راح ضحيتها 138 مابين شهيد وجريح.. «يوم الديمقراطية» مذبحة صالح المنسية

28 - أبريل - 2014 , الإثنين 08:17 صباحا
3050 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةاخبار وتقارير ⇐ راح ضحيتها 138 مابين شهيد وجريح.. «يوم الديمقراطية» مذبحة صالح المنسية

الضالع نيوز– محمد الجماعي:

الزمان: الأربعاء 27 أبريل 2011م

المكان: أمام مدينة الثورة الرياضية

الشهداء: 13 شهيدا

الجرحى: 125 جريحا ومصابا.

عصر الأربعاء خرجت المسيرة المليونية من ساحة التغيير تجوب صنعاء. بح صوتها رفضا لكل الحلول التي لا يكون فيها رحيل صالح وأبنائه هو البند رقم واحد. اتخذوا من يوم الديمقراطية المزعوم وسيلة لإسماع الإخوة في الخليج وغيرهم صوت الجماهير التي خرجت بالملايين تطالب بإعادة حقها من غاصبه وممن أساء استخدامه فطال عليه الأمد حتى قسى قلبه على شعبه فقهرهم واسترخص دماءهم، وجعل من الجُمع وبقية أيام الأسبوع موعدا لإزهاق أرواح أبنائهم وضربهم بالغازات السامة ورشهم بمياه البلاليع والقذارات المختلفة.

امتلأ الستين الشمالي عن بكرة أبيه بالمحتجين الذين فضلوا التراجع إلى الوراء، أعني غيروا مسارهم هذه المرة وعكسوا اتجاه المسيرة، واكتفوا بإيصال رسالتهم بكل هدوء، من شارع الثورة (التلفزيون) حيث لا حرس جمهوري ولا آليات غاشمة ولا أمن مركزي، حسبما توقعوا لحظتها.

بداية استفزاز المسيرة

في الطريق إلى الستين الشمالي، كان المطر قد بدأ بالهطول، فيما حشود الشباب كالسيول الهادرة، كما الرصاص التي انهالت عليهم فيما بعد. ردد الثوار عباراتهم المطالبة بإسقاط النظام..

في البدء كان شاب في الثانية والعشرين من عمره يمشي بنشاط وحيوية على يمين المسيرة منفردا، ويرتدي قفازات صفراء، اسمه ناصر محمد ناصر فدعق (أبين) قال شقيقه فيما بعد إن القفازين كانا للشهيد عبد الله الدحان الذي استشهد في 12 مارس 2011. وبالإضافة إلى القفازين كان ناصر فدعق يحمل في جيبه البصل والخل وشيئا من الكوكا كولا لمواجهة الغازات السامة، وفي يديه كمية كبيرة من المنشورات التي كان ناصر يطبعها قبل مسيرة، يكتب فيها أهداف الثورة وأهداف المسيرة ويقوم بتوزيعها على المارة والمتفرجين على المسيرة من الجوانب.

ما إن اقتربت المسيرة من المدينة الليبية جوار بوابة طالبات جامعة الإيمان، حتى خرج بابور أبيض (وايت ماء)، يمشي بسرعة كبيرة، ليقوم بدهس ناصر فدعق مرتين ذهابا وإيابا حتى هشم رأس ناصر على قارعة الطريق، استشهد بعد دقائق من إسعافه قبل أن يصل إلى مستشفى العلوم والتكنلوجيا. لحظتها تمكن أفراد من الفرقة الأولى مدرع من تطويق الشاحنة المسرعة التي فر سائقها حتى اللحظة، وتم القبض على الوايت والراكب الذي كان بداخله.

وقفة مؤثرة

لم يؤثر هذا الحادث العرضي أو المتعمد على المسيرة، بل لم يشاهدها ولم يعلم بها الغالبية العظمى منهم لكثرة الحشود. كنت قد انطلقت بالتاكسي لرصد مقدمة المسيرة، وساعدني على ذلك لجنة المسح الميداني لأعتلي التبة المقابلة لتبة علي صالح الأحمر، قبل وكالة مرسيدس. الأمر الذي جعلني أشاهد بوضوح ما كان ينتظرنا أمام ملعب مدينة الثورة الرياضية. صحيح أن يدي كانت على قلبي وكنت أحاول أن لا أظهر رأسي خوفا من رصاصة قناص، إلا أنني في الحقيقة لم أكن أتوقع حدوث ما سأذكره بسبب مليونية المسيرة وقلة المتربصين رغم سماعنا إطلاق الرصاص قبل وصول المقدمة بخمس دقائق.

كان عسكر الفرقة الأولى مدرع قد اتخذوا من المكان الذي قتل فيه زميلهم المقدم/ عبد الله الشرعبي، قبيل جسر جولة عمران، على أيدي قوات النجدة الأسبوع قبل الماضي، مكانا لإحياء ذكراه في نفوس الأحرار مدنيين وعسكرين، كدلالة رمزية على سلمية المسيرة الثورية. ليس في اليمن أحد ممتن لهذا النظام. عبرت عن ذلك هتافات وأصوات مختلف فئات الشعب في كافة المحافظات..

لحظات ما قبل المجزرة



مرت المسيرة بسلام من أمام قوات النجدة، التي لم تقم بنجدة الثوار حين خرج عليهم (الأشاوس) المدجنين منذ مدة في مرابض فرسان الرياضة، التي ما كان لهم أن يعبثوا بفنها وذوقها وأخلاقها، لولا نظام العصابات الذي سمح لكل شيء سلبي في هذا البلد، إن لم يكن أصلا هو الذي يرعاه ويدعمه كهؤلاء، فاقدي البصيرة الذين خرجوا بالعشرات مدججين بالسلاح وبقلة الوطنية، وراحوا يطلقون رصاص الغدر على إخوانهم عراة الصدور.

بدم بارد كان البلاطجة يقتلون ويقتلون ويقتلون، ليس ثمة دافع أقوى لديهم من جهلهم، وجهل آمريهم (صالح وجليدان والمشرقي) وغيرهم كما تواترت الأنباء حينها.

كان المشهد هذه المرة كافيا، لرفع سقف المطالبة بالرحيل إلى المحاكمة والإعدام، كما قال الشخص الذي كان بجانبي أثناء هطول الرصاص (المصنوع خصيصا للقوات الخاصة). أي مشهد أشد فضاعة كما يقول إبراهيم الخولاني (أحد المتظاهرين) من أن تحدث مجزرة مثل هذه، أمام سمع وبصر النجدة الذين كانوا خلف المسيرة، وأفراد (معسكر) التلفزيون الذين كانوا بالمئات يتفرجون على المسيرة من الأمام، حيث يعتلون التلة المقابلة للمدينة الرياضية دون أن يحركوا ساكنا. فيما كان بلاطجة الفضائية اليمنية يستندون إلى كاميرات، عدساتها أشبه بفوهات المدافع، لا لتغطية الخبر، في أسوأ تقدير، بل لتغطية الجريمة، وهو ما وصفه إعلاميون وحقوقيون بأنه أبشع من القتل المباشر.

لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص، لا غازات لا مسيلات للدموع، لا مياه حارة هذه المرة!!. رصاص فقط وحجارة ومولوتوف حارق وجنابي، ولمدة ساعتين، كانت بالكاد تكفي لمرور مسيرة بحجم مسيرة ذلك الأربعاء الموافق 27 أبريل 2011م. قال الزميل توفيق السامعي أحد الذين شاركوا في كل المسيرات إنها كانت الأكبر على الإطلاق في تاريخ اليمن.

"أنت متظاهر إذن أنت مستهدف"، كان الكل يشعرون بذلك يومها. محمد يحي (من بني حشيش) أكب على الأرض وتناول بيده شيئا من التراب، تيمم به استعداد للموت، كما قال لي. وكان العشرات يستعدون للموت كل على طريقته، التوجه نحو القبلة، السجود الطويل (كانت القبلة عكس اتجاه المسيرة) في وجه الموت الزؤام، ترديد بالشهادتين، الاتصال بالأهل، البعض كان يبذل القات من فمه ويتمضمض، وغيرها من المشاهد الممتعة والمحزنة التي رصدتها كصحفي وعشتها كشاهد عيان، في آن واحد.

وبلغت القلوب الحناجر

أمام ذلك الزخم المميت من الرصاص، تصدى مجموعة من الشباب بصدورهم العارية، بينهم الشهيد البطل محمد علي راشد العنسي والشهيد علي أحمد حسن الريمي (من الحرس الخاص). استشهد الأول - العنسي- وهو ينتشل جثة الثاني- الريمي-، فيما كان بطل الجمهورية في الكيوكوشنكاي (قتال الشوارع) يقاوم الموت حتى اخترقته رصاصة غادرة في رأسه، وسقط على إثرها شهيدا. في الأثناء وفيما قام الشجعان بمجرد إلهاء المجانيين، والتصدي لهم بالحجارة ليس إلا، شوهد أمام الجميع الشهيد حاميم عبده ناجي (من أبناء مديرية ذي السفال / إب) والدماء تسكب بغزارة من رقبته بجوار سور الملعب، وكان الثائر الفتي أسامة عبد الرحمن الولي يحاول إسعافه على الدراجة النارية ولكن دون جدوى.

وبذلك تمكن الثوار من مواصلة المسيرة بعد أن كانت قد منعت من السير، وشرب البلاطجة من دماء شبابها العزل. سقط الطفل الشجاع عبد الرحمن محمد حسين عكيري (من أبناء حجة/ 14 عاما) بعد دقائق من مفارقة والده الزميل الشيخ محمد حسين عكيري الذي قال بأنه لم يعلم باستشهاد ولده إلا حين قفل عائدا إلى بيته. كان أحد العجائز (الشيوبه كما قال المخلوع) يضرب بمسدسه يمينا وشمالا قبل أن يتمكن اثنين من الشبان من إيقافه وتسليمه للجنة النظام، شاهدت ذلك بعيني، أقصد لحظة تسليم الشيبة إلى لجنة نظام المسيرة.. في إحدى الروايات قال لي راويها إن الشهيد محمد العنسي وإخوانه الأربعة الذين كانوا معه في المسيرة اقتحموا الغرفة المجاورة لبوابة الملعب وفيها كان مخزن الرصاص والذخيرة وأن أحدهم أطلق النار عليه مباشرة لكنه لم يمت، فيما تولى الآخرون إسعاف أخيهم والقبض على الجاني..

وخلال فترة إعدادي لقصص الشهداء وبرنامج قناديل الفجر، ولا حينها، لم أقف على تفاصيل قصة استشهاد الشابين الوسيمين عبد الله السمري (خولان)، وعاصم عبد الحميد الحمادي (تعز) ولا كيف حصلت، لكنهما كانا ضمن ضحايا ذلك اليوم العنيف. فيما روى شهود العيان قصة مقتل الشاب البطل عبد الرحمن محمد عمران، والمناضل الأستاذ مراد عبد الحق العريقي.

حوالي نصف كيلو أو أكثر، مشى المتظاهرون خافضي رؤوسهم، كوسيلة وحيدة لتحاشي عشوائية الرصاص والحجارة من جهة، والقنص المنظم من جهة أخرى. أحد الشجعان كان يستفز الجميع بتبختره وسط الرصاص، وزاد، فصاح في الألوف المؤلفة: ارفعوا رؤوسكم وامشوا ببطء حتى لا يفرح البلاطجة. قال ذلك، ولم يحرض أحدا على مواجهة الموت مثله ومثل أشباهه من المتبخترين. وأضاف بعد أن رفعت رأسي لأرمقه من بعيد أو لعلي ألتقط له صورة احتفظ بها في كل ذاكرة أستطيع الوصول إليها. كان قد أعطانا ظهره أثناء قيامي بمحاولة رفع رأسي ورفع يدي التي تحمل الكاميرا ثم تشغيلها وأخذ لقطتين فقط!! سأبقى فخورا بهما ما حييت، وبعدم خوفي من بعض الرصاصات التي اخترقت الباب الحديدي الذي كان خلفي.

بعد أن تعرفت على اسمه وصورته في المستشفى الميداني وأثناء تسجيل قصته لقناة سهيل، فوجئت بأنه رجل الأعمال الأستاذ الشهيد عبد الواحد عبد الرحمن شمسان المنصوب (تعز الشمايتين)..

هناك من استفز الجميع في ثوريتهم، فمنعهم من التوقف للتصدي للبلاطجة الذين تراجعوا للاحتماء بسور المدينة الرياضية، واستأنفوا إطلاق الرصاص على الشباب المسلح بقطع من البصل وقليل من الخل والبيبسي والكمامات، وكثير من العزم والتصميم على إسقاط المسمى زورا بالنظام!!. كان الرجل الضخم يمنعنا من الوقوف في أماكننا أو التحرك باتجاه بوابة الملعب بهدف ضمان سلاسة مرور المسيرة، وعدم تعطيل ثلثي المسيرة التي كانت لا تزال في الخلف، وغير آبهين بأصوات الرصاص ولا مناظر الشهداء وسيارات الإسعاف وحركة الدراجات النارية العائدة إلى المستشفى الميداني بساحة التغيير على بعد أكثر من عشرة كيلو متر على أقل تقدير.

مؤامرة مدبرة بإحكام

مع وصول مقدمة المسيرة إلى أمام مبنى التلفزيون كان الإعلاميون - فرع البلاطجة- يصورون المشهد ليزيفوه، ويحرفوه!! وهو ما حصل بالفعل بعد ذلك، حيث أطلت نشرة التاسعة من نفس الليلة، بعد ساعات على الحادث لتخرج بالتالي، بعد أن فكروا ثم قدروا، بهذه الحصيلة: المتظاهرون يحاولون اقتحام مدينة الثورة الرياضية!!!.

لا مناظر القتل أثرت عليهم ولا الدماء أعادتهم إلى إنسانيتهم.. كان مبنى التلفزيون بالمعسكر الذي كلف بحمايته لا يمكن أن يصمد لحظة، لو وجه الشباب له صيحة مليونية من صيحاتهم، لكنهم لم يفعلوها.

وبحسب مصادر إعلامية وميدانية فإن مخططا ماكرا كان موجها لمسيرة الشباب في ذلك الشارع، وضعت منذ فترة ودجن لها البلاطجة وسمنوا بأموال الشعب لقتل الشعب الحر، ولإرسال رسالة مفادها أن صنعاء ستكون نهبا للأفراد الذين بالكاد قام جليدان ومن معه بتجميعهم والمكوث إلى جوارهم زمنا، بحسب مصادر قبلية. وهي في هذا التوقيت فخ لأحزاب اللقاء المشترك وشركائهم لكي يرفضوا المبادرة الخليجية التي كانت الموافقة عليها من وجهة نظر المشترك وشركائه كمينا أفقد صالح وزمرته البعد الخارجي والإقليمي.

مصادر ميدانية تحدثت عن أبشع من ذلك حيث تحدث الحقوقي في منظمة هود عبد الرحمن برمان إلى منصة ساحة التغيير عن وقوع جرائم لا تقل عن جرائم القتل، وهي جرائم اختطاف المصابين ومنع سيارات الإسعاف ومنع وصول الناس إليهم، وذكرت بعض المصادر أن أكثر من 80 مصابا على الأقل اختطفوا من أمام مدينة الثورة الرياضية على يد قوات الحرس الجمهوري التي تسللت إلى مؤخرة المسيرة.

في طريق عودتنا، بين المغرب والعشاء، إلى الساحة التي قطعنا منها وإليها ما يقرب من 20 كيلو متر بحسب قياس المسافة بجوجل إيرث، كان الإرهاق والآثار النفسية للمجزرة بادية على وجوهنا وضمور استهلك أجسادنا، باستثناء العلم الطويل الذي كان يرفعه الشباب، وسط عتمة حي النهضة وحي جامعة الإيمان، الذين مررنا بهما، قبل أن تتوارد الأخبار من سيارة توجيه المسيرة: (أيها الشباب: لقد ارتقى من إخوانكم حتى الآن سبعة أشخاص،،، ثمانية،،، تسعة... 13 شهيدا، وأكثر من 125 جريحا ومصابا، وحوالي 80 شخصا مختطفا) بحسب آخر الإحصائيات..

وفي ساحة التغيير كانت مقدمة المسيرة تستقبل وسطها ومؤخرتها، هكذا حتى وصول آخر شاب ثائر. كان بجانبي شيخ كبير طاعن في السن، وقد مشى معنا كل تلك المسافات، نظرت إليه فإذا ابتسامة كبيرة مرسومة على وجهه وكأن شيئا لم يكن، بل ولا تبدو عليه آثار التعب، حين أشار لي بيده إلى الصوت القادم من وسط الساحة للفنان الكبير أيوب طارش "وهبناك الدم الغالي، وهل يغلى عليك دم" والنساء لا تزال حتى تلك اللحظة في ساحتهن يستقبل الثوار والجرحى والشهداء بالزغاريد والهتافات..

الضالع نيوز - متابعات قالت صحيفة العربية الإماراتية ان محافظة مارب ستكون البديل عن العاصمة المؤقتة عدن لقيادة المجلس الرئاسي عقب تنامي الخلافات مع المجلس الانتقالي . وأكدت الصحيفة تنامي الخلافات بين قيادة المجلس الانتقالي وقيادة الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي في اليمن. الصحيفة قالت في عددها تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات