عبد المعين المصري: وساطة خمسة نجوم!

10 - مارس - 2015 , الثلاثاء 09:46 مسائا
3250 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةنـاصـر يـحـيى ⇐ عبد المعين المصري: وساطة خمسة نجوم!

نـاصـر يـحـيى
[1]

أعلم أن نشر الآراء والأخبار والتوقعات الصحفية عندنا في اليمن –كما هو حال بلدان عديدة أبرزها: مصر- عملية من عمليات مناطق السوق الحرة: ليس عليها جمارك، ولا ضرائب، ولا واجبات، ولا رقابة حقيقية على الجودة! لكن أن يصل الأمر إلى الحديث (المتظاهر بالجدية) عن وساطة مصرية لحل الأزمة اليمنية فهذا تحديدا يسمى: استغفال خمسة نجوم.. وفي مصر يسمونها: لعبة الثلاث ورقات!

ليس فقط لأن مصر/ السلطة لا تملك أي تأثير في اليمن ولا في غيرها هو الذي يجعل الحديث عن وساطة مصرية لحل الازمة اليمنية مجرد كلام جرايد ومقايل وقهاوي؛ ولكن لأن نظام السيسي نفسه بحاجة لمائة وساطة لحل أزمته مع الرافضين لانقلابه العسكري وحكمه القمعي الدموي! وإلى من ينقذه من هاوية الفوضى الاقتصادية والأمنية الذي أوقع مصر وشعبها فيها، وتحويل مصر داخليا إلى بلد على حافة الفشل، وخارجيا إلى مقاول حروب ومؤامرات ضد هذا البلد أو ذاك! وصارت مصر في عهده بلدا تابعا من نوعية عبد المأمور لبلدان تعلمت القراءة والكتابة على أيدي المصريين، وصار حكام جهال يتلاعبون بمصير أم الدنيا كما يلهون في كازينوهات وفنادق بلدهم!



[2]

الإعلام المصري (الأسوأ في المنطقة!) تلقف أخبار تهديد الحوثيين لحركة الملاحة في باب المندب على طريقة الهبلة عندما يمسكونها طبلة، وراح (ومعهم قناة العربية الغبية!) ينفخ في تلك الأخبار، ويهدد يمين شمال بوصفها خطرا على الملاحة في قناة السويس المصدر الرئيسي للحياة في مصر التي لن تسكت ولن ترضى بذلك! والهدف كان واضحا: الجماعة يبحثون عن ملهاة يصرفون بها أنظار المصريين عن البلاء الذي أنزلوه بهم، وهو كذلك نوع من إرضاء الغرور المصري المعروف من خلال تمثيل دور الدولة صاحبة المجد القديم، والنفوذ الكبير المهلنيش الذي جعلها عاجزة عن مواجهة من تسميهم جماعات إرهابية في سيناء!

الحوثيون من طرفهم جاروا إعلام القاهرة بملعنة من الطراز اليمني المعروف في أسواق القات، وراحوا ينثرون التطمينات لمصر وللعالم ويضربون صدورهم؛ مؤكدين بأنهم لن يغلقوا باب المندب، ولن يعرقلوا حركة الملاحة وكأنهم يتحدثون عن باب اليمن وعن حركة السير في شوارع صعدة! وهم الذين لا يستطيعون أن يفضوا مسيرة سلمية رغم كل حركات البلطجة والعنتريات التي يقومون بها، وإطلاق الرصاص ضد العزل من الرجال والنساء! وهم في ذلك مثل العاشق الفاشل الذي يفرح بالتهمة، وهم فرحوا بتهمة أنهم يخططون للسيطرة على باب المندب، والتهديد بإغلاقه، وراحوا يدبجون التصريحات:

- سعليكم. سعليكم يا مصارية.. ما عنغلقش عليكم باب المندب.. اخطوا بأمان.. ولو فيها ترتيبات أمنية فهيا لكم مش عليكم!

أما قناة العربية الغبية فهي هرولت للانضمام إلى الزفة المصرية- الحوثية بناء على جينات الصروعة الإعلامية التي تجعلها بالضبط مثل الدب الذي يهشم رأس صاحبه بحجرة كبيرة ليقتل ذبابة نزلت فوقه خشية أي توقظه من النوم!



[3]

باستثناء الحوثيين، وقناة العربية الغبية، والإعلام المصري (صانكم الله) فإن الترويجات الإعلامية عن إغلاق باب المندب أو السيطرة عليه من قبل إيران والحوثيين؛ لم تهز شعرة في رأس سمكة، ولا أثارت مخاوف إقليمية وعالمية حقيقية؛ لأن أهل العقول يعلمون أن الحوثيين غير قادرين على إغلاقه من الناحية العملية؛ أولا لأنه ممر عالمي لو فكرت دولة بإغلاقه لدخلت في مواجهة سياسية مع العالم كله، ومواجهة عسكرية مع أساطيل الدول الكبرى الموجودة في خليج عدن لحماية الملاحة الدولية (80% من بترول العالم وتجارته تمر من هناك) من أعمال القرصنة الصومالية! وهذه إيران رغم قوتها العسكرية والحصار الأمريكي الغربي عليها؛ فلم تفكر أن تهدد بإغلاق ممر هرمز.. وهؤلاء يعرضون علينا فيلما هنديا عن تخطيط حوثي للإغلاق باب السباح.. قصدي: باب المندب!

الإغلاق ذاته يحتاج إلى إمكانيات عسكرية بحرية غير موجودة لدى اليمن فضلا عن الحوثيين، وعندما منع المصريون في حرب أكتوبر1973 مرور السفن المتجهة لميناء إيلات الصهيوني احتاجوا لعدد من الغواصات ومثلها من المدمرات الحربية، وهناك شكوك قوية أن أعضاء اللجان الثورية يحسنون السباحة فضلا عن فنون القتال البحرية!

[يبدو أن الخبرة ظنوا أن بإمكانهم نصب نقطة جنود على ضفة الممر أو في جزيرة حنيش ثم يمنعون السفن من المرور إلا بإذن من الإدارة البحرية في اللجنة الثورية، وبعد تسليم الرسوم والواجبات المقررة من لجنة الإفتاء الثورية!].



[4]

ليس بالضرورة أن تكون مهمة الوفد الحوثي في القاهرة إقامة تفاهمات أو تحالفات مع نظام السيسي.. وبحكم أن مصر السيسي مرتبطة بالدولة الصهيونية والشيطان الأكبر ارتباط الحوثيين بالمؤتمر الشعبي العام؛ فالراجح أن الحوثيين ذهبوا للاستفسار عن سر حصار الجيش المصري السيساوي لقطاع غزة المقاوم لإسرائيل الرافض للهيمنة الأمريكية!

وبمناسبة الحصار المصري على غزة؛ فقد ثبت أنه الأكثر همجية، وأن الصهاينة أكثر إنسانية من ثوار 30 يونيو التي يصفها البعض بأنها أعادت مصر لدورها القومي، وقضت على مؤامرة صهيونية ضدها.. فكل بضعة أيام تسمح إسرائيل بإدخال عدة مئات من الشاحنات إلى قطاع غزة تحمل أساسيات الحياة لسكان غزة.. وأما البوابة المصري فمغلقة على طول إلا من مرات نادرة يفتح فيها الممر للسماح بمرور حاملي الجوازات الأجنبية، وأحيانا يسمحون للحالات المرضية الميؤوس منها بالخروج للعلاج.. وإلى أن تقرح الأخوة العربية والشفقة الفرعونية يعاني آلاف الفلسطينيين من قطاع غزة على جانبي بوابة رفح المصرية، ومن بينهم من مات هناك، ونهاية فبراير الماضي علقت جثتان لفلسطينيين كانا يعالجان في القاهرة، وأصر أقاربهم على دفنهما في غزة!



[5]

في أحدث فتوى لشيخ الأزهر قالها للتلفزيون الياباني إن الإسلام يتعرض على يد داعش لمؤامرات تشويه خدمة للصهيونية العالمية!

سنقبل أن داعش والقاعدة تشوهان الإسلام ؛مثلهم كمثل أنظمة القمع والفقر والجهل؛ لكن أن يكون ذلك خدمة للصهيونية العالمية فلا يتفق مع حقيقة أن شيخ الازهر رمز أساسي في نظامي حسني مبارك والسيسي المرتبطين بالصهيونية العالمية؛ حتى وصف الأول بأنه الكنز الاستراتيجي لإسرائيل، والثاني فرحت به تل أبيب فرحا لم يكن ينقصه إلا إعلان موعد انقلابه إجازة رسمية في بلاد بني صهيون!

لا جديد في كلام شيخ الازهر؛ فالذي يتابع القنوات المصرية يسمع دائما صرخات تهديد ووعيد ضد مؤامرات الصهيونية والولايات المتحدة ضد مصر والأمة العربية! وكل ذلك يحدث في الوقت الذي بلغت فيه العلاقات المصرية الصهيونية أوج العشق والإخلاص، وفي الأسبوع الماضي صدر قرار مصري بقبول المعونة الأمريكية السنوية (1,300مليون دولار)!

لا غرابة في أي تفصيلة من المشاهد السابقة.. فهذه نقرة وهذه نقرة عل رأي المثل المصري الشعبي.. أو هو التجسيد الحقيقي لمقولة: (لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين)! فشيخ الأزهر يفتي كما يريد ضد الصهيونية.. والساسة المصريون يتحالفون كما يريدون معها!



[6]

بدون تخطيط ولا تدبير ولا تفكير؛ سقطت كل المخاوف المرعوبة من خطر فكرة الأقاليم الستة على وحدة البلاد.. فقد ثبت يقينا أن الوحدة لا يضرها تقسيم البلاد إلى أقاليم ستة أو عشرة.. فها هي البلاد من ستة شهور صارت لا أقاليم ولا حكم محلي واسع أو ضيق. ولا برلمان.. ولا حكومة.. ولا سلطة تدير كل البلاد.. ولا جيش حقيقي.. ولا شرطة ولا أمن ولا مخابرات.. ومع كل ذلك فالوحدة باقية والبلاد لم تتفتت.. والحوار شغال.. وثورة في الشمال وأخرى في الجنوب!


عن المصدر

مع بدء موجة جديدة من الثورة الشعبية الشبابية؛ يبدو البعض من المشاركين فيها مستميتا على عدم التعلم من دروس الثورة الأم في ساحات التغيير والحرية، وما يزالون يصرون على إعادة انتاج المشاكل وإثارة البلبة والتشكيكات ضد الآخرين كما كانوا يفعلون في المرة »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء