الحوثي لا يبحث عن غير الحرب

23 - أكتوبر - 2014 , الخميس 07:09 مسائا
3488 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةمحمد العمراني ⇐ الحوثي لا يبحث عن غير الحرب

محمد العمراني
عمليا دخل الحوثي مدينة صنعاء ، أسقط المدينة وأبقى على هيكل الدولة ، كل ماهو باق من الدولة هو مجموعة من الموظفين -بلا سلطة غير سلطة التوقيع على الأوراق - يسيرون الأعمال لدولة الحوثي .

سيتحمل الحوثي أمام محاكمات التاريخ وعدالة الإله كل ماحصل بعد قراره احتلال صنعاء ، من ترويع طفلة واقتحام منزل ومرورا بكل حالات التصفية والثأرات واللصوصية التي تستفيد من غياب الدولة وحتى ضحايا الاحتراب الأهلي والانقسام الطائفي وما يمكن أن يحصل لشكل الدولة التي تعيش نذر الانقسام .

سيتحمل أيضا كل أخطاء صالح ونظامه وثاراته ، وكل غفلات الحمقى وحكومات الاستهتار بعد 2011 ، كل أخطاء السابقين أصبحت جبلا متراكبا بيد الحوثي وهو مسئول مسئولية كاملة عن كل هذا الإرث الاسطوري من الفشل والحماقة والاستهتار والضحايا والحروب ، فالحوثي لن يكون إلا طوق النجاة لكل العصابات التي سبقته وتركت بلدا على الحافة ، اعتقله الحوثي في اللحظة الأخيرة ورمى كل الأثقال على كتفيه .
حتى الآن يبدو أن الحوثي لم يدرك هذه الجدلية الواقعية ، ولا يبدو أنه يكترث لشيء .

يتصرف الحوثي كما لو أنه كان يريد انتصارا بطعم الدم الذي لا يتوقف ، كما لو أنه لايبحث عن انتصار بل عن حرب وضحايا ودماء ، ولهذا ترك مركز القرار في صنعاء وهو الذي من خلاله يمكن أن يدير الدولة بكامل ترابها دون حركات الاستفزاز التي يبتكرها لمداهمة المدن والمناوئين وبدأ كعادته في صناعة الخصوم خارجها بحثا عن مبارز .

قبل أيام كنت قد كتبت هذه العبارة "من الواضح أن الحوثي قد أعد سيرته الذاتية باهتمام لتناسب الوظيفة المفضلة ، وظيفة مقاتلة داعش ، وهو الآن يجتهد كثيرا لكي يعزز من مؤهلاته و يلفت انتباه المقاولين " .
"هذه أمنياتك وليس تحليل " علق أحد أصدقائي ، هكذا طبعتها كما وردت بخطئها اللغوي ، ولم أكلف نفسي عناء الدفاع عن رأيي إذ أنني كنت أتخوف وكان الحوثي يمضي في طريقه المرسوم .
أما الحوثي فهو لن يحارب داعش ولا القاعدة ، بل سيخلقها من العدم ، إنها إرادته كما يبدو أو لعلها إرادة راسمي الخرائط .

سيكتب الكتاب والمثقفون وكل القلقين على الوطن عن خطورة انزلاق البلاد في حرب طائفية سيكون الحوثي بالتأكيد أحد طرفيها - وبغض النظر عن الطرف الآخر فإن الحوثي وحده يتحمل وزر هذا الانزلاق – وسيتعامل الحوثي مع هذه الأصوات باعتبارها "ضجيجا إعلاميا " .

لقد منح الحوثي فرصة الدهر ، دخل العاصمة على مرأى من الدولة والجنود والأحزاب والأمم المتحدة ومجلس أمنها القلق ، وكلهم غضوا أطرافهم كما لو أنه كان يغتصب فاجرة تمرنت على الاغتصاب وليس عاصمة دولة لها هوية وعلم على مبنى الأمم المتحدة ، حتى إن بيانات مجلس الأمن والدول الراعية والمجتمع الدولي وحتى الأحزاب الهشة ، كلها، بدت هزيلة ومفككة مقارنة بسابقتها عند سقوط عمران ، إنها سياسة الأمر الواقع التي يبدو أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة أصبحت تشرعن لها عبر اعتراف صامت بالأمر الواقع .
وربما تتطور فكرة " الأمر الواقع " لتصبح فكرة لها شرعيتها في الأمم المتحدة كما فعلت قبل ذلك في فكرة "حق تقرير المصير " التي صممتها السياسة الأمريكية عقب الحرب الباردة كي تشرعن لدول الاتحاد السوفياتي انفصالها عن كيانها الكبير .

أما الحوثي فذهب يبحث لجنوده عن معركة ، عن حرب وليس عن انتصار ، عن استفزازات وليس عن دولة ونظام ، عن شركة مقاولات توظف مقاتليه وليس عن وطن أغرقه في الفوضى واللادولة وترك مواطنيه ضحايا لميليشيات لا يحركها القانون فهي لا تعرفه ، بل تتعامل على سليقتها ومزاجها ، ويكون المواطن متروكا للحظ لكي يكون في قبضة ميليشياوي محترم .

على المواطن أن يكون ذكيا لكي لا يغضب أمزجة ميليشيا بلا تدريب لأن احتمال قتله يبقى واردا ، سيقتلون لمجرد الاشتباه ، ولديهم مأوى دافئا في صعدة صعب الوصول .

في نقطة التفتيش ، أنت تتقدم كمتهم ،لاتشعر بالمواطنة ، على الرغم من تدريبهم البسيط على العبارة المستهلكة " أي خدمات ؟" .
أما أنت فلا تتذكر سوى عبارة الفيلسوف الكلبي ( ديوجين) حين سأله الاسكندر الكبير " هل لك من حاجة ؟ "
أجابه الفيلسوف " نعم ، تنح قليلا ، فإنك تحجب عني ضوء الشمس !!" .

لقد انتصر الحوثي ، لكنه كما يؤكد لايبحث عن غير الحرب .

مدينة يقتلها الخذلان محمد عمراني لم نكن نعلم أن مهمة منظمات المجتمع الدولي تتوقف فقط عند إحصاء القتلى والمصابين الذين تقتلهم أطراف الصراع . لدينا عشرات المنظمات ترفع تقاريرها عن #‏تعز لكن هذه التقارير المطبوعة بالألوان الفاخرة تتحول إلى »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات