المتحولون.. آفة تتنقل حسب الطلب

07 - أبريل - 2014 , الإثنين 08:59 مسائا
4364 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةفــؤاد مســـعــد ⇐ المتحولون.. آفة تتنقل حسب الطلب

لا نقصد الأشخاص الذين يتحولون من جنس إلى آخر، حسب الرغبة أو بسبب اضطرابات هرمونية. كما أننا لا نقصد الفيلم الأجنبي الشهير الصادر في يونيو 2007م،

و لكنا نقصد بـ"المتحولين" أولئك الذين يغيرون انتماءاتهم الفكرية و السياسية و المذهبية أحيانا، ليس لأنهم اكتشفوا أنهم كانوا على خطأ، و رأوا الصواب في خلافه فقرروا الالتحاق به فهذا فعل محمود،

و لكن المعنيين بالتحول لا يستقرون على قرار و لا يقفون على موقف واحد، و يرون أن الصحيح هو ممارستهم التنقل من مكان إلى آخر، و من هذه الجهة إلى تلك، لا لشيء إلا بحثا عن المصلحة الشخصية و المنفعة الخاصة،

و مشكلة هؤلاء أنهم يرون أنفسهم – و هم يتحولون يمينا و يسارا- يظنون أن ما يفعلونه هو الصح، و ما عداه هو الأمر المستهجن و المرفوض لديهم،

و لأن المتحولين موجودون في أكثر من محطة تاريخية و على أكثر من مجال في مجالات الحياة، بيد أن ما نراه اليوم أن هؤلاء يبالغون في قفزاتهم من هنا إلى هناك، كما لو كانوا يمارسون لعبة شعبية محببة إليهم،

إذا أمعنتم النظر فيهم جيدا ستجدونهم كالحرباء يتقنون التلون، و كالمهرجين يحسنون تغيير مناظرهم و أشكالهم و الأصباغ على وجوههم، حتى يخيل للبسطاء من الناس أن هذا النفر إنما هم على هذه الحال و لم يسبق لهم أن كانوا على النقيض منها، ولن يغيروها أبدا تحت أي ظرف.

أسوأ ما في المتحولين أنهم كيفوا أنفسهم على الانتهازية و استغلال الظروف لصالحهم بأي طريقة كانت، دون أن يضعوا لأنفسهم شيئا من الراحة من هذا الدوار المتواصل بصورة تبعث على التقزز لدى كل نفس سوية.

و أكثر ما يتواجد هذا الصنف في التيارات السياسية و في وسائل الإعلام، لأنهم حين يتنقلون بين المواقع و المواقف إنما يبحثون عن منفعة، و بالتالي تجدهم حريصين على إظهار حركاتهم البهلوانية و كأنها فعل محمود!

و إذا ما سألت أحدهم عن سبب تحوله من النقيض إلى نقيضه فهو يشعر بالامتعاض لأن ثمة من يتتبع حركاته، لكنه على الفور سيبادرك شارحا و مبررا و موضحا و مفسرا،

و هم في الغالب على قدر من اللباقة و القدرة على التبرير و الاسترسال و كثرة الحديث، و لن تستغرب إذا سمعتهم يتحدثون في كل شيء عن أي شيء.

يبررون اليوم حادثا بعينه لكنهم غدا يبررون ما يناقضه و يناهضه بالمنطق ذاته و الأدلة نفسها.

بعضهم تخلوا عن الاشتراكي بعد حرب 1994، لأنه صار "واديا غير ذي زرع"، و توجهوا إلى المؤتمر حيث يوجد الضرع و الزرع، و ما قالوه بالأمس يهاجمون به خصوم الاشتراكي صاروا يقولونه مهاجمين به الاشتراكي نفسه،

و بعضهم تقلب بين الأحزاب جميعها و عبرها بسرعة الضوء أو الصاروخ، كما لو كان عابرا للقارات، تناول فطوره مع الإصلاحيين ثم امضى الظهيرة مع "الناصري"، و جاء وقت العصر و هو في اليسار، و لم يكمل يومه إلى و قد عاد يمينيا صرفا،

أحدهم غادر حزبه فجأة تاركا موقعه المميز في قيادة الحزب " الإمامي" إلى مكان آخر، و لم يكلف أحد نفسه أن يسأل هذا المتحول عن سبب تغيير موقفه بشكل مفاجئ، لأن الجميع يعرفونه بتنقلاته الغريبة و المريبة.

و حين سمعت أحد الأشخاص يخاطب متحولا: هذه السنة أنت في أي حزب؟، أشفقت عليه لأنه شعر أن تحولاته غدت أمرا مستهجنا.

السؤال الذي يلاحق المتحول أينما ذهب: أنت هذه الأيام مع من؟

و هو السؤال الذي كلما طرحه المتحول على نفسه شعر كم هو رخيص و تافه و قابل للإيجار!!

متحول يقدم نفسه على أنه مناضل و ثوري، محاولا إخفاء حقيقة كونه مجرد مرتزق لدى بلطجي يدفع له ثمن مواقفه بقدر ما يكتب من منشورات تطفح بذاءة و سفاهة.

أحدهم تحول إلى "حوثي"، و صار دائما يتحدث عن المسيرة القرآنية، و هو ينطق القاف "جاف"، مع أنه من محافظة تعز التي ينطق أهلها القاف بأقوى ما يكون.

و كأنه لم يكتف بتغيير موقفه و رأيه و أشياء كثيرة،

و مثله كثيرون و قائمة العجائب و الغرائب ممتلئة، و منها أن أحدهم كان يعمل في موقع إداري مرموق في عهد النظام السابق، و لما بدأت الثورة و أقيل من موقعه -الذي لم يكن ليشغله لولا ولاؤه للحزب الحاكم حينها- صار يقدم نفسه زعيما ثوريا يطالب بالتحرير و الاستقلال من الاحتلال اليمني!!!

المتحولون هم اليوم الذين يدقون طبول الحرب بين الأحزاب و القوى السياسية، لأنهم لا يحققون مكاسبهم إلا في أجواء الصراعات و الحروب و الأزمات، حيث يفرغون سمومهم و أحقادهم على الجميع،

هم كائنات لا ترى ذاتها إلا في دخان الخلافات و النزاعات، و هم بذلك يشبهون الكائنات التي لا تعيش إلا على الجيف و القذارات.

توفي أمس الاثنين الشاعر والناقد والثائر اليمني المعروف/ عبدالعزيز المقالح، عن عمر ناهز 85 سنة، أحد أبرز الأسماء اليمنية حضوراً في المشهد الإبداعي شعراً ونثراً، فضلاً عن كونه واحداً من ثوار اليمن الذين قاموا بالثورة ضد الحكم الإمامي في سبتمبر 1962، وأسهم منذ وقت مبكر في رفد الحركة الثقافية والمشهد تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات