التطرف أيديولوجية لا ديانة !!

18 - مايو - 2014 , الأحد 09:06 صباحا
3807 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد علي محسن ⇐ التطرف أيديولوجية لا ديانة !!

التطرف عموماً ليس ديانة وإنما ايديولوجية ، وما نسمّيه الآن إرهاباً هو في الأساس نتاجٌ لقراءة وتأويل أحادي متطرف ، فقد يكون هذا المتطرف الديني شيخاً أو كاهناً أو حاخاماً أو قسيساً أو إماماً أو حتى بروفسورا في اللغويات والعقائد الدينية.

يهودياً أو نصرانياً أو مسلما أو هندوسيا أو وثنياً. في كافة الحالات هنالك ثمة رابط وصلة بين العنف المزهق للإنسانية وبين الأيديولوجيات النظرية المتطرفة.

بين إصرار جماعات بشرية على جعل الديانة أيديولوجية سياسية مهيمنة ومستأثرة بالحكم وعلى ما يخالفها من طوائف أديان أو حتى مذاهب وفِرق في إطار الدين الواحد ، وبين جماعات أخرى ما فتأت تقدم ذاتها كمخلص وبديل لهذا المزج ما بين ما هو مقدس وغيبي وما هو وضعي ومادي ، ما هو ديانة ولاهوتي وما هو أيديولوجي وإنساني ؛ لكنها وفي واقع الممارسة العملية لا تجد مندوحة من أدلجة ما هو ديني ولاهوتي طبقا لتموضعها وأغراضها ومنافعها السياسية والانتخابية والشخصية.

بنيامين نتانياهو ينافح سياسياً كيما تصير إسرائيل دولة دينية خالصة باليهود ، فحتى لفظة إسرائيل " يعقوب " التي كانت واحدة من مغالطات التاريخ قسوة وخرافةً ما عادت الآن مقبولة لليمين المتطرف الذي استوطن أرض فلسطين بكونه سبطاً لإسرائيل النبي وإذا به في الحاضر رافضاً لفكرة القومية الاسرائيلية مثلما هي رغبته في الدولة ذات الهوية اليهودية الواحدة.

ترى لو أن قساوسة الصهيونية المسيحية بقوا أحياء كي يشهدوا نبوءاتهم الجالبة لأحفاد اسرائيل امتثالا لطاعة الرب وتعجيلاً بعودة المسيح الثانية ! . أما غُلاة الكنيسة الأنغليكانية التابعين الداعمين بقوة لبني صهيون لا لبني يهوذا فلم سمع أو أقرأ عنهم رداً أو تعليقا إزاء نبوءات أسلافهم وقد استحالت كذبة كبرى ، بل قولوا وهماً وسرابا لا مكان له سوى في مخيلة كهنة مهووسين بقراءة وتفسير النص المقدس تفسيراً حرفياً متنطعاً ملبياً مصالحهم الشخصية النفعية أولاً , ويحقق لطائفتهم الدينية مكاسب سياسية وانتخابية ونفوذية تالياً ؟.

وإذا كان هذا هو حال علمانية أمريكا الداعمة بقوة لشعب الله المختار بناء وقراءة خاطئة شاذة صاحبها رجل دين ؛ فكيف الأمر سيكون في دول مازالت مجتمعاتها اسيرة لمعتقداتها الخاطئة المتواترة الممانعة كلياً لمسألة الفصل بين ما هو ديانة وعبادة وضمير واخلاق وقضاء وقدر وحساب وعقاب وحلال وحرام وبعث أخروي وبين ما هو سياسة وفلسفة واقتصاد وحريات وحقوق مدنية ودولة مواطَنة وعلاقات دولية وتشريعات انسانية كونية ؟ .

نعم لدينا مشكلة مزمنة وبمضي الوقت صارت هذه المشكلة معضلة تاريخية مقوضة ناسفة لكل الافكار الجديدة المحدثة بناء وحاجة المجتمعات المسلمة واتساقًا مع مقتضيات عصرها . واحد من هؤلاء الباحثين المحدثين قيل فيه ما لم يُقلْ في الشيطان ذاته .

فبرغم أنه من المدرسة السلفية الحنبلية الوهابية المتشددة المغالية التي يرجع إليها إرهاب وعنف جماعات القاعدة وداعش والجهاد وأنصار الشريعة والتكفير والهجرة وسواها إلا أن ما طاله من قذع وتكفير وإساءة وترهيب كان أكبر ممّا يحتمله عقل إنسان مستنير متوقد معرفة وصدق واخلاص لمراجعة وتصويب كثير مما لصق بدين الاسلام وبتراث المسلمين من عقائد ومفاهيم ومرويات متواترة تم التعامل معها وكأنها دينٌ فوق دين الله بينما هي نتاج بشري , صاغته الأهواء والمصالح السياسية والأنظمة الاستبدادية .

فما إن نُشرت أفكاره البحثية العلمية في الصحف وتم توزيع كتبه أو مناظراته التليفزيونية حتى تصدت له الجماعات المتطرفة الحاملة راية الدين الصحيح النقي المطلق الذي تتفرد وحدها بفهمه وتجسيده ولو اقتضى جهادها إزهاق النفس المحرمة وإشاعة الخوف والتوحش والخراب ورفض المنطق والعقل وكل ما يمت بصلة للمعرفة وقواعدها.

تم مصادرة جواز سفره وفصله من وظيفته في الجامعة ، بل وأكثر من ذلك إذ تم حظر كتبه ومقالاته ودون أن يتسنى له نقاش أفكاره أو تمكينه من مجادلة اشياخ السلفية الذين لم يستطيعوا دحض أفكاره الناسفة لإرث مُثقَل بالاتباع الجامد وبتأليه بشري محتقر لله ولدينه ورسوله.

الذبح وتلغيم الأطفال والنساء واستخدامهم جميعا كقرابين مزهقة على قارعة ضالة منحرفة مهووسة بفكرة الانتحار التي تشبه ما تعتقده حركة " بوابة السماء " في البروتستانتية والمعروفة بقرابينها المنتحرة جماعيا في كندا وسويسرا وفرنسا وأمريكا خلال عقد التسعينيات قبل أن يتم محاصرتها وحضرها في دول أوروبا.

كذلك هي القاعدة ومن على شاكلتها من الجماعات الإرهابية الضالة المتطرفة التي احتكرت الجهاد حصراً عليها ووفقاً وفهمها الحصري وبناء ومذهبها ومرجعها الحصري أيضا. فما من دين سماوي أو وضعي إلا وتم اعتسافه لمقاصد أيديولوجية سياسية سلطوية نفعية بعيدة عن مقاصد الاديان جميعها ! ما نراه اليوم من عنف وقتل وبغض واحتقار ودم مُهرَق وتمييز عنصري وعرقي وطائفي لا صلة له البتة بالأديان وإنما سببه "أدلجة" هذه الأديان وجعلها نظرية سياسية غايتها تحقيق مكاسب اقتصادية وانتخابية وفئوية وسلطوية.

لا تتوقع نتيجة مغايرة طالما وانت تكرر ذات الفعل ، هذا ما حدث بالضبط خلال الأعوام الفارطة . وهذا ما سيحدث الآن وفي المرحلة القابلة ، فلا الشرعية عادت وقادت الدولة أو أن الانتقالي استعاد دولة . لا يوجد ثمة جديد يمكنه تغيير الحالة القائمة منذ انفراط عقد شراكة الضرورة والتي كان من ثمراتها تحرير مساحة تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات