هل ستنهار السلمية أمام الدموية؟

08 - مارس - 2015 , الأحد 08:01 مسائا
3017 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةوئام عبدالملك ⇐ هل ستنهار السلمية أمام الدموية؟

وئام عبدالملك
لم يسبق وأن شهد العالم ثورات سلمية بمثل هذا الزخم الجماهيري الذي شهدته المنطقة العربية مؤخرا، وسبق وأن جرى الحديث عن الثورة السلمية الخضراء في طهران عام 2009م احتجاجا على الانتخابات البرلمانية، وخلق مقاربة حول المشهد آنذاك والمشهد في العالم العربي، لكن المفارقة تكمن في أن الثورات الناعمة العربية، كانت ثورات حقيقة وبإرادة شعبية طالبت بتغيير رأس الهرم في السلطة، وتصحيح الأوضاع وطالت كل القيادات الفاسدة والطواغيت وكانت ثورات مدنية، شملت مختلف الأطراف.

كان هناك محاولات من النظام السابق في اليمن إلى جر ثورة الشباب في بداياتها إلى مربع العنف، إلا أن إيمان الشباب بمشروعية مطالبهم وبسلمية ثورتهم، جعلهم لا ينحرفون عن مسار السلمية إلى تلك الهوة، و واصلوا تأكيدهم بأن الدولة المدنية التي يحلمون بها سيحصلون عليها بسلميتهم، وسيحققون كل مطالبهم بسلميتهم، بعد أن ولى زمن الثورات الدامية، فجعلنا هذا ننحني إجلالا لهم، وندرك بأن الجيل المتعلم المؤمن بحقوقه والمحب لوطنه والواعي، جدير بالوطن وبالدولة المدنية التي ما زالوا يناضلوا لأجلها، ونؤمن بأن الجهل هو ما يشجع مثل تلك العقليات الرجعية على الانتشار أكثر ويقوض الوطن، إن المرء يستهجن تلك الولاءات غير العقلانية من قِبل أنصار صالح أو الحوثي، حتى وإن كانوا هم أول ضحايا الجحيم الذي يريده أولئك للبلد.

لقد عمل النظام السابق والقوى الاستبدادية التي لا تؤمن إلا بالدموية على مجابهة ثورة الشباب بالسلاح، واستغلال الفقر والجهل المستشري بين أبناء الشعب، وأصبح جليا تحالف نظام صالح مع الحركة الحوثية، وحققوا مكاسب توسعية على الأرض، في الوقت الذي ما زال فيه الشباب يؤكدوا فيه على سلمية ثورتهم.

إن البعض مازالوا يراهنوا على عدم نجاح مشروع الحوثي التعبوي المذهبي المستبد المدعوم من حليفه النظام السابق داخليا وإيران إقليميا، وسيسقط أمام حلم الشباب في إقامة دولة مدنية، وأولئك فإنهم يفنون أنفسهم بأيديهم، ويألبون المجتمعات الأخرى التي ترفض وتنبذ مثل تلك الممارسات، ومواجهتهم لتلك الثورة بالسلاح، وإجهاضهم لإرادة الملايين من الشعب، على الرغم من أن المعادلة غير متكافئة.

إن ملامح الدولة اليمنية المذهبية التي يسعى إليها الحوثيون على غرار ما هو قائم في طهران، وتكريس المذهبية لتحقيق مكاسب سياسية، سيخلق نزاعات وانقسامات كثيرة ولفترة طويلة جدا من عدم الاستقرار داخل البلد، وعدم وعي الناس بذلك يزيد الطين بلة، وما يحدث في العراق التي سلمتها أمريكا إلى إيران خير دليل على ذلك، فالصراعات المذهبية التي تشهدها العراق عنيفة للغاية، وأتاحت الفرصة لنشاط العديد من الحركات المتطرفة، فأصبح العراق يخرج من أزمة ليدخل في أخرى.

إن العقليات العربية الحاكمة بأنظمتها الهشة التي صعدت جراء حركات تحرر وطني وانقلابات دامية، لا تؤمن بالثورات على هذه الشاكلة، ولولا حلفائها الخارجيين لما قامت لها قائمة، جعلها ذلك تعمل على إفشال ثورات الشباب بتحركات سياسية وإعلامية، وجعلنا هذا نؤمن بأن من الضروري أن نجتث مثل أولئك الحكام وحاشيتهم، لتنعم أوطاننا بالحرية، وبالاستقرار الدائم.

وأمام السيناريو المفتوح الآن في اليمن، والتوتر المتصاعد الذي يشهده البلد، تُرى هل ستكون الدموية هي الخيار، على غرار انهيار السلمية في ليبيا وسوريا بإرادة إقليمية ودولية؟ أخشى أن أقول بأن ما يجري على أرض الواقع يؤكد بأن السلمية تنهار أمام الدموية في اليمن، بعد أن رأينا كيف استغل الحوثيون والنظام السابق الانتقامي تلك الثورة، وتحدوا سلمية الثورات، وحققوا مكاسب كبيرة، ليس هذا قفزا على الواقع بل من منطلق أن أغلب نماذج العقليات الحاكمة العربية لم تنتج لنا طوال عقود طويلة غير الحروب، وليس محالا أن تنجح ثورة الشباب السلمية بتحقيق مطالبها- أطال أمد ذلك أم قصر- على غرار ما حدث في تونس، أو ما حدث قبل ذلك في جمهورية تشيلي وإسقاط نظام بينوشيه عام 1983م، وكذلك الثورة الروسية الناعمة عام 1905م، لكن ذلك لن يحدث إلا بعد إقصاء كل الاطراف التي تتخذ من الدولة المدنية شعارا، وهي لا تؤمن بها، ولا تعرف عنها شيئا، من المشهد السياسي بحراك شعبي لا يقهر، ومن غير المقبول في المشهد اليمني أن ينسب أحد ما يحدث في اليمن لثورة الشباب، وهو ما يسوق ويروج له الأطراف الناقمون على البلد والشعب، وستكون ثورة الشباب هي الخيار الأوحد لاجتثاث تلك العقليات التي عفا عليها الدهر وشرب.

مشاهد من تعز التي أمعنوا في إذلالها وئام عبدالملك في أحد مداخل المدينة بتعز، وفي نقطة تفتيش أمنية، واستمرارا لمسلسل الإذلال الذي يجيدوه الحوثيين وحليفهم صالح، وبحجة تفتيش المدنيين، قاموا بتوزيع أبناء تعز في مجموعات بحسب الوزن والطول، وكأنهم »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء