تفاعلات وتحولات المشهد السياسي اليمني

لا مجال أمام المخلوع والحوثيين إلا المشاركة في حوار الرياض للخروج بحل سياسي ينهي الأزمة.  

13 - مارس - 2015 , الجمعة 01:24 مسائا
3914 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةباسم الشعبي ⇐ تفاعلات وتحولات المشهد السياسي اليمني

باسم الشعبي
بقلم: باسم فضل الشعبي

تتسارع الاحداث في المشهد السياسي اليمني، وتبدو كما لو كانت ترتب اوضاعا سياسية جديدة تشي باتفاق سياسي قادم لا محالة من وقوعه لتقاسم السلطة، وإعلان تسوية سياسية لقيادة المرحلة الانتقالية الثانية، وإلا فان البديل هي الحرب، ولكن هذه الأخيرة لن يذهب اليها اليمنيون على الرغم من التهديد والوعيد الذي يصدر من هنا وهناك، لأنها ستكون قاصمة لظهر الوطن اليمني المنهك بالصراع على السلطة، والمبتلى بقوى سياسية عقيمة لا تمتلك مشروعات لبناء دولة مواطنة لكل اليمنيين، وتعمل ضمن دوائر خارجية لها مشروعات مختلفة تهدف للسيطرة على كعكة اليمن، والاستفادة من موقعه الاستراتيجي الذي يوفر نفوذا سياسيا كبيرا على المستوى الإقليمي والدولي.

تفاعلات وتحولات المشهد السياسي اليمني تبدو على قدر كبير من الخفه في بعضها، ومن البطء في بعضها الآخر، لاسيما تلك التي يقوم بها الرئيس هادي المطالب شعبيا وسياسيا بالتسريع في خطواته وإجراءاته العملية من أجل تفادي انزلاق البلد إلى حرب أهلية، وحماية ما يمكن حمايته من ما تبقى من الدولة اليمنية المنهارة، ومؤسساتها التي تدمر وتنهب، في ظل الفوضى التي تشهدها البلاد والانفلات الأمني وضعف المؤسسة الرقابية للدولة، كما والاستعداد الكامل لحماية الجنوب حيث يقيم من أي محاولة لشن حرب عليه خصوصا بعد تهديدات الرئيس المخلوع علي صالح، ورفض قائد الأمن المركزي الموالي للحوثيين في عدن من تسليم المعسكر والإذعان للقرار الجمهوري بتغييره.

برزت على السطح خلال الأيام الماضية، عدد من الأحداث السياسية الهامة، والتي يستوجب قراءاتها بصورة دقيقة ومحايدة ومعمقة، في سياق ما تشهده البلاد من تحولات ومخاضات صعبة ومعقدة، يتمنى اليمنيون من أن تكون فاتحة خير على البلاد بحيث تتكلل باستعادة الدولة المصادرة، وحل كافة القضايا العالقة وأبرزها القضية الجنوبية، وإعادة الجنوب كشريك سياسي في السلطة والثروة، وبناء جيش وطني قادر على حماية البلاد والشعب، بدلا عن الجيش الطائفي الموالي لأشخاص ومراكز قوى تدميرية، وغير قادر على حماية نفسه، فضلا عن قراءة بعض التهديدات التي يطلقها البعض وما هي مراميها وأهدافها وردود الفعل حولها.

الصبيحي في عدن

ابرز حدث كان هذا الأسبوع في نظر كثير من المحللين السياسيين هو تمكن اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع في الحكومة المستقيلة من الإفلات من قبضة الحوثيين، وعودته من صنعاء إلى عدن في عملية هروب بطولية لا تقل شانا عن عملية هروب الرئيس هادي إن لم تكن تفوقها في الأهمية نظرا للشعبية التي يحظى بها الرجل، والحب والتقدير الذي يحتله في نفوس اليمنيين، نظرا لمواقفه الوطنية المشرفة في الدفاع عن الوطن في معاركه ضد الإرهاب، أو في رفضه للانقلاب الحوثي مؤخرا، أو في نزاهته وإنضابطه العسكري الذي عرف به.

حظيت عملية خروج الصبيحي من صنعاء إلى عدن باهتمام إعلامي كبير على الصعيد المحلي والعربي والدولي، وباهتمام سياسي لافت، حيث سخرت الكثير من وسائل الإعلام مساحات كبيرة للحديث عن أدوار الرجل البطولية في خدمة الوطن، والمؤسسة العسكرية، وتطرقت للحديث ايضا عن الدور المرتقب الذي يمكن أن يلعبه الصبيحي في المرحلة المقبلة، كون كثير من اليمنيين يرون فيه القائد الذي يمكن الرهان عليه للعب دور وطني مشرف في إخراج البلاد مما هي فيه ومن أي موقع يمكن أن يسند إليه.

كما شعر الجنوبيون بارتياح بالغ فور سماعهم وصول اللواء الصبيحي إلى مسقط رأسه في منطقة هويرب ناحية الصبيحة 70 كيلو متر غرب عدن، انطلاقا من إحساسهم بالأمان بوجود قائد عسكري فذ بينهم سيحتاجون كثيرا لخدماته في ظل التهديدات التي تطلقها مراكز القوى في صنعاء باجتياح الجنوب عسكريا، وإذا ما فكرت في ذلك ونفذت يكون القائد الصبيحي في مقدمة الصفوف كما يتطلع الجنوبيون، لكن معلومات كثيرة تحدثت خلال الأيام الماضية أن حركة الحوثي وحليفها المخلوع علي صالح باتوا امام موقف صعب، وأنه سيكون عليهم مراجعة تهديداتهم باجتياح الجنوب خصوصا بعد وصول القائد الصبيحي اليه، وهذا في تصوري يضيف كثيرا من القوى لجبهة الرئيس هادي وللجنوبيين بشكل عام، بالاضافة للمناطق الخارجة عن سيطرة الحوثيين كمأرب وتعز والواقعة باستمرار تحت التهديد من قبل الجماعة الحوثية، والتي سبق للصبيحي أن رفض طلب للجماعة باجتياحهما، كما رفض تغيير القيادات العسكرية فيها بقيادات موالية للحوثيين قبل أن يترك صنعاء خلفه ويتجه لعدن في عملية انشاق وصفت بالمهمة عن جماعة الحوثي.

بعد يومين قضاها الصبيحي في مسقط راسه في الصبيحة وصل الثلاثاء 11 مارس من الجاري إلى عدن لمقابلة الرئيس هادي بعد ارسال هادي لوفدين لمقابلته في الصبيحة، وإقناعه بالحضور لعدن، حيث أبدأ الصبيحي تحفظاته ونقده للأسلوب الذي أدار به هادي المرحلة الماضية في صنعاء، وكذا إدارته للأزمة الأخيرة، وقد تحدث عن ذلك بصراحة وشجاعة، وقد أبدأ الرئيس هادي حرصا شديدا لمقابلته والالتقاء به لتطمئن الرأي العام بأنه لا توجد أية خلافات بينهما بعدما روجت كثير من وسائل الإعلام لذلك.

يبدو الصبيحي مصرا على عدم لعب أية دور في هذه المرحلة حتى تتحسن الأجواء السياسية، حيث يقول عدد من المقربين منه أن الرجل يريد أن يخلد للراحة في هذه الفترة، والتفكير في كثير من المواقف التي اتخذها سابقا ومراجعتها، والتفكير مليئا فيما سيتخذه خلال المرحلة القادمة، لكن في تصوري هناك المزيد من الضغوط سيجد الصبيحي نفسه أمامها سواء ضغوطات شعبية ستطالبه باتخاذ موقف مما يحدث والعودة مجددا للحياة السياسية والقيام بدوره الوطني، أو ضغوط سياسية من قبل القوى السياسية التي اصبحت لا ترى في الصبيحي مجرد رجل عسكري فحسب بل قائد بدأت مواقفه وتحركاته تتخذ طابعا سياسيا محضا، ولا مجال امامه إلا أن يلعب دورا سياسيا في المرحلة المقبلة كونه رجل محل اجماع يمني وخليجي وربما دولي.

اذن محمود الصبيحي في عدن تلك المدينة التي برز فيها جنديا، ثم قائدا عسكريا فذا يشار اليه بالبنان، قبل أن يصبح حبيب اليمنيين، وحلمهم الذي يراودهم ببناء دولة القانون،دولة مهابة، وجيش وطني ذا عقيدة وطنية خالصة، ومنضبط في سلوكه وأفعاله.

ما هي وجهة الصبيحي القادمة؟ بماذا يفكر؟ ما هي الترتيبات التي تعد له؟ كل هذه الأسئلة تشغل بال الجماهير الآن،فرجل مثل الصبيحي يتمتع بشهرة كبيرة، وحب واحترام جماهيري غير مسبوق، فليس هناك مجال للراحة أمامه لاسيما والبلاد تشهد كل هذه الأحداث والمنعطفات المقلقة، في ظل قيادات صبيانية لا تفكر إلا بمصالحها ومصالح ابنائها ومستقبلهم، بعيدا عن مستقبل الشعب والوطن، فيكون لابد من وجود من يفكر بمستقبل الناس، ومستقبل البلاد، وهذه السمات برزت جليا وبتلقائية متناهية في خطابات وتحركات الصبيحي الذي اسر قلوب الملايين من اليمنيين.

اذن هل يتحرك الداخل والخارج في وضع هذا الرجل في المكان المناسب الذي يستطيع من خلاله ان يخدم بلده وشعبه؟هذا السؤال ستجيب عليه الأيام القادمة.

المخلوع يهدد بالحرب والجنوب يتوعد بالتصدي

شن الرئيس المخلوع علي صالح هجوما على الرئيس هادي وعلى من وصفهم بالهاربين الى عدن متوعدا اياهم بالحرب، وقال ان امامهم هذه المرة مهرب واحد وهو الطريق الى جيبوتي. مراقبون اعتبروا هذه التهديدات دليل ضعف وانكسار يعاني منه المخلوع منذ ان قذفت به الثورة الشعبية من كرسي الرئاسة، واصبح يعيش حالة هستيرية وجنونية يتمنى معها كل يوم بالعودة للسلطة من جديد، وترشيح ابنه للرئاسة حتى وان كان ذلك سيتسبب بثورة جديدة كلفتها قد تكون كبيرة جدا على اعتبار ان اليمنيين قد طردوا هذه الاسرة من قاموسهم الى الأبد.

المخلوع لا يريد غير السلطة والمال، لا يهمه الشعب واليمن ووحدته قدر ما يهمه العودة للسلطة وبأي طريقه، وسيكتشف الحوثيون أن هذا الرجل استخدمهم بطريقة ماكرة ومخادعة لتحقيق أهدافه في العودة للسلطة، بينما هو يوقعهم كل يوم في خطأ جديد لاحراقهم جماهيريا وشعبيا ومن ثم التخلص منهم.

تهديد الجنوب بالحرب ليس جديدا، إذ يرى المخلوع أن بقاء العاصمة في عدن هو انتهاء للمصالح غير المشروعة التي يحصل عليها من ايرادات النفط والغاز ومن التهريب وبيع المحرمات، اذ بنقل الخزانة المالية إلى عدن ونقل الايرادات اليها لن تكون هناك امتيازات، عدا عن تنفيذ نظام الدولة الاتحادية، والبدء بتأسيس الاقاليم كل هذا يشكل رعبا كبيرا لمراكز النفوذ بصنعاء، التي تعودت على جباية أموال البلاد إلى صنعاء وتقاسمها فيما بينها، وهذا دليل التخمة التي اصابت الكثير من هذه العائلات التي اصبحت عائلات تجارية كبيرة ولم تكن قبل حرب صيف 94 ونهب الجنوب أي شيء يذكر.

المخلوع يريد الوحدة من أجل السلطة والمال كما يرى مراقبون، والجنوبيون يتوعدونه بالتصدي والهزيمة اذا ما فكر بشن حرب جديدة ضد الجنوب، وفضلا عن ذلك عليه ان يدرك ان الجنوب تغير فلم يعد جنوب 2015 يشبه جنوب 94. ففي حرب 94 ساعدت المخلوع عوامل دولية واقليمية في هزيمة الاشتراكي رغبة في التخلص من المعسكر الاشتراكي في المنطقة. أما اليوم فإن الجنوب كله سيقاتل، وهناك عوامل دولية وغربية تقف إلى جانب الجنوب، بعد فشل تجربة الوحدة وانكشاف الزيف الذي روجه المخلوع وعصابته واتضاح الامور بان الهدف من الوحدة هو نفط الجنوب، وليس بناء دولة حديثة لليمنيين، ويرى مراقبون انه ومنذ انطلاق ثورة الحراك في 2007 مرورا بثورة الشباب في 2011 والمنظومة التقليدية العصبوية في الشمال تفقد كل يوم عوامل بقاءها واستمرارها وما يحدث اليوم من قبل جماعة الحوثي وانتقال العاصمة السياسية الى عدن بمثابة الرصاصة الأخيرة في نعش منظومة اللصوص والسرق والأوغاد الذين غامروا بمستقل ثلاثين مليون يمني كي يوفروا حياة ماجنة وتارفة لأولادهم وأسرهم، وهذا ما يعزز رغم صعوبة وتعقد الاوضاع امال اليمنيين بأنه لا محالة من الوصول لشاطئ الأمان مهما طال الوقت، ولكن في شكل دولة جديدة، تلبي تطلعات الجميع في الحرية والعدالة والمواطنة، وإلا فإن ذهاب الجنوب نحو دولته سيكون أمرا حتميا.

لا مجال أمام المخلوع والحوثيين إلا المشاركة في حوار الرياض للخروج بحل سياسي ينهي الأزمة القائمة وهذا في تصوري افضل خيار مناسب بالنسبة لهم ما لم فإن الأمور تسير في غير صالحهم وأي تكفير بالحرب سيكونون أول من يكتوون به وسيذهبون باليمن إلى اللاعودة.

الحراك في حضرة هادي

التقى هادي امس وفدا من الحراك الجنوبي بقيادة بامعلم وبن شعيب وأمين عام رابطة الجنوب العربي محسن بن فريد وسالم الدياني، وعدد من القيادات الشابة، وفيما يقال بان هادي يجري لقاءات مع قيادات حراكيه بصورة مستمرة منذ عاد لتوه من صنعاء، وذلك في محاولة لتمتين وترتيب الجبهة الجنوبية لمواجهة احتمالات الحرب التي تهدد بها جماعة الحوثي وحليفها المخلوع علي عفاش لاجتياح الجنوب، وفي ظل الرفض المستميت الذي يبديه قائد معسكر الأمن المركز عبدالحافظ السقاف في تسليم المعسكر والاستجابة للقرار الجمهوري بتغييره مما يجعل احتمالات حدوث توتر او اشتباك قائمة حتى الآن لاسيما وان هناك تعزيزات مرسلة من معسكر الصباحة في صنعاء الى الامن المركزي في عدن، وهناك تسلل لحوثين بالمئات الى عدن وانضمامهم للامن المركزي، وفي الجانب الأخر هناك عملية تجنيد واسعة لجنوبيين في اوساط الجيش، واللجان الشعبية، وقدوم كتيبة من لواء فيصل رجب الى عدن، وكذا عناصر من اللجان الشعبية من ابين الى عدن يقدرون بالف مقاتل، كل هذا الحشد والحشد المضاد والذي يعززه اشتباكات الامس في معكسر 20 بكريتر، فإن كل الاحتمالات مفتوحة، لهذا يجدر بهادي الآن لملمت الحراك والتنسيق معه وتجنيد اعداد من عناصره في اللجان والجيش وانشاء غرفة تنسيق خاصة لهذا الغرض.

وتقول قيادات في الحراك ان هذه الخطوة التي قامت بها لا تعني التخلي عن مشروع الحراك بقدر ما تعني التنسيق وتأجيل الخلافات لمواجهة عدو مشترك متربص بالجنوب وبأهله وثروته وموارده وهذا يحتم على الجنوبيين جميعا سواء اكانوا في السلطة او الاحزاب او الحراك التنسيق فيما بينهم في صد أي خطر قادم.

هادي مطالب بالكثير من العمل وأن لا يكتفي باللقاءات فقط وتوزيع الاموال، فالانتقال من اللقاءات امام الكيمرات إلى العمل في الميدان على الصعيد السياسي، والعسكري، والأمني، والإعلامي، امر مهم في تكوين مؤسسة جديدة على الأرض تتولى ترتيب وتنظيم الجنوب، وفي نفس الوقت دعم جهود الرئاسة في أي خطوات تقوم بها، كما وايضا التنسيق مع المناطق اليمنية الأخرى الخارجة عن سيطرة الحوثين كتعز ومأرب وغيرهما.

وفي تصوري ان الحراك جاهز لهذا النوع من التنسيق لاعادة ترتيب الاوضاع، كما اتضح من خلال تحركات قياداته وناشطيه الأخيرة سواء اعلاميا او سياسيا وهذا التحرك والتنسيق يخدم بدرجة كبيرة الجنوب وعدن وعلى وجه الخصوص عاصمة الجنوب وعاصمة اليمن المؤقتة الآن.

الحراك في حضرة هادي، خطوة مهمة لاعادة ترتيب الجبهة الجنوبية شريطة ان يكون الهدف من ذلك ليس مصالح شخصية متبادلة، بل مصلحة وطنية كبرى هدفها اعادة ترتيب البيت الجنوبي، وترتيب الوضع العسكري والأمني في الجنوب، والانتقال بالعمل السياسي الذي يخدم القضية الجنوبية الى افاق اوسع على الصعيد اليمني والإقليمي والدولي.



باسم فضل الشعبي

صحفي وكاتب يمني

رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام

اشعر بالشفقة تجاه من يخدمون أجندة عفاش في الجنوب داخل الحراك وخارجه، البعض منهم يبدون منفوشي الريش أحياناً معتقدين أنهم حققوا نجاحات بحياتهم مما كسبوه من أموال واشتروه من عقاراتوسيارات، غير مكترثين أنهم يعملون مع لص وقاتل وأسوأ شخص عرفته اليمن على »

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات