الزمن يأتي بالأفضل .. اردوغان من بائع للبطيخ الى حكيم للسياسة.. كيف أنقذ اردوغان تركيا من الانهيار؟(تقرير)

اردوغان :مساجدنا ثكناتنا ..قبابنا خوذاتنا ..مآذننا حرابنا ..والمصلون جنودنا هذا الجيش المقدس يحرس ديننا 

29 - ديسمبر - 2013 , الأحد 06:47 مسائا
5171 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةعربي ودولي ⇐ الزمن يأتي بالأفضل .. اردوغان من بائع للبطيخ الى حكيم للسياسة.. كيف أنقذ اردوغان تركيا من الانهيار؟(تقرير)

الضالع نيوز/ خاص/ احمد الضحياني

من هو أردوغان؟

ولد في 26 فبراير من عام 1954 م في حي قاسم باشا أفقر أحياء اسطنبول ، لأسرة فقيرة من أصول قوقازية.
تلقى رجب تعليمه الابتدائي في مدرسة حيه الشعبي مع أبناء حارته ، ويحكى أن مدرس التربية الدينية سأل الطلاب عمن يستطيع أداء الصلاة في الفصل ليتسنى للطلاب أن يتعلموا منه ، رفع رجب يده ولما قام ناوله المدرس صحيفة ليصلي عليها ، فما كان من رجب إلا أن رفض أن يصلي عليها لما فيها من صور لنساء سافرات ! ... دهش المعلم وأطلق عليه لقب ” الشيخ رجب ” . أمضى حياته خارج المدرسة يبيع البطيخ أو كيك السمسم الذي يسميه الأتراك السمسم ، حتى يسد رمقه ورمق عائلته الفقيرة. ثم انتقل بعد ذلك إلى مدرسة الإمام خطيب الدينية حتى تخرج من الثانوية بتفوق . ألتحق بعد ذلك بكلية الاقتصاد في جامعة مرمرة. بالرغم من اهتماماته المبكرة بالسياسة ، إلا أن كرة القدم كانت تجري في دمه أيضا ، يكفي بأن أقول أنه أمضى 10 سنوات لاعبا في عدة أندية !
زواجه من المناضلة
يقول الكاتب التركي جالموق في كتابه الذي ألفه عن أردوغان : بدأت قصة زوجه من رؤيا رأتها أمينة المناضلة الإسلامية في حزب السلامة الوطني ، رأت فارس أحلامها يقف خطيبا أمام الناس – وهي لم تره بعد – ، وبعد يوم واحد ذهبت بصحبة الكاتبة الإسلامية الأخرى شعلة يوكسلشلنر إلى اجتماع حزب السلامة ، وإذا بها ترى الرجل الذي رأته في منامها .. رأت أوردغان .. ، وتزوجوا بعد ذلك واستمرت الحياة بينهما حتى وصوله لسدة الحكم مشكلين ثنائيا إسلاميا جميلا ، لهما اليوم عدد د من الأولاد على اسم أستاذه نجم ، أحد الأولاد الذكور سُمي ” نجم الدين ” الدين أربكان من فرط إعجابه واحترامه لأستاذه ،!
أردوغان في السياسة
بدأ اهتمامه السياسي منذ العام 1969 وهو ذو 15 عاما ، إلا أن بدايته الفعلية كانت من خلال قيادته الجناح الشبابي المحلي لحزب ” السلامة أو الخلاص الوطني ” الذي أسسه نجم الدين أربكان ، ثم أغلق الحزب وكل الأحزاب في تركيا عام 1980 جراء انقلاب عسكري . بعد عودة الحياة الحزبية ، انضم إلى حزب الرفاه عام 1984 كرئيس لفرع الحزب الجديد ببلدة بايوغلو مسقط رأسه ، وهي أحدى البلدات الفقيرة في الجزء الأوربي في اسطنبول ، وما لبث أن سطع نجمه في الحزب حتى أصبح رئيس فرع الحزب في اسطنبول عام 1985 ، وبعدها بعام فقط أصبح عضوا في اللجنة المركزية في الحزب .
رئيس بلدية اسطنبول
لا يمكن أن أصف ما قام به إلا بأنه انتشل بلدية اسطنبول من ديونها التي بلغت ملياري دولار إلى أرباح واستثمارات وبنمو بلغ 7% ، بفضل عبقريته ويده النظيفة ، وبقربه من الناس لا سيما العمال ورفع أجورهم ورعايتهم صحيا واجتماعيا ، وقد شهد له خصومه قبل أعدائه بنزاهته وأمانته ورفضه الصارم لكل المغريات المادية من الشركات الغربية التي كانت تأتيه على شكل عمولات كحال سابقيه !
بعد توليه مقاليد البلدية خطب في الجموع وكان مما قال : ” لا يمكن أبدا أن تكونَ علمانياً ومسلماً في آنٍ واحد ، إنهم دائما يحذرون ويقولون إن العلمانية في خطر .. وأنا أقول: نعم إنها في خطر . إذا أرادتْ هذه الأمة معاداة العلمانية فلن يستطيع أحدٌ منعها . إن أمة الإسلام تنتظر بزوغ الأمة التركية الإسلامية .. وذاك سيتحقق ! إن التمردَ ضد العلمانية سيبدأ”.
ولقد سئل عن سر هذا النجاح الباهر والسريع فقال: ” لدينا سلاح أنتم لا تعرفونه ، إنه الإيمان ، لدينا الأخلاق الإسلامية وأسوة رسول الإنسانية عليه الصلاة والسلام ”.

رجب طيب أردوغاان في السجن
للنجاح أعداء ، وللجرأة ضريبة ، وبدأ الخصوم يزرعون الشوك في طريقة ، حتى رفع ضده المدعي عام دعوى تقول بأنه أجج التفرقة الدينية في تركيا ، وقامت الدعوى بعد إلقاءه شعرا في خطاب جماهيري - وهو مميز في الإلقاء – من ديوان الشاعر التركي الإسلامي ضياء كوكالب، الأبيات هي :
مساجدنا ثكناتنا ..قبابنا خوذاتنا ..مآذننا حرابنا ..والمصلون جنودنا
هذا الجيش المقدس يحرس ديننا
فأصدرت المحكمة بسجنه 10 أشهر قضى منها 4 اشهر
المشاركة السياسية للحركة الإسلامية في تركيا:
في 26 يناير 1970 أسس نجم الدين اربكان حزب النظام الوطني ( وهو مزيج من الطرق الصوفية و طلاب رسائل النور و تيار من الإصلاحيين المتأثرين بجماعة الإخوان المسلمين ) ثم تحول حزب السلامة الوطني ثم إلى حزب "الرفاه" الإسلامي الذي تحول إلى حزب "الفضيلة"، ثم استقر أخيرا على اسم حزب "السعادة"، الذي لا يمتلك تمثيلا في البرلمان، ولم تتجاوز نسبة الأصوات التي حصل عليها 2,5%. أما حزب العدالة والتنمية تحت زعامة رجب طيب أردوغان فهو الصيغة الثانية التي انشقت عن الرفاه، ونجحت في بناء مشروع حزب سياسي مدني، اعتبر أن إطاره الفكري هو إطار محافظ يمزج بين الحداثة والتراث، ويحمل موقفا إيجابيا من التاريخ الإسلامي، دون أن يتقاطع مع الخطاب الإسلامي التقليدي السائد في العالم العربي.
حزب العدالة والتنمية
التعريف بالحزب:
حزب العدالة والتنمية دخل الساحة السياسية التركية في 14 اغسطس 2001 بقيادة رجب طيب اردوغان.


وسعى الحزب بعدها على الفور لتوسيع شبكة أعضائه وتطوير هيكله وبدأت أنشطته تشمل جميع أنحاء تركيا في غضون سنة واحدة .
وقد نجح في الانتخابات العامة في نوفمبر عام 2002 بنسبة 34% من أصوات الناخبين وفي الانتخابات المحلية في 28 مارس 2004 كان الاختبار الثاني للحزب حيث زادت نسبة التصويت للحزب من 34 ٪ الى 42 ٪.
مبادئ الحزب:
الانفتاح امام المعرفة والخبرة ، والتطورات التكنولوجية الجديدة والفرص وفتح قنوات اتصال مع جميع الفئات لاجتماعية والمثقفين من البلاد ، تبنى مفهوم القيادة بالمشاركة والتفكير الجماعي ، يعتبر حرية الفرد حقا ثابتا لجميع البشر ، الدعوة للنزاهة والاستقلال الكامل للسلطة القضائية ، يقبل مبدأ العمل على أساس من العدالة والكفاءة والجدارة والثقة فيما يتعلق بالتعيينات في المجال العام.
السياسات الرئيسية للحزب :
• ضمان الحريات المدنية والسياسية ، ولا سيما حرية الفكر والتعبير والاعتقاد ، والتعليم ، وتكوين الجمعيات والمؤسسات ، كشرط مسبق للسلام والمصالحة.
• تحويل البنيان الهش للدولة إلى دولة قوية وظيفية مع هدف تحقيق الكفاءة والفعالية وتقديم خدمات ذات نوعية جيدة مع اعتماد اللامركزية.
• البشر هم رأس المال وحجر الأساس في التنمية الاقتصادية.
• تشجيع اقتصاديات السوق التي تعمل مع جميع القواعد والمؤسسات ، وعدم مشاركة الدولة في اي نوع من النشاط الاقتصادي بل يقتصر دورها على الوظيفة الرقابية و الاشرافيه والاستقرار الاقتصادي لن يتحقق إلا بالنمو الناجم عن الاستثمارات التي ستزيد من فرص العمل.
دور الحكومة العمل على خدمة الشعب ، و توفير الرفاهية والسعادة لجميع المواطنين.
• التعليم هو أهم عنصر من عناصر التنمية في كل ميدان وبالتالي لابد من تشجيع الاستثمار في مجال التعليم.
• الضمان الاجتماعي حق دستوري و يتعين على الدولة جعل هذا الحق في متناول كل فرد.
• إتباع سياسة خارجية واقعيه تناسب التاريخ والموقع الجغرافي لتركيا ، بعيدا عن الإحكام المسبقة وقبل تصور الأفكار. السياسة الخارجية ستكون على أساس مبدأ المصالح المتبادلة.
• إعادة تحديد أولويات السياسة الخارجية فى مواجهة التغير الإقليمي والعالمي .
• اتخاذ مبادرات لايجاد حلول منصفة لمشاكل تركيا مع جيرانها.
• وضع المزايا الناجمة عن الموقع الاستراتيجي لتركيا في تصرف المجتمع الدولي من اجل تحسين مساهمتها في السلام والرخاء العالميين.
• عناصر التجربة الإصلاحية:
هناك عدة عوامل ساعدت على نجاح حزب العدالة والتنمية والذي على الرغم من تعدد واختلاف الأوعية التي غرف منها العدالة والتنمية، تبقى الرافعة الكبرى التي رفعته إلى السلطة، في انتصار ساحق، على أحزاب وزعامات عريقة، هي قاعدة إسلامية، ولكن كانت الرؤية في ترك الصدام مع المجتمع والجيش فلم تر مناص من تغيير في الخطاب والوجوه والتكتيكات... فكان العدالة والتنمية، وذلك أن:
• القاعدة الإسلامية التي رفعت أربكان إلى سدة الوزارة الأولى، تجاوزت نسبتها 22% من أصوات الناخبين، ولم يذهب منها إلى حزب السعادة غير 2%، فأين ذهب البقية إذا لم يكونوا هم غالبية من صوت للعدالة؟
• إن أداء الإسلاميين في الحكم لم يكن سلبياً، وكانت في إدارة المدن التركية الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة وأرض روم ممتازة، وهو الأداء الذي جعل من أردوغان نجماً ساطعاً في سماء إسطنبول ببرامجه وإنجازاته مما فرض التسليم بحقيقة أن رصيد الإسلاميين في الحكم، وحل مشاكل الناس، ليس مجرد شعارات تدغدغ المؤمنين، وتعدهم بالجنة، وتخوّفهم بالنار، على أهمية أثر ذلك لو حصل، وإنما برامج عملية لحل مشكلات معيشية، فشلت أحزاب العلمنة في حلها، بسبب انفصالها عن ضمير الشعب، وما تلوثت به من مفاسد.
• إن كل المؤشرات في العالم الإسلامي، وحيثما وجد مسلمون، تشهد على ارتفاع مذهل لنسب التدين، حتى تلك التي طبقت فيها بشراسة ووحشية وتواطؤ دولي ومحلي خطط الاستئصال وتجفيف الينابيع مثل تونس.
• إن حملة رسالة الإسلام اليوم هم في الصف الأول من جبهة الذود عن الأمة وعن دينها في مواجهة الحملات المتصاعدة عليهاوالتي أسهمت في تأجيج المشاعر الدينية في الأمة، بما ضاعف من شعبية الإسلاميين، على حساب الجماعات العلمانية.
• غلبة الروح العملية على المناظرات النظرية والآيدولوجية جعل حركة التطور في هذا الحزب سهلة ميسرة، مكتفين في المجال الفكري بالرصيد الهائل والتشكيلة المتنوعة من منتوج التيار الإسلامي الوسطي في كل انحاء المعمورة، فعملوا على الاستفادة منه، وصياغته بالشكل الذي ينسجم مع واقع الشعب التركي وميوله، فجاءت برامجهم النظرية استجابة لحلم الغالبية الساحقة من الشعب التركي ومن كل الأطياف والأطراف ...
• التأكيد على قيم الحداثة في الساحة الإسلامية من قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، مما جعلهم جزءا متصلا بالمجتمع لا منفصلا عنه، مستجيبا بذكاء لمتطلباته لا متصادما معه، فأحبوا الناس وأحبهم الناس ....
• الاتفاق الداخلي والتماسك التنظيمي، والابتعاد عن الخلافات الشخصية والنزاعات القيادية، والتناحر على مناطق النفوذ والإيثار وتغليب المصلحة العليا للمجموع على الأطماع الفردية، وسلامة الصدر وحسن النوايا والشعور بالمسؤولية تجاه ما يحملون من برامج تستحق فناء الذات، واحترام الاتفاقيات وعدم التمسك بالكراسي والمناصب حيثما جاء وقت الاستحقاق الرسمي والأخلاقي والسياسي . إن تنازل عبدالله غول عن رئاسة الوزراء لأردوغان مع بداية الدورة قبل خمس سنوات، بعدما حالت قضايا قانوية دون تسلمه المنصب، وعدم تمسك غول رغم قدرته على ذلك، كانت الدليل على عمق ولاء رموز الحزب للمبدأ وللأخلاق بعيدا عن وهج المناصب ولمعان المواقع ...
• البعد عن العنف في معالجة قضايا الخلاف الداخلي والخارجي، وإختيار الأساليب العقلانية والقانونية في حماية حقوقهم الدستورية، والرهان على سلامة التقدير عند الرأي العام عن الحاجة والضرورة، وهذا الذي أمَّن لهم طريق العودة الكبيرة الى السلطة، ومهد لهم السبيل وبقوة الى قلوب الناس قبل أي شيئ آخر .
• الواقعية الشامخة ... وقد تجلى ذلك في السياسة الداخلية والخارجية، فهم واعون تماما أنهم أصحاب رسالة، وأتباع نبي علمهم كيف يكون العمل الدؤوب، والهادئ والمنضبط والعاقل الذي يزن كل شيئ بميزان مهما قال الناس أو ادَّعوا ... عرفوا انها أمانة سيسألون عنها أمام الله والتاريخ، وعرفوا أيضا انه لو كان هنالك على وجه الأرض من يستحق أن تتحق له الأهداف دفعة واحدة، لأستحق ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلا أن ذلك لم يحص له، فكيف لا يكون الأمر آكدا مع اوليائة عبر العصور كما أن ثمة منهجاً ما اتصف به حزب العدالة والتنمية التركي، وهو منهج الاعتدال والوسطية، ومنهج البحث عن المشترك مع الآخر كيفما كانت مشاربه الفكرية والإيديولوجية، وهذا ما عزز ثقة الشعب، وثقة الناخب به.
من اهم اسباب تجدد فوز حزب اردوغان تلك الانجازات على الصعيد الاقتصادي التي لمسها الشعب التركي فخلال ثلاث سنوات من عمر حكومة حزب العدالة و التنمية في تركيا نجح في الرفع من حجم التجارة الخارجية عام 2005 الى ما يقارب عن 200 مليار دولار ، و حجم الصادرات التركية الى 70 مليار دولار ، و استطاعت ان ترفع احتياطي البنك المركزي التركي الى 58 مليار دولار في حين انه كان لا يتجاوز 26 مليار دولار قبل تسلم اردوغان السلطة .
و على المستوى السياسي نجح أردوغان في تحقيق حدّ أدنى من التوازن بين حكومته و مراكز النفوذ العلمانية و خاصة المؤسسة العسكرية ، و استطاع لأول مرّة أن يعدّل توجهات السياسة الخارجية لتركيا ليوازن بين مشروعها الاوروبي و بين مصالحها مع بقية الأطراف الدولية .
.ماذا قدم لتركيا؟
حلّ المعضلة السياسية

على المستوى السياسي، قدَّم حزب "العدالة والتنمية" حلًّا لمعضلة تركيا الحائرة بين هوية مبتسرة أنتجتها العلمانية الكمالية المتطرفة، التي أرادت مسخ تركيا عن تاريخها وعقيدتها، وفصلها عن عصور عزتها، وأصبحت الهوية الجديدة لا تصادر التاريخ الكمالي كله –لأن هذا مستحيل في الوقت الحالي على الأقلّ– وفي نفس الوقت لا تخاصم هذه الهوية الإسلام، ولو أصرَّ "أردوغان" ورفاقه على أطروحاتهم وأصرّوا على استبعاد غيرهم والدخول في مواجهة حادة مع مؤسسات الدولة العلمانية، لما استطاعوا البقاء في الحكم عامًا واحدًا.
وعلى المستوى السياسي خلَّص الحزب البلاد من حالة الفساد السياسي والمالي والانعزال الوجداني عن العمق الاجتماعي، فلم يكن هناك الحزب الذي يستطيع الحصول على ثقة غالبية الأتراك وتشكيل الحكومة بمفرده، لكن "العدالة والتنمية" استطاع ذلك وملأ الفراغ الذي كان موجودًا قبله، ومنذ أن تولى الحكم في عام 2004م وحتى الآن استطاع تحقيق الاستقرار السياسي، لأن قاعدته الشعبية ونجاحاته البرلمانية والرئاسية وفَّرت له ذلك.
نستطيع أن نقول: إن تركيا، من خلال "العدالة والتنمية"، تصالحت مع ذاتها ووفقت بين مكوناتها المختلفة، سواء كانت هذه المكونات عرقيةً أو علمانية أو دينية، وعلى سبيل المثال كان التعامل مع الملف الكردي المعقد أكفأ وأكثر انفتاحًا.
أداء اقتصادي مبهر

نستطيع أن نختصر ما تحقق من تنمية اقتصادية على يد "العدالة والتنمية" من خلال عنوان واحد، وهو معدل دخل الفرد بين عامي 2003م و2008م، حيث قفز هذا الدخل من 3300 دولار إلى 10000 دولار، وأصبحت الفجوة بين أعلى دخل لـ 20% من المجتمع التركي وأقل دخل لـ 20% منه تدنّت إلى أقل من 7%.
وهناك عنوان آخر وهو الصادرات التركية التي زادت من 30 مليار دولار إلى 130 مليار دولار في الفترة ذاتها.
لقد كان الوضع الاقتصادي التركي بائسًا، وكان الانهيار التجاري والمالي لتركيا معلومًا للجميع، واستطاع الحزب في سنواته القليلة التي قضاها في الحكم منذ 2004م وإلى الآن أن يقفز بالناتج المحلي الإجمالي خلال أربع سنوات ونصف من بداية حكمه من 181 مليار دولار ليصل إلى 400 مليار دولار.
وعلى مستوى معدل النمو السنوي للدولة، فقد حققت تركيا نموًّا مستمرًّا بين 5 و8% في السنة لأكثر من خمس سنوات حتى الآن، لتأتي تركيا بعد بلجيكا والسويد مباشرةً في معدلات التنمية في القارة الأوروبية.
وأصبح الاقتصاد التركي أكبر اقتصاد إسلامي على الإطلاق، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ هذا تحقق دون انضمام تركيا إلى الاتّحاد الأوروبي، مما يجعل الأتراك يحلمون بإنجاز أكبر بكثير لو تحقق حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، رغم اعتقادنا باستحالة تحقق هذا الحلم في المستقبل القريب على الأقل.
الاقتصاد التركي أصبح بشهادة خبراء الاقتصاد العالميين، أكبر اقتصاد في شرق المتوسط وجنوب شرق أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة القوقاز، ورغم أنهم يَرَوْن أنّ هذا النمو لا زال هشًّا وقد يتم عرقلته، لكن ما يبعث على الثقة والتفاؤل هو أن التقدم مستمرّ نحو الأمام وليس للخلف، وباستحضار ما لدى تركيا من إمكانات الموقع الجغرافي المتميز وأنها أكبر شبكة نقل ومرور للطاقة في العالم، يؤكد الخبراء أنَّ الاقتصاد التركي بات يشكِّل الاقتصاد الإقليمي الأكثر ديناميكية وقيادية.
• الدروس المستفادة من حزب العدالة والتنمية:
بغض النظر عن اختلاف الاراء فإن الحركات السياسية الإسلامية والأحزاب أيضًا مطالَبة بالاستفادة من التجربة التركية، وأهم هذه الدروس المستفادة:
• العمل في ظل ظروف صعبة بالغة القسوة مع عدم الرضا بالواقع المرّ؛ أملاً في تغييره، مع التدرج في تغييره، والنفس الطويل والصبر الجميل.
• القدرة على بناء حزب سياسي حقيقي مفتوح لكل المواطنين، يُشعِر كلَّ من ينتمي إليه بقدرته على المشاركة في القرار، والاستفادة من عضوية الحزب، وأن الحزب يمثِّل مظلةً وطنيةً للجميع في ظل القواسم المشتركة.
• الحوار والتنافس مع القوى السياسية من مختلف التيارات حتى تلك المغالية جدًّا والمتشددة في عدائها لكل ما هو إسلامي، وعدم القطيعة معها، واحترام ثقلها ووجودها السياسي؛ أملاً في تحييدها أو تغييرها إلى الأفضل، فإن لم يكن فأملاً في تحجيم وزنها السياسي وليس شطبها من الحياة السياسية، بشرط الزامها بالدستور والقانون، ولا شك أن عدم نزول مظاهرات مضادة إبَّان اشتداد الأزمة الرئاسية كان قرارًا حكيمًا وصائبًا.
• الحفاظ على التوازن في العلاقة مع المؤسسات الوطنية المهمة كالجيش والمخابرات والقضاء ورجال الأعمال والصناعة وعدم الصدام معها.
• التعبير عن مصالح الغالبية العظمى من الشعب والدفاع عن حقوقه القانونية والدستورية، والسعي إلى تحقيق العدل والمساواة والدفاع عن الحريات العامة.
• الإصلاح الاقتصادي اليوم هو المفتاح السحري لكسب ثقة الشعب، فلا شكَّ أن هناك مؤشراتٍ اقتصاديةً حقَّقتها حكومة حزب العدالة والتنمية خلال أقل من 5 سنوات من خفض العجز والتضخم، ونموّ الدخل القومي، ونسبة نموّ عالية، وكانت بداية ذلك هو ما أعلنه أردوغان في خطاب الفوز الكبير عندما قرر الاستمرار في مقاومة وحرب الفساد وكشف المافيا، وعندما يواجه الإسلاميون الفساد فإنهم يحاربون على نفس جبهة الاستبداد، فهما قرينان وشريكان في إفساد المجتمعات، وعلى الحركات والأحزاب الإسلامية بناء تصوُّر اقتصادي واقعي للحرب على الفساد والمافيا وبناء اقتصاد وطني وقومي سليم.
• التواضع وخفض الجناح وعدم الغرور شرط الاستمرار في النجاح.
• بناء علاقة جيدة مع الغرب والخارج بعيدًا عن الصفقات السرية وفي العلن مع موقع القوة الشعبية، مع عدم الرضوخ للإملاءات والشروط المجحفة، بل تقوم هذه العلاقة على الاحترام والقيم المشتركة والمصالح المشتركة؛ من أجل بناء حضارة إنسانية، وتحقيق الأمن والاستقرار في العالم كله.
• إن إقناع الغرب لا عداوة دائمة ولا صداقة دائمة في العلاقات الدولية، وإن الغرب عليه أن يغيِّر من نظرته إلى الإسلام كعقيدة، ويحترم حق المسلمين في اختيار طريقة حياتهم وشريعتهم التي تحكمهم، ولا يفرض عليهم نظامًا معينًا، على عكس ما يقوله بوش بأن المتطرِّفين الإسلاميين هم الذين يريدون تغيير نظام الحياة في الغرب.
• العمل على وجود مجتمع مدني مستقل وقوي بعيدا عن الاختلافات السياسية والتيارات الحزبية على صعيد الحراك (الاجتماعي – الاجتماعي ، الاجتماعي – الاقتصادي ) اي استحداث مؤسسات يتم انشاءها ترعى كافة الاحتياجات الشعبية سواء كانت اجتماعية ( عمل خيري ، بر ......) او اقتصادية ( جمعيات حقوق المستهلك ، ومحاربة الغلاء ، ...) او فنيه ( محبي الفنون ، المحافظة على البيئة ، ........... ) وغيرها ......... دون الاصطدام مع السلطة ، اي من منطلق اهتمامات الشعب وذلك لتوسيع دوائر مشاركة الجماهير ذات الاتجاتهات والاهتمامات المختلفة في عملية اصلاح المجتمع وايضا في تنمية شعور الانتماء للدولة.

الضالع نيوز _ الجزيرة نت أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد -مساء أمس الأحد- تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي، كما قرر تولي السلطة التنفيذية بمساعدة رئيس حكومة يعيّنه بنفسه، وتولي رئاسة النيابة العامة لتحريك المتابعة القضائية ضد من تحوم حولهم شبهات فساد. تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات