حقاً كم نحن بائسون وعاجزون؟!

05 - مايو - 2014 , الإثنين 09:42 مسائا
3756 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ حقاً كم نحن بائسون وعاجزون؟!

وزير خارجية مصر الأسبق/ أحمد أبو الغيط, لا يختلف كثيراً عن وزير داخلية العراق الأسبق باقر جبر صولاج, الذي نسب له الكاتب والمؤرخ العراقي رشيد الخيُّون قولة أطلقها في حمى الخلاف الدبلوماسي المحتدم سنة 2006م بين العراق والسعودية.. وقتها قال الوزير العراقي: أحنه ما يعلمنا الجاي من وراء البعير".

لكن هذا الجاي من خلف البعير – وفقا وتعليق العراقي رشيد الخيُّون – يتحدث أكثر من لغة, فضلاً أنه من عمداء الدبلوماسية العربية التي غفلها الوزير- الذي مازال أسيراً لمنطقه الجامد المتعجرف المستخف بقدرة الآخر وبتفوقه عليه في الوقت الحاضر- فيما هو سادرا مستوطناً تاريخاً تليداً من المجد الحضاري والإنساني.

ففي لقاء أجرته قناة "روسيا اليوم" الخميس الفائت24 أبريل 2014م مع وزير خارجية مصر في عهد مبارك أحمد أبو الغيط- الذي تحدث عن قطر بعجرفة واحتقار ودونية" فدولة لا تتعدى مساحتها وكثافتها نقطة هامشية مجهولة في خارطة العالم السياسية لا ينبغي لها مزاحمة الكبار دبلوماسياً وإعلامياً وسياسيا واقتصاديا" وكأن معيار القوة والتحضر والتفوق والأهلية السياسية مصدرها الأساسي الجغرافية الشاسعة والتاريخ العريق الموغل في القدم!.

مؤسف حقاً أن يكون مثل هذا الكلام في حقبة الألفية الثالثة وفي زمن عولمي لا متسع فيه لغير الأمم القوية القادرة على التفكير الخلاق وعلى الفعل والتميز في مضمار حضاري عولمي معياره الأوحد التفوق القائم على الإتقان والكفاءة والمعرفة والمنافسة، وهذه بالطبع خلفها قوة اقتصادية وتكنولوجية علاوة عن أهلية سياسية ومجتمعية.

فلو أن التاريخ مقياس للتقدم والتخلف لكان اليونان يتصدر دول البسيطة مكانة ولكانت مصر والعراق وسوريا واليمن في طليعة دول العالم نهضة وازدهاراً؛ بل ولكانت القارة السمراء سيدة قارات الدنيا عظمة ومكانة بالنظر إلى ما أثبته علم الأنثروبولوجيا في بحوثه ودراساته القائلة بأن الجنس البشري موطنه الأول أفريقيا.

فوفقا ومنطق الوزير, فجزر مثل تايوان وهونج كونج وكوريا وسنغافورة وكوبا وبروناي ويالطا وسواها من المواضع الصغيرة ليست مؤهله لأي معركة ومواجهة مخاضة الآن.

نعم.. حدثنا عن عقدة النقص بكونها مرضا منهكا مبددا لثروة قطر؛ لكنه بالمقابل لم يخبرنا عن جنون عظمه قاتلة يعاني منها الشقيق الأكبر وكان من تجلياتها إهدار أوطان وشعوب ما فتأت اليوم تائهة مكبلة, متناحرة, متخلفة وهنة, غارقة في أتون خلافات بيزنطية عقيمة لا منتهى لها.

يا لسوء حظ الدولة التي تزاحم الكبار وفي مناحي عدة اقتصادية ودبلوماسية ورياضية وإعلامية وثقافية وقومية وتجارية ودولية فيما هي بلا تاريخ وبلا أهرام الجيزة وأبو الهول وبلا قامات وزعامات عظيمة مثل السادات وعبد الوهاب وأم كلثوم ونجيب محفوظ واحمد زويل وغيرهم من الأسماء التي تباهى بها أبو الغيط بقصد التحقير لدولة قطر.

لم يقل لنا كيف أن إسرائيل كان منشأها فكرة صهيونية صاحبها أدوارد هرتزل العبقري المخترع لخرافة الوطن الجامع لشعب بلا وطن؟ وكيف أن ما ظنناه فكرة مجنونة قبل ستة عقود باتت في الواقع دولة قوية ومحتلة لكامل مساحة فلسطين وهضاب الجولان وسهول البقاع من سوريا ولبنان على التوالي؟.

كيف أن أميركا- قليلة الأصل والتاريخ- أخذت مركز الريادة والهيمنة والقرار من إمبراطوريات عظيمه سبقتها تاريخاً وفلسفة وأدباً وحضارة ونهضة؟ كيف أن جزراً في أقصى أوروبا وقدر لها صناعة إمبراطورية لا تغيب عنها الشمس فيما دول حدودها من الأطلنطي غرباً إلى الهندي جنوبا وشرقا ومع ذلك عاجزة عن مجاراة دولة شقيقة بحجم قطر وقناتها "الجزيرة"؟ لم أقل بمواجهة دولة قوية بوزن إسرائيل.

كيف أن إمبراطوريات فارس وعثمان وقيصر توارت وثم عادت مجددا فيما العرب- ويا لبؤسهم- يتهاجون ويُزهقون أنفسهم على قارعة أمجاد غابرة كأسلافهم الذين أضاعوا عزتهم وكبريائهم وملكهم وأوطانهم وقبائلهم في حروب تراجيدية ثأرية انتقامية لا مجد فيها أو شرف؟.

كيف أن خطابنا وأدبنا ولغتنا وثروتنا وإعلامنا وجيوشنا وأنظمتنا مستنزفة جميعها في معركة ثأرية انتقامية أنانية دونية تاريخية شعوبية استبدادية لا قيمة لها أو نفع في عالم اليوم الفسيح والمتسارع والمفتوح على مصراعيه؟.. حقا كم نحن بائسون وعاجزون عن مجاراة دولة شقيقة بحجم علبة الكبريت؟ فبرغم صغرها قدر لها- وخلال فترة وجيزة- إثبات وجودها كصاحبة مبادرة ودور وتأثير خليجيا وعربياً ودولياً.

الزعيم عبد الناصر أراد أن يكون لاعباً أساسياً في لعبة الأمم فتكالب عليه الأشقاء قبل الأعداء؛ ولأنه لم يشأ أن يكون هامشاً أو مجرد لاعب احتياط في خضم معركة كبيرة وقودها الشعوب والأمم الضعيفة المضطهدة المستنزفة؛ فقد خسر النزال بفعل طعنات الأخوة الأشقاء لا بفعل ضربات الخصم القاضية.

عبد الناصر امتلك القضية العادلة وكاريزما القائد الملهم والوثيق، لكن ذلك لا يكفي لتحقيق حلم أمة وهنة, ممزقة, فقيرة, مضطهدة بقوتها وثروتها وتبعيتها وحكامها وفوقها – أيضاً – تعاني من تلازمية جهل وتخلف مجتمعاتها ونخبها الثائرة على الاستعمار والحكام المستبدين.

سئُل تشرشل إبان احتلال ألمانيا لبريطانيا عن المنتصر في الحرب الكونية فأخرج من جيبه قطعة مال معدنية قائلا للصحافي السائل: سينتصر من يمتلك هذا؟ قاصدا بالطبع المال الذي يعد عصب أي معركة حربية أو اقتصادية أو تنموية.

وعبد الناصر كان ينقصه ثروة دولة قطر المغردة بقيادتها وإعلامها وفكرها خارج سرب الأنظمة العربية العتيقة المقاومة لكل ما قامت به أو ستقوم بفعله هذه الدولة النكرة إلا من ثروتها الضخمة وكذا قناتها المرعبة المزعزعة حقبة زمنية لكيانات هشة وفاسدة لا تحتمل الوقوف في وجه طوفان ثائر لا يهمد بغير وقف مصدره الآتي من جزيرة قطر.

لتكن قطر وحكامها وثروتها وإعلامها خلف الإخوان ومشروعهم لأسلمة الحكم في مصر أو تونس أو اليمن أو ليبيا أو سواها؛ فأين هي المشكلة؟ أليس المهم أن لقطر رؤية أفضل وأشمل وأكبر من دول كبيرة في كثافتها وثروتها ومساحتها ومع ذلك ليس لديها ثمة فكرة أو رؤية أو قناة أو وسيلة تضاهي ما تملكه هذه الدولة الصغيرة؟!.

ألم تكن الدولة الدينية الخالصة لليهود دون العرب في إسرائيل غاية تستوجب من دول الخليج موقفا ودعما أقل بكثير من هذا الموجه ضد دولة شقيقة؟ ألم تكن إيران دولة دينية كما وثورتها في الأصل منشأها ولاية الفقيه الإمام الحاكم إنابة عن الإمام الغائب؟.

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط عقد شراكة الضرورة والتي كان من ثمراتها تحرير مساحة تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات