وادي بنا.. خفايا السيّل الأعظم!

02 - مارس - 2014 , الأحد 01:14 صباحا
6183 مشاهدة | لا يوجد تعليقات
الرئيسيةاخبار وتقارير ⇐ وادي بنا.. خفايا السيّل الأعظم!

وادي بنا..
الضالع نيوز - أحمد سيف المغلّس
gهو ابن السحاب الثّقال وصفوة الماء الزلال ومهوى أفئدة النساء والرجال.. يروي عطش التراب وظمأ الأحباب ويعطي بغير حساب.. إنه وادي بنا أشهر أودية اليمن وأخصبها.. إنه وادي بنا قصيدة القلب المغرم وهبة السيل الأعظم وبقايا القصر الأفخم..
ملاك رحمة
عمره أقدم من عمر الإنسان لكنه لايزال شاباً.. جاء الناس وذهب الناس وشاخ الناس ومات الناس ولا يزال وادي بنا في مقتبل العمر مقبل على الحياة ومصرّ على العطاء وماض في تقديم خدماته لأهله وناسه دون خوف أو وجل أو تراخ أو كلل وكأنه مصباح ظلمة وملاك رحمة.. أنه كما يلاحظ هنا أرحم بالناس من أنفسهم ومع ذلك فلا أحد يعطي له بالاً أو يلقي عليه تحية أو يقول له شكراً جزيلاً.. كل ما يردده البعض هنا جاء السيّل وذهب السيل غير مدركين إلا من رحم الله أنه حين يأتي يأتي معه الخير وحين يذهب تذهب معه الآمال.. إنه شريان حياة ومن كانت هذه حقيقته فمن الصعب بل والمستحيل أن تجهل أهميته.
أغلى من الأبناء
قديماً كان الناس على هذا الوادي أي قوم يحلون فيه وأي بطن من البطون تسكنه؟ قديماً كان الناس يعشقون الوادي ويفتدونه بأرواحهم وأبنائهم.. اليوم صار الوادي ميراثاً ثقيلاً لدى البعض ومحطاً للأطماع والإهمال لدى البعض الآخر فليت أولئك القوم ينهضون من رقادهم ليعطوا لأحفادهم درساً في أهمية الماء وعلاقته بالحياة والنماء على حد سواء.. ليت الأحفاد يدركون أنه على مجاري هذا الوادي تمت حضارات وازدهرت مجتمعات وذلك لأنها كانت تقدس العمل وتدرك قيمة الوقت والأهم من ذلك أنها كانت تعتمد على ذاتها وتأكل من عمل يديها لا تركن إلى الآخرين وإلى ما يتم جلبه واستيراده من الخارج.
قصر أو معبد قديم
يعد وادي بنا من أشهر أودية اليمن وأكثرها خصوبة وبحسب بعض المصادر فقد ورد ذكره في نقوش يمنية قديمة ففي أحد النقوش القتبانية ورد اسم بنا بمعنى القصر أو المعبد والذي ينسب الوادي إليه فـ “ بنا “ إذا هو اسم لقصر أو معبد قديم كان قائماً هنا ذات يوم وارتبط اسم الوادي به بحيث صار الوادي يعرف باسم وادي بنا أي وادي القصر أو المعبد غير أن المصادر لم تبنٍ صفة هذا القصر أو المعبد ولا الذي بناه أو السبب الذي من أجله الحق به هذا الوادي .. كما ورد أيضاً اسم بنا ينسب إلى بنا ابن حصبان ابن حذيفة بن حجير بن قاول الذي سكن الوادي من بين أخوته وأبناء عمومته فيما يشير آخرون إلى أن بنا هي قرية كانت قائمة على مجرى هذا الوادي بحيث صار اسمها يطلق بعد ذلك على الوادي بمختلف مناطقه وقراه.
روافد وأودية
تبدأ رحلة مياه وادي بنا من أعالي قرى مديرية السدة إحدى مديريات محافظة إب وربما يكون لاسم “ السدة “ علاقة من نوع ما بمنابع مياه الوادي وما تمثله المنطقة من مخزون استراتيجي وتشكيلة طبيعية بإمكانها حجز المياه أو سدها أو منع جريانها أو ربما كان قائماً هنا ذات يوم سداً شهيراً أو منيعاً ما جعل مديرية السدة كلها تنسب إليه وتسمى باسمه.. المياه المتدفقة من منابع الوادي تجري عذبة رقراقة وعلى امتداد الوادي ثمة مجار وروافد ومصبات ترفد الوادي بالمزيد من المياه الجارية والسيول المتدفقة كمياه وادي المسقاه ومياه وادي الأغبري وسيل حفزان والبتري بالمصنعة والأشماخ وسيل الأعور في مديرية النادرة وسائلة ذي أشرع من الرضمة وهكذا استمر الوادي بالجريان والامتداد وتتزايد الروافد والأودية إلى بنية المرتبطة به حتى يصل إلى منطقة دمت في محافظة الضالع ثم إلى محافظة أبين وهناك يلتقي وادي بنا بوادي تبن مشكلاً دلتا أبين ومنتهيا به المطاف في بحر أبين.
رجولة وعطاء
علاقة الماء بالتراب قوية جداً ومثمرة جداً على طول وعرض وادي بنا فالأراضي الزراعية الخصبة هي الوجه الأكثر بهاءً أو اخضراراً وعطاءً ما جعل الحياة هنا مكتسية بالخضرة الدائمة أغلب أيام العام والمحاصيل هنا متنوعة ومتعددة، وبحسب ما يذهب إليه البعض فإن الزراعة وفلاحة الأرض التي تعد المهنة الأساسية للسكان هي الرامز هنا للرجولة ولما يتمتع به إنسان الوادي من إرادة وعزيمة مكنته من ترويض الوديان والمرتفعات واستغلالها على الوجه الأمثل وربما انعكس ذلك على حياة الناس وسلوكياتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعاملاتهم اليومية ونظرتهم للحياة وتقديسهم لها فقد تعلموا من أمهم الأرض معاني البذل والعطاء وانتظار الأجمل والأفضل فهم ينامون ويصحون على أمل بقابل الأيام وبما تحمله من هبات وعطايا كيف لا وهم يقفون على خزائن الأرض التي سرعان ما تمتلئ كلما أخذوا منها.. الأرض هنا هي أم رؤومة رؤوفة رحيمة بالإنسان والحيوان والطير والنبات وكل ما يحط عليها أو يدب على ظهرها فإلى جانب المحاصيل الزراعية هناك أشجار كثيفة ومتعددة يصل أعمار بعضها إلى أكثر من مائتي عام وهناك أيضاً النباتات الزهرية والعطرية وأشكال متعددة أخرى من الحياة النباتية إلى جانب الثروة الحيوانية الهائلة التي إذا ما أعطيت مزيداً من الاهتمام يمكن أن تسد احتياجات أسواق محلية عديدة وتوفر المزيد من الدخل لكبار المزارعين والعاملين في مجال الفلاحة وتربية المواشي ولأن المنطقة غنية بالأشجار والنباتات فإن التوسع في تربية النحل يصبح هو الآخر عنواناً بارزاً من عناوين عطاءات هذا الوادي وخزائنه الكثيرة والمترفة.
شلالات
الماء هنا سيد المكان بلا منازع وهو يعبر عن نفسه بصور شتى وتجليات عديدة فأحياناً ينبع من أعماق الأرض وأحياناً يندفع من أعالي الجبال لكنه في الأحوال محافظ على رباطة جأشه ولا يغضب إلا نادراً.. الشلالات الموجودة هنا تضفي على الأشياء روعة وجمالاً.. إنها تأخذ بيد الواحد إلى آفاق أرحب وأجمل تحت ميازيبها تغتسل الأرواح المتعبة وتطمئن الأنفس القلقة وتقر الأعين الهاربة من كل ما حولها.. على إيقاعات الطبيعة وجمالياتها تطوى الآهات وتنطلق الأمنيات.. هنا فقط يمكن للمتأمل أن يعانق قطرات الماء ويداعب نسمات الهواء غير عابث بأحد أو ملتفت إلى آخر.. على ارتفاع عشرات الأمتار تندفع المياه كأنها خصلات شعر حوريات.. على ارتفاع عشرات الأمتار تنسكب المعاني والنغمات وصور الجمال وكأن الشلالات جيتارات طبيعية أو قصائد شعر معلقة.
هنا في عزلة الأعماس بمديرية السدة وعلى ارتفاع عشرات الأمتار يلزم القول إن الحياة حلوة وعذبة وجميلة وأجمل ما فيها تلك اللحظات التي تشعر فيها أن أعماقنا طاهرة طهارة الماء ونقية نقاوة الهواء وأن مشاعرنا لا تختلف كثيراً عن مثل هكذا شلالات تتدفق بغزارة وأريحية.
وقفة
العديد من السياح المحليين والأجانب يأتون إلى مواقع الشلالات وغيرها من أماكن الجذب السياحي لكني على ثقة أن وضع مجموعة من اللمسات على مساقط الشلالات والمناطق القريبة منها والمطلة عليها وتوفير سبل الراحة والمتعة سيحول المنطقة إلى مزار حقيقي وبخاصة إذا ما أدركنا أن الرهان هنا يقوم على عامل الطبيعة واخضرارها باعتباره عامل الحسم والحصان الكاسب في سباق المتعة والإدهاش.
حين يغضب الوادي
الوديان أيضاً تغضب وتهيج ولا أدل على ذلك من شراسة السيول الجارفة التي تملأ وادي بنا عن آخره أيام سقوط الأمطار وتأخذ في طريقها كل شيء.. الأراضي الزراعية الناس، المنازل الحيوانات، الأشجار، السيارات بعض سائقي السيارات والشاحنات يواجهون الأمرين وهم يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى البعض يندفع في خضم المياه المتدفقة غير عابئ بالأخطار وحين يتوفق في العبور إلى الطرف الآخر تلمح في عينيه فرحاً هائلاً وسعادة غامرة وكأنه دخل لتوه قائمة جنيس للأرقام القياسية أو أحرز هدف الفوز في نهائيات كأس العالم.. إنه شعور فريد لكنه لا يمحو الصورة القائمة التي تحول الوادي في ساعة غضب من أرجوحة للحياة إلى مقصلة للموت.. إنها مأساة حقيقية كما يراها نبيل أحمد الجلوب “مدرس” من أبناء المقالح والجلوب حيث تغمر المياه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية وتجرفها في طريقها مصيبة الأهالي بخيبة أمل كبرى وتاركة جرحاً عميق في نفوس الناس وفي جنبات الأرض التي يذهب بعضها سدى لا لشيء إلا لأن الجهات ذات العلاقة لا تولي مجاري السيول الاهتمام الكافي ولا تضع في الحسبان ما يجنب الناس مثل هكذا ويلات.
أسف
الجلوب كغيره من أبناء المنطقة يتساءل أيضاً عن كميات المياه الهائلة التي تذهب هدراً والتي لا يتم الاستفادة منها فبعض مناطق الوادي التي تمتلئ بمياه السيول صيفاً تعيش شتاءً حالة من الجفاف كان يمكن تفاديها لو تم خزن المياه للاستفادة منها في غير مواسم هطول الأمطار فالماء هو الماء منذ أقدم العصور لكن نظرة الناس وأساليبهم هي التي تغيرت في التعامل مع مياه الوديان فالقدماء كانوا حريصين على بناء وتشييد السدود لتوفير كامل احتياجاتهم من الماء على مدار العام أما هذه الأيام فالناس مشغولون بأطماعهم ولا توجهات حكومية لعمل سدود حقيقية ترفد الزراعة وتوسع نطاق الإنتاج وتنقذ المنطقة ومحافظة إب من الموت عطشاً.
مشكلة المشاكل
مشكلة أخرى يعاني منها وادي بنا إن لم تكن أعقد المشاكل وأخطرها إنها مشكلة المخلفات التي يتم القاؤها وبكميات كبيرة في مجرى الوادي إلى جانب ما يرد على امتداد الوادي من مياه الصرف الصحي للكثير من القرى والتجمعات ما يهدد بحسب الدكتور عبدالله الحكيم «اكاديمي» تمويل الوادي إلى مكب نفايات ومخلفات تنذر بوقوع كارثة بيئية ويتفشى العديد من الأمراض والأوبئة ناهيك أن مثل هكذا حالاً لا ينم عن واقع حضاري وتصرف مسئول.. أنها مشكلة حقيقية تحتاج إلى جهود الجميع ليتجاوزها والإبقاء على الوادي نظيفاً وجميلاً ومصدراً من مصادر الروعة والإلهام.

الضالع نيوز - متابعات قالت صحيفة العربية الإماراتية ان محافظة مارب ستكون البديل عن العاصمة المؤقتة عدن لقيادة المجلس الرئاسي عقب تنامي الخلافات مع المجلس الانتقالي . وأكدت الصحيفة تنامي الخلافات بين قيادة المجلس الانتقالي وقيادة الحكومة الشرعية والمجلس الرئاسي في اليمن. الصحيفة قالت في عددها تتمة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟

الإسم:

البريد الإلكتروني :

العنوان :

نص التعليق :
*

مساحة إعلانية

فيس بوك

تويتر

إختيارات القراء

إختيارات القراء

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات

لا توجد مشاهدة

لا توجد تعليقات