب ومن بعض الجهلة المتعصبين لرأي فقهي صاحبه ذا الشيخ أو ذاك . سألني وقتها عن رأيي بمنشور اخرجه من بين كومة ورق بجانبه فيما هو يقود سيارته كما واراد معرفة موقفي من حملة شعواء قال انها تستهدفه شخصيا .
قلت له حينها قولة الراحل برصاصة الارهاب د فرج فوده : " طلقات الكلاشينكوف ليست إلا تعبيرا عن عجز الكلمات " فالتكفير والترهيب ما هما إلا اداتان دالتان على فشل المنطق والعقل على مواجهة الافكار المخالفة ، فأيا كانوا وكنتم يا صاحبي فالمعركة برمتها خاسرة وغير لائقة بكما وبناء جميعا .
فسواء كنتم اشياعا مغالين في تعصبكم لولاية علي ومن بعده سبطه الحسين أو كنتم اتباعا للخلافة الراشدة ومن بعدهم معاوية ومن ثم نجله الطاغية يزيد ، فكلاكما يخوض حربا خاسرة منهكة عمرها الف واربعمئة عام وإنابة عمن اقتتلوا وقتئذ في سبيل السلطة لا الدين .
كنتم من انصار الثأر لسلفية دماج ومعبر ومن اتباع اشياخ الجهاد السني ضد التمدد الرافضي في صعده والجوف وعمران أو انكم من انصار الله المحاربين لأمريكا واليهود فيما هم يُهجِّرُون ناصبة سنية ينبغي ألا تسود في معقل تشيع .
ففي الحالتين جميعنا ، سنة او شيعة ، وقودا لمعركة ثأرية لسنا طرفا فيها او كنا صناعها او داعين لها ، بل وعلى العكس اعدها معركة منافية للعقل والمنطق وكذا للزمن الذي ننتمي له ونفترض اننا جزءا منه كما وفعلنا يجب ان يتسق مع تحدياته وقضاياه ووسائله وافكاره وحتى معاركه المجترحة الآن ومن اجل انجاز التفوق العلمي والمعرفي والمعيشي والرفاهي .
ثمانية قرون خاضتها المجتمعات المسيحية في صراع دائم كلفها الملايين من البشر كقرابين تم التضحية بها في خضم خلافها العنيف حول عقيدة التثليث ، فضلا عن حروبها الاخرى التي امتد بعضها لمئة سنة ويزيد .
فيكفي هنا الاشارة الى ما خلفته الحرب الكونية الثانية الحاصلة قبل ستة عقود فقط إذ كان حجم القرابين المزهقة في هذه الحرب وحدها قرابة خمسين مليون انسان ؛ ومع هذا الرقم المهول تسامت هذه المجتمعات فوق جراحها ومآسيها وطوت حزنها وذكرياتها المؤلمة . فبدلا من ان تنهك مقدراتها وشعوبها في حروب ثأرية انتقامية لملايينها الهالكة راحت متناسية ومتعظه ومتسامحة لأجل نهضة ورفاهية اجيالها الحاضرة والقادمة .
مرة تالية اذكر انني قلت له : اتضامن معك واشاطرك همك وخوفك فتهديدك والتحريض عليك وبهذه الطريقة العبثية المقززة المكفرة التي تعيدنا لزمن محاكم التفتيش في اوروبا بلا شك مسألة ممقوتة وممجوجة ولا يصح السكوت عليها وفي كافة الاحوال .
واضفت : ومثلما موقفي معك حيال ما تتعرض له من ترهيب وصل لحد تكفيرك ؛ فإنني بالمقابل لا أؤيدك فكرتك القائلة بان الحل الناجع لتخلف المسلمين سيكون باستعادة عصبية امامة البطنين بدلا عن سلفية الوهابية المتكلسة عند مفاهيمها الفقهية المغالية في طاعتها العمياء للحكام ولدرجة الاضطهاد والعبودية المهينة والمذلة .
نعم الفكرة تواجه بفكرة والمعلومة بالمعلومة وما هو قناعة وعقيدة يستلزمه قناعة وعقيدة مماثلة، فالرصاصة ربما اسكتت خفق قلب نابض ولربما ايضا اهرقت دم انسان أو اوقفت حياته ؛لكنها دوما وغالبا عاجزة عن وأد قناعة تشكلت وترسخت في ذهن الانسان وعقله .
اديان السماء واديان البشر في المحصلة غايتها صيانة وحفظ النفس الادمية . ما من دين سماوي او وضعي يجيز قتل الكافر او المشرك او حتى الجاحد بالله ما لم يعتدي ويبغي ويجهر ويؤذي ويقتل ويسفك وينتهك وما لم تكن الدولة هي الجهة المكلفة بإحقاق العدالة .
ما من طائفة وما من فرقة وما من جماعة دينية لديها تفويضا بقتل المخالفين لها كما ولديها تكليفا خاصا بها لمحاربة الكفرة والفاسقين والمشركين انابة عن الرب العلي القدير الذي خصها وميزها عن سواها ! .
جماعة من خلق الله تعد ذاتها معنية بعقاب وزجر وحتى قتل من يخالفها دينيا ومذهبيا ، فحين تقتل وتكفر وتحرم وتجوز وتستحل وترهب فإنها تفعل ذلك طاعة وامتثالا لتفسيرها وتأويلها الاحادي المتنطع بغلوه وتفرده بقراءة وفهم الوحي ووفقا والصورة الصحيحة التي يريدها الله .
في هذه الحالة تصير النبوءة بالغيب مهمة مناطة متجسدة بشيخ رباط او بخطيب جامع أو بفتى متعصب أو بحافظ جاهل للآيات والاحاديث التي يصعب فصلها عن سياقها التاريخي والمكاني . فكل واحد من هؤلاء بمقام نبي الله " الخضر " وفتاه يوشع بن نون الوارد ذكرهما في سورة الكهف فيما نحن في موضع النبي موسى في حيرته واستغرابه وتساؤله .
فمع كل حادثة قتل او خرق او ارهاب او تكفير تجدنا نتساءل : لماذا قتل فلان ؟ وكيف استحل دم علان ؟ ومن هذا الذي عنده علم الغيب بحيث يغدو عدوانه وارهابه وفعله وحيا من السماء ؟ وكيف يغدو القاتل لنفسه وللأخرين بحزام ناسف ملغوم شهيدا محظيا بالفردوس وحورياته ؟ وكيف ان من يهلك بريئا ومغدورا وآمنا وعدوانا لا معنى لموته او مكانة او مغفرة ؟
ختاما .. محمد قتل غيلة وغدرا وعدوانا . صمتنا وتخاذلنا إزاء جريمة بهذه الفظاعة والمجاهرة لن يكون خذلانا وتفريطا بدم رجل نحسبه عند الله شهيدا ؛ وإنما اعتبره خذلانا وتفريطا بحقنا كطائفة مسلمة فرقتها مشارب السياسة وجمعها المذهب والدين الواحد ،وكمواطنين ليس لهم جامع افضل من رابطة الانتماء للموطن الواحد ، وكأناس ادميين متسامحين متعايشين ومدركين بعاقبة المآل الكارثي الذي ينتظرنا جميعا وفي مكان لم يعهد أبدا ولو حادثة واحدة من هذا القبيل .
الذين يقولون لكم بان الرصاصة كانت موجهة لشخص بعينه كان رافضيا او حوثيا او نصرانيا او مجوسيا او يهوديا ودونما مساس بسواه اعدهم يجهلون مقدار التبعات الكارثية التالية لجريمة من هذا النوع الوحشي البربري الذي طال في الاساس صميم الحياة الانسانية المصانة في كافة شرائع السماء او الارض .

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط عقد شراكة الضرورة والتي كان من ثمراتها تحرير مساحة تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات