مابعد الانفصال..نظره عن قرب(10)

أوهام دولة الجنوب 

02 - فبراير - 2014 , الأحد 07:11 مسائا
2742 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةاخبار وتقارير ⇐ مابعد الانفصال..نظره عن قرب(10)

عبد العزيز ظافر
مابعد الانفصال ..نظرة عن قرب (10)



أوهام دولة الجنوب !!

تمهيد:
هذه الحلقات مجرد محاولة استشرافية لمسار الأحداث المتوقع في بلادنا في المستقبل المنظور انطلاقا من مجموعة من المؤشرات والدلائل والشواهد التاريخية ،ورغم تعدد الاحتمالات والفرضيات في هذا المسار ،الا أنني تعمدت سلوك مسار الأحداث الذي يلبي رغبة قوى الحراك حتى أن كان فيه قفزاً على الواقع في أحيان كثيرة ،وذلك لمحاولة معرفة الى أين سيصل بنا ذلك في نهاية المطاف هل إلى الاستقرار أم إلى الحرب الأهلية؟أم الى أين ؟هذا ما سنحاول معرفته.
-كما ذكرنا في الحلقة التاسعة أن القاسم المشترك في أدبيات قوى الحراك الحراك الرئيسية (المجلس الأعلى بشقية : المجلس الأعلى للثورة السلمية الجنوبية بزعامة البيض والمجلس الأعلى للحراك السلمي بزعامة باعوم،إضافة الى مجلس شعب الجنوب بزعامة محمد علي احمد)تقديمها صورة مثالية عن دولة الجنوب (ديمقراطية ،فيدرالية ،نظام وقانون ، الحقوق والحريات،..)إضافة الى ربطها في ذهن المواطن في الجنوب بالاستقرار والرخاء،وقد تناولنا في الحلقة السابقة وهم الديمقراطية ،وسنتحدث هنا عن بقية الأوهام ،التي ترسم صورة مثالية في ذهن البسطاء عن دولة الجنوب الموعودة ،لكنها للأسف ليست سوى صورة زائفة ومناقضة تماماً لحقيقة الوضع على الأرض وكمايلي :
ثانياً وهم الفيدرالية :
-تتحدث أدبيات الحراك المختلفة عن دولة الجنوب أنها دولة اتحادية بصورة توحي أن هذه المسألة محسومة تماماً كونها من القضايا المتفق عليها من قبل جميع المكونات تقريباً كما نجده مثلاً في البند الثامن من الوثيقة المصادق عليها من قبل البيض الذي يشير الى( الاتفاق بأن تكون الدولة الجنوبية المنشودة دولة مدنية بحلة جديدة قائمة على أساس الفيدرالية والتعددية السياسية والديمقراطية،تحقق العدالة الاجتماعية،وتعبر عن جميع أفراد الشعب الجنوبي دون استثناء، وتراعي خصوصية كل محافظة).
-وبصورة مشابهة نجد البيان السياسي الصادر عن مجلس شعب الجنوب بزعامة محمد علي احمد في البند ال 12 يؤكد على( الإقرار بأن تكون دولة الجنوب الجديدة دولة اتحادية(فيدرالية) بنظام حكم برلماني،تتكون من ست (6) ولايات فيدرالية هي: عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت والمهرة,والجزر التابعة لهان ويكون لكل ولاية برلمان وحكومة محلية , وينظم الدستور العلاقة بين البرلمانات والحكومات المحلية والبرلمان والحكومة الاتحاديين).
- الى هنا والكلام جميل لكن اللافت في الأمر ما جاء في الفقرة الثالثة في البرنامج السياسي للمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب،حيث تم ربط شكل النظام السياسي لدولة الجنوب القادمة(جمهوري–برلماني– فيدرالي)،بإخضاعه لاستفتاء شعبي،وهو ما يؤشر الى أنها قضية غير محسومة وستطرح للنقاش بعد الانفصال.
-قد يكون إحالة مثل هذه القضايا الرئيسية الى الشعب أمر طبيعي كونه صاحب القرار النهائي في تحديد شكل النظام السياسي للدولة،لكن تمرير الفيدرالية عبر استفتاء شعبي احتمال ضئيل للغاية لأسباب عديدة منها :
1-ارتباط الفيدرالية في ذهن القيادات الجنوبية بالاستعمار،وتقسيم الجنوب الى كانتونات ومحميات وسلطنات،مع ترسخ قناعة متجذرة في العقول من أن الفيدرالية ستؤدي الى انفصال حضرموت ،وهذا الأمر قد ظهر جلياً في موقف الدكتور ياسين سعيد نعمان وغالبية قيادات الحزب الاشتراكي الرافضة لمقترح تقسيم اليمن الى 6 اقاليم اثنان منها في الجنوب ،والإصرار على أن يكون الجنوب إقليم واحد.
- قناعة نعمان من الفيدرالية يشاركه فيها غالبية قيادات الحراك بما فيها قيادات موالية لصنعاء كالناخبي مثلاً،ومثل هذه القناعة المتجذرة في النفوس،يكون في حكم المستحيل معها الاعتقاد بإمكانية تغيير القيادات لموقفها من الفيدرالية وأخطارها على الجنوب في حال تطبيقها.
2-عدم ملائمة الفيدرالية مع حاجة الدولة الوليدة للتعامل مع التحديات الرئيسية التي تواجه الدول حديثة النشوء عادة خاصة ما يتعلق ب :
أ-التحديات الأمنية الداخلية والقدرة في التعامل معها وبالذات ما يتعلق بخطر الجماعات الإرهابية النشطة والمنتشرة في كثير من مناطق الجنوب،وإملاء النظام إرادته على الجماعات غير النظامية المسيطرة على بعض المناطق كما هو الحال بالنسبة للجان الشعبية في ابين،او في حضرموت في حال استمر تحالف القبائل في حضرموت في مسعاه للسيطرة على المحافظة،في حين ان الفيدرالية تمنح الأقاليم مسئولية حفظ الأمن فيها،وهو ما يشرع ويعزز سيطرة تلك الجماعات على المحافظات المنتشرة فيها بصورة قد تلحق ضررا بوحدة الدولة الوليدة مستقبلاً .
ب- تأمين الحدود ومواجهة الإخطار الخارجية خاصة مع حالة اللاسلم واللاحرب السائدة في العلاقات مع الشمال واطماع السعودية في حضرموت،كلها تحديات تفرض على قيادة الدولة إعطاء أولوية لبناء جيش قوي قادر على مواجهتها،وما يتطلبه ذلك من تخصيص جزء كبير من ميزانية الدولة لذلك،كما هو حاصل في دولة جنوب السودان التي انفقت حكومتها خلال العامين الماضيين نحو 60% من الميزانية على الأمن والجيش،في حين أن الفيدرالية معناها أن الجزء الأكبر من الميزانية سيوزع بين الاقاليم مع حصول اقليمي حضرموت وشبوة على حصة أكبر من بقية المحافظات،وكل ذلك سيقلص من حجم الاموال المخصصة للجيش وللحكومة المركزية.
ج-الخلافات التي قد تنشب بين الأقاليم حول المناطق المتنازع عليها ،في وقت مايزال النظام منشغل بقضايا بناء الدولة ،ومن ابرز الخلافات المتوقعة التنازع على تبعية ارخبيل سقطرى بين اقاليم عدن وحضرموت والمهرة ،فسقطرى كانت الى ماقبل اعلان وحدة 22مايو تتبع عدن وتجري انتخاباتها في مديرية المعلا ،وبعد الوحدة اصبحت مديرية تابعة لحضرموت ،وحالياً تحولت الى محافظة مستقلة،وقبل استقلال الجنوب كانت تتبع سلطان المهرة وسقطرى ،كما ان رأس فرتك بالمهرة هى اقرب نقطة في الساحل اليمني للجزيرة .
-ونظرا لما يؤمل من أن تكون سقطرى مصدرا هاما لرفد اقتصاد الاقليم والدولة عموماً بالعملة الصعبة،ما يؤشر الى ان النزاع على سقطرى لن يكون سهلاً بالمرة خاصة مع الاهتمام الكبير الذي تبديه عدد من الدول الاقليمية والدولية على الجزيرة،وهاهو بن عفرير قد بدأ السباق مبكراً حول سقطرى عبر محاولاته حشد المواطنين في الجزيرة للمطالبة بإقليم المهرة وسقطرى .
-خلافات أخرى متوقعة بين إقليم عدن واقليم لحج حول المساحة التي اقتطعها البريطانيين من لحج وضموها الى عدن ،وخلافات بين إقليم شبوة وإقليم حضرموت حول المناطق الحدودية بين الإقليمين ،وأخرى بين إقليم حضرموت وإقليم المهرة مع اتهامات من مهرية باقتطاع حضرموت مساحات واسعة من محافظتهم ربما تصل الى ثلث مساحة المهرة وضمها الى حضرموت وغير ذلك .
-لذا من المرجح أن يتعامل النظام في الجنوب مع قضية الفيدرالية وفق احد الاحتمالات الآتية :
- أما انه سيتراجع عن وعوده بتضمين مقترح النظام الفيدرالي ضمن مسودة الدستور المعروض على الاستفتاء،وقبل ذلك سيحرص على تهيئة الشارع الجنوبي لرفضها عبر شن حملة مركزة على سلبيات الفيدرالية وإبراز إخطارها ،ومحاولة تشكيل رأي عام في الجنوب معارض للفيدرالية.
-أو أن النظام سيتقدم بمقترحات بديلة كتأجيل التحول الى النظام الاتحادي الى حين استكمال بناء الدولة،والذي قد يتم تقديره في البداية ب5 او 10 سنوات ،لكنه في الغالب سيتجاوز ذلك بكثير ،وتكون الفترة مفتوحة وربطها باستقرار الوضع والمناخ الملائم لتطبيقه،وهو مبرر ستستخدمه قيادة الدولة مستقبلاً للتنصل من الفيدرالية أو كمبرر للتأجيل المتكرر لتطبيقها، خاصة مع حقيقة أن دستور دولة الجنوب استغرق سنوات طويلة حتى يبصر النور ،حيث لم يقر الا في 31/10/1978م أي بعد 15سنة من ثورة أكتوبر الخالدة.
-احتمال آخر ربما قد تلجأ اليه قيادة الدولة الجنوبية في تعاملها مع الفيدرالية ،يتمثل في الاكتفاء بمنح المحافظات الست بعض الصلاحيات في الجانب المالي والإداري،وفي هذه الحالة ستكون الفيدرالية الموعودة في الجنوب مجرد مسمى وديكور شكلي ووعاء فارغ من أي مضمون للدولة الجديدة لا أكثر ولا أقل.
ثالثاً وهم الرخاء :
رغم قلة السكان والثروات الطبيعية لدولة الجنوب ،الا أن هناك أسباب عديدة تعيق تحولها الى دولة ينعم فيها المواطنين بمستوى معيشي مرتفع وحياه رغيدة ،ومزايا مقاربة لما يتمتع به غالبية المواطنين في دول الخليج، كما يحلم به البسطاء وفي مقدمة تلك الأسباب التالي :
1-حرب استنزاف مع الشمال :
-أذا افترضنا جدلا أن الجنوب بثرواته وقلة سكانه سيتمكن من تحقيق الاستقرار والرخاء لمواطنيه،لكنه سيجد نفسه رغماً عنه واقعا في حرب استنزاف مع الشمال،الذي سيعاني من وضع اقتصادي صعب جراء الكثافة السكانية وقلة الموارد -مع عدم قدرته في الاستفادة من ثرواته الطبيعية بسبب عرقلة السعودية لأي توجه لاستخراج نفط الجوف ،وسوء الإدارة والفساد المستشري في النظام ،ونهب مراكز القوى لجزء كبير من ثروات الشمال-.
- في مثل وضع اقتصادي خانق لن يجد نظام الشمال من خيار أمامه سوى البحث عن عدو خارجي لتوحيد الجبهة الداخلية خلف النظام،وجذب الأنظار بعيدا عن الأوضاع الداخلية المضطربة،لذا سيتعمد افتعال الأزمات المتتالية مع الجنوب باعتباره العدو الأنسب الذي يثير غضب الشارع الشمالي بسرعة لأسباب مختلفة (سنتناولها في الحلقة القادمة)،ما يعني ان جزء كبير من ميزانية الشطرين ستذهب لتغطية تكاليف حرب استنزاف باردة بين الطرفين.
- التوتر الدائم في علاقات الشطرين معناه استحالة استخراج النفط والغاز من مناطق التماس بين محافظات الجوف وحضرموت وشبوة ومأرب،والتي يرجح احتوائها على كميات هائلة من الثروة النفطية،ومن ثم عدم قدرة الشطرين في الاستفادة من تلك الثروات،اضافة الى أن تصدير غاز مأرب عبر ميناء بلحاف سيكون على رأس المشاريع المتوقع تأثرها جراء التوتر بين الشطرين،وبصورة مشابهة للازمات المتتالية بين السودان وجنوب السودان،والتي كان تصدير نفط الجنوب عبر الشمال أحد عناوينها الرئيسية طوال العام الماضي لدرجة أدت الى وقف الجنوب تصدير نفطه تماماً لعدة أشهر ،ملحقاً إضرارا باقتصاد الشمال والجنوب بدرجات متفاوتة .
-من البديهي أن أهم مشروع استثماري في اليمن تتجاوز عائداته ال 2مليار دولار من العملة الصعبة المقدرة في موازنة عام 2014م خاصة مع لجوء الرئيس هادي الى بيع مليون لتر مكعب إضافي لدعم الميزانية،سيكون في مقدمة الإضرار المتوقعة الناجمة عن الانفصال ،كما أن الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لباب المندب وجزيرة بريم وحتى ميناء عدن لتحريك عجلة الاقتصاد تبدو منعدمة تقريباً مع الانفصال باعتبار تلك المناطق ضمن مناطق التماس الحدودي،التي ستفتقد للأمن والاستقرار ولكل عوامل جذب رؤوس الأموال والاستثمار الأجنبي اليها .
- كما ستنظر قيادة كل شطر الى الشطر الآخر كمخرج للهروب من أزماتها وإخفاقاتها ومشاكلها الداخلية،ومبررا للتنصل من وعود سابقة قطعتها على نفسها لمواطنيها تتعلق بالديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان،حيث سيكون الشطر الآخر هو الشماعة التي سيتم اللجوء اليها لتعليق كل أسباب الفشل والإخفاقات الحكومية في تلبية مطالب المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية ،بل وكمبرر لفرض قيود على الحريات والحقوق الأساسية للمواطن.
2-استشراء الفساد :
-في الغالب يكون استشراء الفساد في أنظمة الدول حديثة النشوء سببا رئيسياً في تعثر جهود التنمية وتحسن الوضع المعيشي للسكان،كما هو حال دولة جنوب السودان التي تنتج ما يقارب نصف مليون برميل من النفط يومياً ،الا أن مواطنيها لم يلمسوا خلال عامين ونصف من استقلال بلادهم أي تحسن في معيشتهم بل أنها أسوأ مما كانت عليه أيام الوحدة مع الشمال .
-من أسباب ذلك فساد حكومة سيلفا كير،التي حلت في المرتبة ال 14 ضمن أكثر دول العالم فسادا في العالم حسب تقرير منظمة الشفافية الدولية للعام 2013م ،في حين جاءت الخرطوم على بعد ثلاث نقاط فقط في ذات القائمة،وكان تيد دانج المستشار الأمريكي لسلفا كير قد كشف العام الماضي عن رسائل بعث بها كير لمسئولين حكوميين يطالبهم فيها إعادة (4) مليارات دولار قاموا بنهبها.
-على الأرجح أن الفساد ونهب خيرات الجنوب سيكون من صميم عمل قادة الدولة الوليدة خاصة مع تورط ابرز القيادات الجنوبية في قضايا فساد سابقة سواء عندما جاءت بالجنوب للوحدة بخزينة فارغة،او عندما استولى البيض على أموال الحزب والجنوب عام 94م،تاركاً العطاس يتحسر على نصيبه الى وقت قريب،اما محمد علي احمد فاستثماراته تقدر بملايين الدولارات في القاهرة وتركيا وجنوب إفريقيا ودول أخرى وغيرهم كثيرون ،وفي الحلقة القادمة سنتحدث عن الصراع على الجيش الجنوبي وعودة القتال بين الرفاق .يتبع
عبدالعزيز ظافر معياد aziz5000000

ماذا تعرف عن الشيخ عبد المجيد الزنداني.. رائد النضال الوطني والدعوي في اليمن .. مسيرة رجل بحجم أمة(سيرة ذاتية) الضالع نيوز/وكالات سياسي وداعية إسلامي يمني، وأحد القيادات المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين في البلاد. ولد سنة 1942. أسس جامعة الإيمان باليمن، والهيئة العالمية للإعجاز العلمي في تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات