كيانات ما تحت الدولة ..الحوثيون في اليمن (دراسة)

03 - أغسطس - 2014 , الأحد 04:36 مسائا
4097 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةاخبار وتقارير ⇐ كيانات ما تحت الدولة ..الحوثيون في اليمن (دراسة)

كيانات ما تحت الدولة .. الحوثيون في اليمن



بقلم : مصطفى شفيق علام/ معهد العربية للدراسات

لم يأت تمدد الحوثيين في شمال اليمن وخروجهم من معقلهم الرئيس بمحافظة صعدة، وصولاً إلى السيطرة على مدينة عمران المتاخمة للعاصمة صنعاء، لم يأت وليد اللحظة، ولكنه جاء بمثابة حصاد لحقبة دامية من الصراع ما بين "الدولة" وكيانات "ما تحت الدولة"، وهو الصراع الذي تزايدت وتيرته بفعل سياقات المشهد الدولي ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وانفراد الولايات المتحدة الأمريكية بالقطبية الدولية منذ نهاية القرن الفائت، لاسيما مع بروز تجليات العولمة وأطروحاتها، وهي تلك التجليات التي أفرزت تنامي "النزعات" و"النزاعات"؛ العرقية، والمذهبية، والجهوية، لاسيما في عالمنا العربي، الذي عاشت نظمه الحاكمة لعقود طويلة محتكرة المجال العام، بل والخاص في كثير من الأحيان، ومؤممة لأي فعاليات مجتمعية، إلا بالقدر الذي لا يهدد عروشها ومصالحها النخبوية الضيقة.

وتبدو الحالة اليمنية، في هذا السياق، مثالاً جليًا على تلك الحرب الضروس بين "الدولة" ككيان "فوقي" و"ما تحت الدولة" من فعاليات وبنى مجتمعية، سواء كانت مؤطرة أو غير مؤطرة، ككيانات "تحتية"، رأت في تطورات الواقع الدولي والإقليمي والمحلي الراهن فرصة لمغادرة المربع "صفر"، والمضي قدمًا نحو تحقيق أهدافها وطموحاتها المؤجلة، حتى ولو ذلك بحمل السلاح في وجه الكيان "الفوقي" الجامع، أو ما كان يجدر به أن يكون جامعًا، ولعل جماعة "أنصار الله" أو الحوثيين، نسبة إلى بدر الدين الحوثي، الأب الرor-latin;mso-hansi-font-family: Calibri;mso-hansi-theme-font:minor-latin;mso-bidi-language:AR-YE">وإذا كان لمعركة عمران ما وراءها، فإن ما يشغل بال المراقبين للشأن اليمني، هو استشراف ماهية المعركة القادمة التي يعد لها الحوثيون، لاسيما وأن طموحهم السياسي لن يتوقف على مجرد القيام بدور الجماعة المتمردة التي تناوئ خصومها، هنا وهناك، لتحقيق غايات محدودة وأهداف قريبة فحسب، حيث يسعى الحوثيون للوصول إلى السلطة، باعتقاد راسخ بالحق الإلهي في الحكم، وهو الحق الذي يعتقدون أنه سرق منهم بسقوط نظام "الإمامة" في شمال اليمن عام 1962 [19]، حتى وإن ادعى خطابهم السياسي عكس ذلك لاعتبارات تكتيكية واستراتيجية عدة، وسواء كان وصولهم للسلطة بشكل كامل أو عبر آلية الحكم الذاتي، أو إقامة دويلة مستقلة، جنوب المملكة العربية السعودية على ساحل البحر الأحمر، أيها أقرب.

ومن ثم فإنه من المتوقع أن تستمر الاستراتيجية الحوثية ما بعد معركة عمران مرتكزة على مساريها المتوازيين؛ العسكري والسياسي، فكما اضطلع الحوثيون في الفترة الماضية بمهام عسكرية، للتخلص من خصومهم المذهبيين والقبليين، وأخرى سياسية، تتعلق بالحضور القوى والمؤثر على طاولة التفاوض في جولات الحوار الوطني واستحقاقاته، فإن مهامًا عسكرية وسياسية ستكون بانتظار الحوثيين خلال الفترة القليلة القادمة.

فعلى المسار العسكري، فإنه من المتوقع أن يستمر الحوثيون في استراتيجيتهم المتعقلة بالنيل من الخصوم القبليين والمذهبيين وتقليص نفوذهم في مناطقهم التقليدية، فبعد معركة عمران، قد يكون الهدف القادم للحوثيين، هو التحرك باتجاه محافظة الجوف، شرق عمران، والتي تعد معقلاً لنفوذ حزب التجمع اليمني للإصلاح وحلفائه، ويديرها محافظ من قياداتهم القبلية، ولعل ما يؤشر على ذلك اندلاع بعض المواجهات المحدودة، بين الحوثيين وقوى الإصلاح، في منطقة "الغيل" التابعة للجوف، وفي منطقة "الصفراء" التابعة إداريًا لمحافظة مأرب المجاورة.

وعلى الصعيد السياسي، من المتوقع أن الحوثيين سيستمرون في الضغط لإقالة حكومة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة، أو الحصول على نصيب لا بأس به فيها، على أقل تقدير، بما يضمن لهم المشاركة في الإشراف على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي أقرت قيام دولة اتحادية من ستة أقاليم، في محاولة لتغيير تسمية الأقاليم بما يضمن لهم تحقيق المنفذ البحري والسيطرة النفطية، وتأجيل باقي الاستحقاقات المبتغاة، حوثيًا، بانتظار انتهاء اللجنة المكلفة بكتابة الدستور من عملها للاستفتاء عليه العام المقبل [20].

وليس من المتوقع أن يغامر الحوثيون باستهداف العاصمة صنعاء، عسكريًا، خلال الفترة القادمة، ولكن إسقاطهم لعمران، يعني، وفقًا لما سلف بيانه، أن العاصمة باتت على مرمى حجر من قواتهم [21]، وهي رسالة ضمنية مفادها أن صنعاء ليست بعيدة عن قبضة الحوثيين، إن أرادوا، وهي رسالة لها بعدها السياسي حتى وإن كان يعوزها الدقة العسكرية لاعتبارت خصوصية صنعاء، محليًا وإقليميًا ودوليًا، ولكن المؤكد أن ما غنمه الحوثيون من اللواء 310 مدرع بعمران سيتم استغلاله في إخضاع معسكرات أخرى للجيش، شمالي البلاد، أقل قوة وتسليحًا من اللواء 310، كما سيتم توجيه شق من تلك الغنائم في معركتهم القادمة في الجوف.

وإذا كانت السيناريوهات في اليمن مفتوحة على كافة الاحتمالات، فإن نجاح الحوثيين وبلوغهم أهدافهم من عدمه، سيتوقف، إلى جانب السياقات الداخلية، على مدى رغبة المجتمع الدولي والقوى الدولية والإقليمية الرئيسة النافذة في اليمن، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية وإيران، في إقامة دولة يمنية ديمقراطية موحدة، وهي الرغبة التي ربما تكشف عنها تحركات ما بعد رسالة إسقاط عمران، التي أكدت أن الصفيح اليمني الساخن قد ينفجر يومًا في وجه الجميع، وأن انفجاره سيكون له تداعياته الكارثية على السلم والأمن الإقليمي والدولي على حد سواء.



المصادر

[1]- World Bank, Republic of Yemen; Country Social Analysis, Report No.: 34008-YE, January, 2006, p. 12.

[2]- International Crisis Group, The Huthis : From Saada to Sanaa, Middle East Report N°154, 10 June 2014, P.P 2-3.

[3]- "اليمن: الحوثيون يسيطرون على عمران والطيران يشن غارات"، دويتش فيله، 8/7/2014.

[4]- انظر في ذلك، مصطفى شفيق علام، "التقدم الحوثي .. من دماج إلى حاشد ومستقبل الدولة اليمنية"، معهد العربية للدراسات، 8/2/2014.

[5]- "سلفيون يغادرون دماج باليمن عقب هدنة مع الحوثيين"، العربية. نت، 12/1/2014.

[6]- انظر:

- "المتمردون الحوثيون يحرزون تقدمًا ضد القبائل شمالي اليمن"، فرانس 24، 2/2/2014.

- "الحوثيون يفجرون بيت الشيخ الأحمر في شمال اليمن"، العربية. نت، 2/2/2014.

[7]- "الطائرات اليمنية تقصف مواقع للحوثيين في عمران"، دويتش فيله، 9/7/2014.

[8]- "هادي يطالب الحوثيين بالانسحاب من عمران"، سكاي نيوز عربية، 14/7/2014.

[9]- "اليمن: الأمم المتحدة تشعر بالقلق إزاء محنة المدنيين المحاصرين في محافظة عمران"، مركز أنباء الأمم المتحدة، 9/7/2014.

[10]- "مجلس الأمن: على الحوثيين مغادرة عمران"، سكاي نيوز عربية، 11/7/2014.

[11]- "اليمن يعلن دولة اتحادية ويحرم الحوثيين من منفذ بحري"، العربية. نت، 11/2/2014.

[12]- "الحوثيون يرفضون صيغة الأقاليم الستة لأنها تقسم اليمن إلى أغنياء وفقراء"، فرانس 24، 11/2/2014.

[13]- Barak Salmoni, "Yemen's Forever War: The Houthi Rebellion", POLICY WATCH, No. 1681, Washington Institute for Near East Policy, 20/7/2010.

[14]- عبد السلام محمد، "الحوثيون على أبواب صنعاء.. فشل سياسي وغرور مسلح"، الجزيرة. نت، 2/3/2014.

[15]- ياسين التميمي، "الحرب بآخر الأسلحة على تخوم العاصمة اليمنية"، عربي 21، 22/6/2014، على الرابط التالي:

http://arabi21.com/Story/757311

[16]- عبد السلام محمد، مرجع سابق.

[17]- اليمن: "الحوثيون يستعدون للانسحاب من مدينة عمران"، دويتش فيله، 12/7/2014.

[18]- "دلالات انسحاب الحوثيين من عمران"، ما وراء الخبر، الجزيرة. نت، 19/7/2014.

[19]- عبد الله الفقيه، "اليمن 2014: التهديدات الماثلة، والخطوات المطلوبة"، موقع الجماعة العربية للديمقراطية، 5/12/2013، على الرابط التالي:

http://www.arabsfordemocracy.net/democracy/pages/view/pageId/3785

[20]- علي ربيع، "سقوط عمران يسلب الإخوان معقلهم ويضع الحوثيين على أبواب صنعاء"، الحياة اللندينة، 20/7/2014.

[21]- عارف أبو حاتم، "سقوط عمران وصعود الحوثيين.. الخلفيات والمآلات"، الجزيرة. نت، 17/7/

الضالع نيوز - متابعات قالت صحيفة العربية الإماراتية ان محافظة مارب ستكون البديل عن العاصمة المؤقتة عدن لقيادة المجلس الرئاسي عقب تنامي الخلافات مع المجلس الانتقالي . وأكدت الصحيفة تنامي الخلافات بين قيادة المجلس الانتقالي وقيادة الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي في اليمن. الصحيفة قالت في عددها تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات