قرار مجلس الأمن الدولي الذي صدر اليوم، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، هب كنسمة منعشة على صعيد جاف، بمجمل التدابير التي اعتمدها، والتوصيات التي تضمنها، وربما ليس هناك أقسى بما في هذا القرار إلا أنه اتخذ تحت الفصل السابع، وهذا إجراء ضرورية لتدارك الموقف الخطر الذي تمر به البلاد، وفي ظل ما ظهر من إصرار لدى بعض الأطراف على جر اليمن إلى مستنقع الصراع والفوضى والدماء.
هذا القرار يتفق في مضمامينه مع ما جات به (4) قرارات سابقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن، اثنين منها، عام 1994، واثنين عامي 2011، و2012، في أنه أكد الحرص على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.. وضمن استمرار دعم المجتمع الدولي لإرساء السلام وإنجاز عملية التسوية السياسية، وحرصَ على حفظ كرامة الإنسان المهدرة في هذا البلد بتشديده على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق..
هذا القرار لا ينتهك السيادة اليمنية، أبداً، إنه فقط يحاصر الأشرار الذين يعملون كل ما بوسعهم لإبقاء البلاد رهن مشاريعهم الصغيرة المدمرة .. والدليل على ذلك الإجراءات المتخذة بشأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.. وحرصه على إدارة بقايا الأسلحة والمتفجرات، والسيطرة عليها.
هذا القرار، أظهر مجلس الأمن كأبٍ حنونٍ يحرص على إصلاح شأن أحد أولاده، وهذا يتضح من خلال حرصه التام على طي صفحة الماضي، وتأسيس دولة الحكم الرشيد، وتجويد معايير وشروط تولي السلطة في البلاد، ذلك بتأكيد على الشروط التي أقرها فريق الحكم الرشيد المنبثق عن مؤتمر الحوار الوطني. المجلس ضمن لليمنيين طريقاً واضحاً لا لبس فيه ولا يحتمل أي تأويل لتحقيق الانتقال بالبلاد إلى مرحلة الدولة الاتحادية، وإجراء الانتخابات الرئاسية في الوقت المناسب، وإقرار ما اعتمده مؤتمر الحوار الوطني بشأن تفويض هادي لإنجاز استحقاقات المرحلة التأسيسية، وانتهاء ولايته بانتهاء استحقاقات هذه المرحلة..
بل أنه أعطانا جرعة كبيرة في الأخلاق، بحرصه على منع انتهاكات حقوق الأطفال، بعد تقارير عن تجنيد هؤلاء الأطفال وإقحامهم في النزاعات المسلحة.. هذا القرار لم يضع- كما ذهب البعض- سماء وماء وتراب اليمن، رهن إرادة مجلس الأمن والمجتمع الدولي، يتصرف فيها كيف يشاء، بل فوض اليمنيين أنفسهم لإنجاز التزاماتهم المقررة بموجب اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، مع ضمانة ودعم دوليين كبيرين.