مأساة المواطن اليمني

23 - أبريل - 2015 , الخميس 04:04 مسائا
3236 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةوئام عبدالملك ⇐ مأساة المواطن اليمني

وئام عبدالملك
مأساة المواطن اليمني
وئام عبدالملك
يعيش المواطن اليمني مأساة حقيقية، لم تلتفت لها وسائل الإعلام المؤيدة للعمليات العسكرية الجوية، حتى القنوات المعترضة على تلك العمليات والتي التفتت إلى بعض المآسي التي يعيشها المواطن، فكانت لأجل التحريض، وليس احساسا منها بمسئوليتها الأخلاقية.
إن المواطن اليمني اليوم إن لم يُقتل بأيدي الحوثيين وصالح، قُتل لنقص المواد الطبية، أو لإغلاق العديد من المستشفيات أبوابها، أو لانقطاع الكهرباء، أو كان ضحية سكنه بالقرب من المعسكرات التي يطالها القصف بين الفينة والأخرى، ومضادات الطيران التي لا تنال إلا من المواطن.
إن العديد من النساء اللائي غادرن إلى الأرياف قطعن أغلب الطريق مشيا على الأقدام لأول مرة منذ عقود، حتى تفطرت أقدامهن، ومن استطاع أن يدفع مقابل ركوبه وسائل المواصلات دفع مضطرا مبالغ طائلة، هذا ذكرني بالمرأة السورية العجوز النازحة التي شاهدتها قبل بضعة أشهر صديقتي على شاشة التلفزيون، وهي ترفع قدمها بصعوبة من على الأرض وترتجف بشدة وهي تتكئ على عصاها لشدة ما أصابها من نصب، جراء قطع مسافة طويلة سيرا على الأقدام، فتساءلت خالتي يوم ذاك لم لا تستقل إحدى وسائل المواصلات، واليوم ها هي تدرك بأن وسائل المواصلات في الحروب تصبح ترفا وبذخا في مثل هذا الوضع المُزري الذي تعيشه اليمن، وبعد أن أصبح هناك العديد في اليمن من أمثال تلك العجوز التي لم ترحم الحرب شيخوختها.
نازحون بالمئات إلى داخل الوطن وخارجه، بعضهم لفقدانهم الأمان، وانقطاع كل سبل العيش الضروري، والبعض هروبا من عيون الحوثيين التي تترصدهم، وأولئك يروضون الحياة كيفما استطاعوا، ويحتالون عليها، لكن( وحشها) يهزمهم مرات كثيرة، ولا مُنقذ لهم.
العديد من المستشفيات أغلقت أبوابها نتيجة انقطاعات الكهرباء بشكل كبير وغيابها لأيام، وفاقم المشكلة عدم توفر مادة الديزل، ونتيجة لعدم وجود مرضى، ليس لأن الرب الشافي قد ابرأهم أبدا، ولكن لأن توفير قوت يومهم، أكثر أهمية من صحتهم، ولأنهم يفضلون الموت في بيوتهم على الموت في الشارع في ظل انعدام الأمان، وهنا فإن مئات الموظفين فقدوا مصدر دخلهم، وقذفوا إلى جحيم الحياة التي لا تطاق ليواجهوا مصيرهم، كل أولئك الذين كانوا يعملون لم يكن ترفا، فكل موظف فيهم عليه مسئولياته، ويعول أسرة كبيرة، اكتفوا بالفتات ليوفروا القوت الضروري لعائلاتهم، وهاهم اليوم وحدهم يجوعون أو يموتون أو يقتلون، هناك أيضا العديد من الشركات قلصت عدد موظفيها بشكل كبير، وأصبح أولئك المُسرحون عاطلون عن العمل، وليأكلوا( الهواء) في مثل هذا الظرف.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية الضرورية حمل رواتب الموظفين ما لا تطيق، وبالكاد تستطيع رواتبهم أن تفي بحاجياتهم الضرورية جدا، حتى وإن توفرت وجد نفسه يبحث عنها لأيام حتى يستطيع شراءها.
وإن استغنى المواطن عن ترف( وسائل المواصلات) واكتفى بكيس القمح الذي حصل عليه، وجد نفسه يبحث عن المياه غير الصالحة للشرب في المنزل، وإن وفره وبملبغ كبير، يجد نفسه غير قادر على توفير المياه الصالحة للشرب.
انطفاء الكهرباء تسبب بحرائق، نتيجة استخدام الشموع ومولدات الطاقة الكهربائية، وزادت من معاناة قاطني المناطق الساحلية بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
التعليم وبعد أن توقف في المدارس والجامعات، إلا أنه على الرغم من كل هذا ما زالت أطراف الصراع، تُصدر القرارات والتي طالبت بعضها الطلاب بالعودة إلى المدارس، ليثبتوا أن الحياة طبيعية في ظل العمليات العسكرية التي يقوم بها التحالف، فيما هناك طرف آخر يُخرج الطلاب من فصلوهم ليجبرهم على المشاركة في المظاهرات، وطرف يحول المدرسة إلى ثكنة عسكرية ومخزن أسلحة، وجميعهم غير مكترثين بمستقبل الأجيال التي لا ذنب لها سوى أنها وجدت في مجتمع، آخر ما يهمه هو التعليم وأرواح أولئك.
وفي ظل كل هذا الجحيم ما زالنا نسمع أن الحوثيين اعترضوا طريق أطقم طبية أو ناقلات نفط أو شاحنات قمح وغيره.
الحرب تسببت بفاجعات كبيرة لقلوب الجميع، ونتيجة كل هذه المآسي التي حلت باليمنيين، تلتهم التجاعيد وجوههم، وتفقد أرواحهم الحياة، مأساة كبيرة نال نصيبها كل فرد، ولا يمكن حصرها.
دموع الأطفال التي سالت نتيجة قصف الحوثيين في المدن، أو قصف الطائرات، تُفعم قلوبهم بالطُهر، وقلوب القتلة بالقبح والسواد، وقلق كبار السن على مصير أبنائهم، جعل السماوات تضِج بدعواتهم، فالرب لن ينسى ضحايا جحيمهم، وما زالت دماء الأبرياء والمدافعين عن أنفسهم وعن مدنهم يتضرج بها وجه الوطن كل يوم.

مشاهد من تعز التي أمعنوا في إذلالها وئام عبدالملك في أحد مداخل المدينة بتعز، وفي نقطة تفتيش أمنية، واستمرارا لمسلسل الإذلال الذي يجيدوه الحوثيين وحليفهم صالح، وبحجة تفتيش المدنيين، قاموا بتوزيع أبناء تعز في مجموعات بحسب الوزن والطول، وكأنهم »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء