سلمان الشيخ
من الأساليب التي اتبعت في الفترة الأخيرة لمحاربة الإسلام من الناحية
الفكرية ، ما يمكن أن يسمى بعلمنة الإسلام ، أي : تجريده من الطابع (المقدس) -
كما يطلق عليه العلمانيون- ونزع أي روابط تصله بالوحي الإلهي المنزل ثابت
الصياغة والتحقق ، وقد راجت في السنوات الأخيرة في بعض الدوائر الفكرية
العلمانية مقولة تزعم أن (الإسلام دين علماني بالطبع) ، وتبرر هذه المقولة أمام
الجمهور المسلم بأنها تعني : أن الإسلام دين يتناول شؤون الحياة ويغطيها ، ولا
ينعزل عنها ، وهو تصور ينسجم مع المفهوم العام حول الإسلام ، ولكن تختلف
الصورة عندما يبدأ الكتاب العلمانيون في شرح وتوضيح أبعاد هذه المقولة ؛ وهنا
تتجلى ظاهرة علمنة الإسلام في إحدى أهم صورها ، فالمعنى المتضمن في مقولة :
(إن الإسلام دين علماني) هو : أن الإسلام غير محدد الملامح والقسمات ، وأنه قابل
للتغير والتشكل وفق الظروف والأحوال الجغرافية والتاريخية ، وأنه في الواقع
يترك مساحات واسعة من الشؤون الحياتية مفتوحة لكل اجتهاد ورأي أيًّا كان طالما
أنه يحقق (المصلحة) ، وهي بدورها فكرة مبهمة ، وإن تحددت أبعادها في الفكر
العلماني بشكل مادي واضح ، يقصرها على النواحي الاقتصادية أو القيمية المشابهة
لقيم الغرب ، وهكذا فإن المقولة التي تبدو في ظاهرها وكأنها تتوافق مع الأصل
الإسلامي الذي يربط بين الدين والدنيا ، فإنها في الواقع ترمي لتأسيس فصل الدين
عن الحياة من خلال تمييع الإسلام نفسه ، وتقليص مساحته ، ورده إلى مجرد كيان
هلامي شفاف أقرب إلى العدم ، يتشكل مع كل ظرف وحال حتى لا يكاد يكون له
وجود مستقل